شهدت تأبينية، عبد الرزاق بوحارة، أمس، نجاحا كبيرا من حيث جمع عدد كبير من رفقاء المرحوم ومعارفه ومن أعضاء اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني، سواء الذين كانوا مع بلخادم أو ضده، وهي الصورة التي أكدت أن بوحارة كان قاب قوسين أو أدنى ليكون رجل إجماع لولا أن خطفه الموت من الأفلان الذي عاش ومات فيه. التأبينية كانت من تنظيم محافظة حسين داي، بقاعة الموڤار، تضمن برنامجها عرض مصور عن مسيرة الراحل عبد الرزاق بوحارة، وتكريم لأفراد من عائلته عرفانا بنضاله وخصاله وتضحياته، فشهادات رفقاء وأصدقاء الفقيد. ولم تخل المناسبة من تواصل الحراك والكولسة لجس نبض التيارات داخل جبهة التحرير الوطني والتوجهات القائمة لإعمار المنصب الشاغر بالأمانة العامة للحزب، حيث حاول كل من خصوم بلخادم التقليديين والجدد وأنصاره، على السواء، جس نبض بعضهم البعض، ومعرفة آخر المستجدات وتبادل الأخبار واستقطاب الأصوات، إلا أن كل ذلك تم لصالح تجمعات من أعضاء اللجنة المركزية وليس لصالح شخص ما، حتى ولو أظهر عمار سعيداني، أمس، نفسه بشكل مفضوح للصحافة في محاولة لتسويق شخصه، عكس الأيام الماضية التي كان يرفض فيها الحديث مع رجال الإعلام حول وضعية الحزب. عمار سعيداني، لم يستقطب الكثير من أعضاء اللجنة المركزية للالتفاف حوله، بل بدوا أنهم يتجنبوه، إلا من اضطر لإلقاء التحية عليه أو من لا يجد حرجا في دعمه علنية كخليفة للأمين العام، وبدا عكس الصورة التي تداولتها العناوين الإعلامية في المدة الأخيرة، بأنه أقوى مرشح بعد رحيل عبد الرزاق بوحارة، وكل ما حظي به الرجل كانت ميكروفونات الإعلاميين ومسجلاتهم لفهم موقفه الحقيقي من مسألة ترشحه، فما كان أمامه إلا أن “كذب مسألة الدعم الغالب" التي قيل أنه يحظى بها وسط أعضاء اللجنة المركزية، معتبرا في تصريح مسجل ل “الجزائر نيوز"، بأنه لن يتقدم للترشح ما لم يقدمه لذلك أعضاء اللجنة المركزية، مؤكدا أنه لم ولن يسعى للتواصل في هذا الشأن مع رئيس الحزب، لقناعته بأن الوصول إلى الأمانة العامة قضية احترام تام للقدسية القانونية للجنة المركزية وليس شيئا آخر، معتبرا أن الأمين العام القادم “لابد أن يكون رجل إجماع". هذا وتباينت مواقف العديد من الشخصيات، على هامش التأبينية، إزاء خليفة بلخادم الذي غاب عن المناسبة وغاب معه المنسق الحالي، عبد الرحمان بلعياط، وصديقيهما عبد القادر زحالي والعياشي دعدوعة، مثلهم مثل الوزراء الغاضبين الأربعة المنقلبين على بلخادم. وقال الهادي خالدي، إنه لا يعارض سعيداني كأمين عام “مرحبا به إذا استطاع تحصيل إجماع اللجنة المركزية"، وقال الطيب الهواري، رئيس المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء، إن “هناك منسقا يعمل مع مكتب سياسي لا ينبغي التأثير عليهما والرأي مطلوب للإدلاء به في اجتماع دورة اللجنة المركزية وليس خارجها"، واستغرب من جهته عبد الرشيد بوكرزازة، الوزير الأسبق وعضو اللجنة المركزية الحديث، عن إجماع حول شخصية أو شخصيتين بعينهما، دون اجتماع اللجنة المركزية. وظهر قاسة عيسي، في تصريحه، أنه لم يعد رجل لديه ما يخسره، حاليا، وقال بالفم المليان “والله لن يحدد الأمين العام القادم أية جهة سوى الصندوق"، وهو الرأي الذي بدا أنه مُتبنى عند غالبية الذين التقيناهم من أعضاء اللجنة المركزية، حيث يعتزم عدد من الأعضاء ترشيح أنفسهم بعد رحيل بوحارة في غياب رجل إجماع، حاليا، يستجيب لشروط “الكفاءة ونظافة التاريخ والنضال والجيب".