ألقيت كلمة أمام جثمان الفقيد “مصطفى تومي"، استعدت خلالها مناقبه الكثيرة؟ لا تسعني الكلمات للترحم على الفنان مصطفى تومي كمال، وهو اسمه الكامل، لأنه شخصية وطنية تحمل لوحدها تاريخ الجزائر القديم والحديث، أعتقد أنه علينا أن نعيد قراءة سيرته الذاتية لنتعلم منه كيف عاش جيله مع مختلف المحطات التاريخية للبلاد. هل كانت تربطك علاقة خاصة بالمرحوم؟ أحببته منذ الصغر، وتربيت على أعماله الباعرة، هو ابن القصبة الحي الشعبي الذي ظل وفيا له، تعلم منه كثيرا، وكوني ابن “أدين" للقصبة أيضا بكثير من الجمال، أجدني في علاقة قريبة مع مصطفى تومي، بل أنظر إليه بمثابة الشاعر الكبير الذي أقتدي به في مسيرتي كفنان. هل تعتقد أنه رحل مرتاحا حيال اعتراف الآخر به؟ أعتقد أن المرحوم اكتسب مكانة في قلوب الجزائريين، لا يمكن زعزعتها، واسمه في سجل الثقافة محفور بأحرف من ذهب، شاء من شاء وكره من كره. إلا أنه رغم عطائه اللامحدود للجزائر “داروا فيه الشر"، وظل بعيدا عن الأضواء، لم يُستغل كمثقف واسع المعرفة والدراسات. من تقصد ب “داروا فيه الشر"؟ الحكومة طبعا، التي تنكرت لمسيرته الثرية كشاعر وتشكيلي ومجاهد وكاتب... كان عفيفا بدليل أنه أنهى حياته في سكن اجتماعي بحي الموز، فيما كان يمكن أن يعيش مرتاحا لنتمتع بإبداعاته دوما. بعيدا عن الوضع الاجتماعي للفنانين الذي لا يختلف عن حالة الشعب، فقدنا، اليوم، قلما لا يعوض؟ كشخصية ثقافية أظن أن ثمة أطراف لم تتحمل المكانة الخاصة التي كان يتمتع بها مصطفى تومي عند “الكاردينال"، بل حاول البعض الإساءة إليه من خلال نفي تأليفه لقصيدة “سبحان الله يا لطيف" والادعاء أنها لمصطفى بن ابراهيم، وهو ما ركزت عليه في كلمتي القصيرة بهذه المناسبة الأليمة.