كل الظروف مساء أمس بالجزائر العاصمة، كانت مهيأة لانطلاق احتفالات كبيرة، لكن الأمر تأجل عندما نجح اللاعب المصري حسني عبد ربه في إحياء آمال المصريين بالعودة من زامبيا بنقاط اللقاء التي أبقت على عنصر التشويق إلى المقابلة الأخيرة في الشهر المقبل بالقاهرة··· شهدت العاصمة حالة من خفة زحمة المرور شبه نادرة، فكان بإمكان أصحاب السيارات التجول براحة تامة، فزيادة على أن أنه يوم عطلة أسبوعية، فقد ساعد اهتمام قطاعات واسعة من الناس بمباراة زامبيا - مصر كثيرا على ذلك، وبدأت حالة الترقب الحذر تأخذ ذروتها منذ الصباح، رغم أن الكثير من الأماكن والمحلات بدأت تتزين بأعلام وطنية عملاقة، وفي شارع بيردو بوسط العاصمة الذي يربط بين ديدوش مراد وشارع كريم بلقاسم (تليملي) كان طفل في العاشرة من عمره تقريبا يرتدي زي اللاعب الفرنسي السابق من أصول جزائرية زين الدين زيدان وهو في حالة حيوية كبيرة، كأنه معني بشكل مباشرة بما يحدث في زامبيا وما سيحدث بعد ذلك في ملعب تشاكير بالبليدة، ومع الصمت الحذر الذي ساد العاصمة الجزائرية قبيل مباراة زامبيا - مصر أمس، جاء من يحاول كسر ذلك الروتين بشارع كريم بلقاسم بأعالي العاصمة، وهو صاحب سيارة خاصة كان يحمل العلم الوطني، وهو يحاول صنع الفرجة والفرحة وكأنه مطمئن لمرور ''الخضر'' إلى جنوب إفريقيا قبل الأوان، وغير بعيد عنه وفي أمكان مختلفة من المدينة كانت الكثير من الألواح الإشهارية لمختلف الشركات الاقتصادية، تشير إلى تشجيها للمنتخب الجزائري بعبارات ملفتة للانتباه، وازدادت حالة الترقب والصمت مع اقتراب ساعة انطلاق لقاء مصر - زامبيا الذي تنقله بعض القنوات الرياضية المشفرة، ولا يكسر هذا الصمت إلا مظاهر الأعلام الوطنية الجزائرية في أمكان متفرقة، وفي حي دالي إبراهيم غير بعيد عن مقرة الفدرالية الجزائرية لكرة القدم وملعب 5 جويلية، كان أحد الباعة الفوضويين يصنع الحدث بطريقته الخاصة، فعلى قارعة الطريق كان يبيع الأعلام الجزائرية المختلفة الأحجام بأسعار تتراوح بين 150 دينار و850 دينار للعلم الوحد، إضافة إلى قبعات عادية ومظلات تشبه ''السومبريرو'' المكسيكي، والكثير من الشارات الاخرى، وكانت حركة الزبائن أمامه معتبرة، والكل يأمل في بداية مبكرة للاحتفالات بفوز المنتخب الجزائري بتأشيرة الذهاب إلى المونديال بعد 24 سنة من الغياب··· تجاوزت الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي للجزائر، وبدأت مباراة مصر - زمبيا، وكانت الأصداء الأولية تبين سيطرة واضحة للمنتخب الزامبي مع أمل كبير في إنهاء حالة الترقب القاتل، وفي نهج لوني أرزقي بباب الوادي، كان أحد المقاهي ممتلئا عن آخره بالزبائن وهم يشاهدون المباراة على إحدى قنوات شبكة الجزيرة الرياضية، والكل يشجع المنتخب الزامبي، وكأن أفراد المنتخب الجزائري هم من يخوضون تلك المباراة، وعندما انتهى الشوط الأول بنتيجة سلبية ارتفعت المعنويات أكثر والكل يتمنى أن تفوز زامبيا أو على الأقل تنتهي المباراة مثلما بدأت، وفي ذات الحي الشعبي وفي مقهى رميلة الذي يسمى هناك ''قهوة عمي الحسين''، كانت الجماهير الجزائرية على أعصابها والمقهى على صغره ممتلئا عن آخره بالناس ولا يمكن لأحد المرور إلى الداخل، وكان البعض مضطرا لمشاهدة جزء صغير من الشاشة مع تلك الزحمة، ويستمر الترقب عند مغادرة المكان في انتظار النهاية التي طالت أكثر مما يجب والزمن النفسي لها في تمدد كبير، لكن جاء من يقتطع حالة الترقب، وهو شرطي مرور كان يكلم صاحبه ويخبره أن المنتخب المصري تمكن من تسجيل الهدف الذي ينعش آماله في التأهل إلى المونديال، وهو الخبر الذي لم يصدقه من سمعه أول مرة ثم تأكد بعد ذلك من مصادر مختلفة، وأثناء العودة إلى متابعة المباراة من إحدى البيتزيرات التي تحتوي على شاشة بلازما، كان الزبائن يأكلون وجبات سريعة والكثير منهم يبدو أنه فقد الامل في بداية الاحتفالات قبل الأوان، وعندما صفر الحكم نهاية المباراة ازدادت حالة ''السيسبانس'' أكثر والكل غرق في الحسابات الرياضية، وبعض الناس يترقبون مبارة اليوم، والكثير منهم يترقب مباراة المنتخب الجزائر ونظيره المصري التي ستحسم الورقة عند نهايتها في القاهرة·