لا يُنتظر غير النجاح من زيارة العمل التي سيقوم بها الوزير الأول عبد المالك سلال إلى بشار السبت القادم، إذ من المرتقب أن يعلن قائد “الحكومة التكنوقراطية" عن إجراءات ورسائل من شأنها خفض مستوى التوتر الحاصل بالجنوب بسبب المواجهات الشبانية مع مصالح الأمن على خلفية البطالة، رغم أن “سياسة التنازل وليّ الذراع" أضحت لا تروق لكثير من المسؤولين في أعلى هرم السلطة. قالت مصادر مسؤولة ل"الجزائر نيوز" إن هناك امتعاضا شديدا لدى بعض المسؤولين في السلطة جراء ثقافة التنازلات التي أصبحت تعمد إليها الدولة كلما خرجت شلة من المحتجين للحرق والتخريب، وهو ما يسيء كثيرا لهيبة الدولة ويقلل من مصداقيتها". بالمقابل يقول المصدر أنه “على كافة المسؤولين مصارحة المواطنين بواقعية وبأنه لا يمكن أن تعمل الدولة تحت ضغط لاتخاذ تدابير تشجع على الطابع الظرفي، بينما هناك ورشات عمل مفتوحة تبحث عن حلول مستدامة في المجالات الحساسة التي لها علاقة مباشرة بالحياة الاجتماعية والاقتصادية المباشرة واليومية للمواطنين". وتضيف مصادرنا أنه يتعين فوريا إجراء دراسات إحصائية وسوسيولوجية لمعرفة الخزان العلمي للموارد البشرية في المنطقة، وإن كانت هناك منطقية في الطلبات. أما من الناحية السوسيولوجية فترمي الدراسات الواجب إنجازها إلى معرفة الارتباط والامتدادات القبلية والولاءات السياسية لعناصر التأثير الاجتماعي من أفراد وجماعات في المنطقة"، إذ يُعتقد أنه يمكن لما يحدث على حدود البلاد أن يكون مرتبطا برياح التأثير الإيديولوجي أو السياسي، خاصة أن الاعتداءات الإرهابية الأخيرة على مطار جانت ومواقع أمنية بورڤلة وتمنراست وإليزي، أبرزت أن استثناءات من أبناء هذه المناطق قد تم استغلالهم بشكل أثر على المناخ الأمني والاستقرار في الجنوب الجزائري. في خضم هذه التناقضات غير المعلنة الحاصلة داخل السلطة، سيتنقل الوزير عبد المالك سلال إلى أحد أهم ولايات الجنوب الواقعة على الحدود مع المغرب، إذ ستكون زيارته إلى بشار زيارة فك الألغام التي زرعتها احتجاجات شبان الجنوب، خاصة بورڤلة، بسبب البطالة. ومن الطبيعي أن لا تكون المنشآت الجديدة التي سيدشنها الوزير الأول أو تلك التي سُيعطي إشارة انطلاقتها، هي أهم ما تتضمنه الزيارة، بل ستكون كل الآذان والأذهان مشدودة إلى ما سُيعلنه الوزير الأول من إجراءات لخفض التوترات، ضمن مخطط استعجالي للتشغيل كان قد أعلن عن بعض تفاصيله وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية، كأن يمر التوظيف بالمؤسسات العمومية مستقبلا بوكالات التشغيل التابعة للدولة، وأن تمنح الشركات الأجنبية الأولوية في التوظيف إلى أبناء المنطقة الجنوبية من البلاد، وألا تلجأ إلى توظيف من خارج الولاية إلا إذا لمست انعداما كليا لليد العاملة المؤهلة المطلوبة. كما يُنتظر أن يعلن الوزير الأول إجراءات لتسهيل الحصول على تمويل مشاريع صغيرة ومتوسطة من البنوك، وتذليل ملفات هذه الطلبات على مستوى الإدارة، في إشارة إلى تخفيف عبء الوثائق الإدارية. لكن كل الرهان سيكون في مدى استساغة الرأي العام بالجنوب لهذه الإجراءات المزمع إعلانها، والاقتناع بها. وستكون مهمة الوزير الأول صعبة بالنظر إلى عدم بروز العمل البالغ على الأرض لنواب الشعب في مناطق الجنوب مقارنة بما يحدث الآن، إذ يُستهلك المجهود حول هذه المسألة في تشخيص الأوضاع وتحميل المسؤوليات، بدل توفير الجهد في حماية البلد من انزلاق لم يحدث بالشمال طيلة سنوات من المحاولات، بينما يظهر وشيك الوقوع في أولى المحاولات بالجنوب. وستكون زيارة بشار وولايات أخرى بالنسبة لسلال معيارا ومؤشرا حقيقيا عن مستقبله السياسي في إطار مهمته كرجل دولة جدير بمناصب رفيعة.