قال رضا مالك المجاهد ورئيس الحكومة الأسبق، إن المناضل الطبيب فرانس فانون كان مناصرا لأفكار جبهة التحرير الوطني المتمثلة في اعتماد الكفاح المسلح لإخراج فرنسا من الجزائر. كما انتقد فانون، حسب مالك، دعاة الاندماج أو أصحاب الحل السياسي أو غيره، وذلك عملا بفكرة “العنف الثوري" التي طورها فانون بفضل انخراطه التام في مسار الثورة الجزائرية. إحتضنت جريدة “المجاهد"، صبيحة أمس الأربعاء، لقاءً تاريخيا بمناسبة الذكرى ال 51 لرحيل المناضل والمجاهد فرانس فانون المصادف للسادس ديسمبر 1961، تاريخ وفاته بعد معاناة طويلة مع سرطان الدم. وبدعوة من جمعية “مشعل الشهيد" تحدث رضا مالك عن معرفته بالرجل، وقال إنه مثقف ومفكر وطبيب انتمى إلى تيار الزنوجية، وأعلن معارضته للأفارقة المنتسبين إلى فرنسا عن طريق الجنسية أو اللغة أو غيرها من المظاهر، كما كان شأن سنغور. فقد آمن فانون - يضيف مالك - بأن الاستقلال لا يأتي بالكلام، بل بأساليب تفهمها الدولة الاستعمارية ذاتها، بصفته المصدر الأول للعنف. وقد اضطر الطبيب المناضل إلى الاستقلال بأفكاره والابتعاد عن دوائر فكرية بعينها، كانت تنشط ضمن مجلة “بريزانس أفريكان" السينغالية. أوضح رضا مالك، أن فانون “أعجب كثيرا بصرامة وتنظيم الثورة الجزائرية"، واعتبرها التعبير المباشر لفكرته حول “العنف الثوري" التي تطورت فيما بعد مخالطته للثوار وأبرز القادة الذين اهتموا بثقافته وعلمه، وجعلوه مقربا منهم، يقدم محاضرات أمامهم على غرار هواري بومدين الذي كان “معجبا" بأفكاره، وفق المتحدث ذاته. ليضيف لاحقا: “أخذ فانون الكثير من الثورة الجزائرية، إذ توفرت بين يديه مادة للدراسة، والمعايشة الفعلية، وقد سجل تطور المجتمع الجزائري في كنف المستعمر، ولاحظ التطورات التي أحدثها الوعي الثوري لدى الجزائريين، وتنبه مثلا إلى التزايد باهتمامهم بوسائل الإعلام في 56 خاصة بجهاز الراديو من خلال ارتفاع نسبة اقتنائه، مكانة المرأة وتحررها من خلال تحركها كمجاهدة وفدائية، وأيضا استجابة الجزائري البسيط مع الطب بعد ما كان يقاطع التداوي عند الفرنسيين". وقد أكد المؤرخ زهير إحدادن، من جهته، كلام مالك، بالقول: “فعلا الثورة هي التي أثرت في أفكار فانون وليس العكس، ولا بد أن يتم دراسة أعماله من هذا المنظور وليس غيره". سجل ابن جزر المارتنيك، في نظر المسؤول الحكومي الأسبق، موقفا صريحا مع جبهة التحرير الوطني، وخيارها الكفاح المسلح، مناقشا الأطراف الداعية إلى أسلوب آخر غير البندقية، من منطلق فكرته أن العنف هو بمثابة “قوة تطهيرية" تحرر الشباب المقهور من “عقدة النقص، واليأس، والعجز عن الفعل"، فتشد عزائمهم وترد لهم احترام الذات. وعلى أساس أن الدولة الكلونيالية تخفي إنسانية الإنسان المقهور والمستعمر وتلجأ إلى شتى الوسائل لإهانته واستعباده، وبالتالي فلا يمكن القضاء على هذه الدولة إلا عن طريق العنف، فهو عنف مطلق ضد استعمار مطلق. للإشارة، توفي فانون مبكرا لم يتجاوز سنه 36 عاما، بعد معاناة مع المرض، نقل على إثره إلى موسكو ثم الولاياتالمتحدةالأمريكية، بأمر من الحكومة المؤقتة آنذاك.