إلى الأطفال المضطهدين في زمن الحرب 1 لا يُصَدق ما يقوله النهار، ولا يُكذب ما يخفيه الليل، هكذا فقط يمكنه أن يؤسس لحساب تقويم إنسانه. 2 كان يعرف جيدا بأن المفتاح الذي يفتح زنزاناتهم، هو أكبر حجما من السجن كله، لذلك لم يأبه بما سموه له قيدا، هو الذي كان يرى الأفق جدارا، والسماء سقفا من صفيح. 3 ما زال يدندن كلما زاره طيف إنسانه: هناك في الجنة هناك، ألف *ديكارت* يعلمون المؤمنين تسلق شجرة الشك، ليطعموهم من طيب ثمارها فراغا شهيا مكورا، ...فراغا لا عينٌ رأته... 4 يعلو الصوت أكثر: وفي الجحيم كذلك ألف *ديكارت*، لكن الفرق بين ديكارت الأول والثاني، هو كالفرق بين قتلة الأطفال وبين أمهات هؤلاء الأطفال. 5 يناديه المنطق من مكان قصيٍّ عَليٍّ، واثقا: لا أحد سمع الأرض يوما متأوهة وهي تُشَق لتحرث، لا أحد سمع السماء تئن وهي تنزفُ مطرا، ويبكي الإنسان الذي تُشق الأرض من أجله، وتمطر السماء، ألأنه من ماء وطين؟ 6 يصير الإنسان عاليا بقامة السماء وحكيما كهدأة الأرض، لما يكف عن اليقين، وعن الشك أيضا. 7 لا فرق بين طفلٍ وطفل، ينبغي أن يحصل طفل الشياطين على الحقوق نفسها التي يحوزها طفل الملائكة، فالشيطان لم يولد شيطانا، ثم أليس التشيطن أصله خلق الإنسان، هكذا سيصعد آدم *الإنسان* مرة أخرى إلى الجنة، وأعدكم بأنه لن يهبط منها ثانية. 8 يمر الإنسان إلى الإنسان ببطءٍ عبر الجسر الطويل المظلم، الممتد بين قلبه وعقله، متأرجحا دائخا مرتبكا، ويمرق إلى غير الله سالكا الكهف البهيج المنير الغائر من بطنه نحو فرجه تملأه اللذات واليقينيات. 9 نحتاج إلى أكثر من شمس لنفضح ما يخفيه النهار عنا، أما الليل فيكفيك أن توقد قنديلا لتجعله يفصح عن كل أقواله. 10 كلمات الليل كلها مجتمعة، لا تتعدى سطرا واحدا في كتاب الإنسان، فالليل تابوت أسود يغلق ويفتح على النور، وليس خنجرا ولا موتا. 11 ضوء أسود، وليل شفاف، وأفعى بألوان قوس قزح، وآلهة فقيرة تتسول معابدا وشموعا وعبيدا، تكاد السماء تموت لتسقط على رؤوسنا جثة هامدة، أتساءل هل تمرد ظهر المنطق على سوط الوجود أخيرا، هل ما يعيشه الإنسان اليوم هو إعادة، ومحض تسجيل تعيده سينما العبث على حائط الكارثة؟ هل مات الإنسان؟ 12 أيها الإنسان، اِرفع لهم مائدة من الأرض، هذا سيكفيك لتكون مسيح هذا الزمان، فالقوم لا يحتاجون مائدة من السماء صدقني، ولا إلى أنبياء جدد... 13 كن إنسانا فحسب، لتلقف عصيهم، وهراواتهم، وسكاكينهم، وسواطيرهم، وسجونهم، وطائراته وفحيح قلوبهم؟ 14 أهزُّ شجر الليل غصنا غصنا، فيساقط الكحل عن أهداب الحقيقة، آه أيتها الحقيقة الحسناء، التي تتزين بمساحيق أوجاعنا وأوهامنا، على أي سرير ستنامين الليلة، على أي سرير ستغتصبين؟ جامعة تيزي وزو.