عادت الأمراض الوبائية لتضع حدا لحياة الجزائريين، بعد أن ساد الاعتقاد أن هذه الأمراض التي ظهرت منذ عقود طويلة من الزمن قد اندثرت، بدليل تسجيل في ظرف أسبوع واحد وفاة شخصين بمستشفى الأمراض العقلية فرانز فانون بالبليدة، إلى جانب إصابة أكثر من 40 شخصا بحمى التيفوئيد بحد الصحاري في الجلفة. يتضح جليا من خلال تسجيل حالات الإصابة بالتيفوئيد المفضية إلى الموت، أن الأمراض الوبائية التي عُرفت قديما أضحت تشكل خطرا على حياة الجزائريين المعرضين للإصابة بأمراض الفقر من جديد، التي يتصدرها هذا المرض الوبائي إلى جانب السل والتهاب السحايا، علاوة عن الحمى القلاعية والكوليرا. وتفيد المعلومات المستقاة من مصادر محلية أنه تم تأكيد إصابة ثلاث حالات بهذا المرض الوبائي ببلدية حد الصحاري الواقعة بولاية الجلفة. كما تم نقل 5 حالات بدت عليها أعراض الإصابة بهذا المرض إلى مستشفى عين وسارة، ليرتفع بذلك عدد المصابين إلى 40 مصابا بحمى التيفوئيد ينحدر أغلبهم من حي أحمد زبانة، حسبما تداولته وسائل الإعلام، كما تم وضع 3 حالات منها تحت المراقبة الطبية. وتؤكد ذات المصادر المحلية أن أسباب الإصابة بهذا المرض الوبائي مرتبطة بتلوث المياه الصالحة للشرب بمياه قنوات الصرف، التي يعود وضعها حيز الخدمة منذ سنوات، وهذا ما يرشح اتساع رقعة انتشار هذا الوباء في حال عدم اتخاذ إجراءات وتدابير وقائية للحد من هذا الوباء الذي عاد ليضع حدا لحياة الجزائريين. إلى جانب ذلك أفضت الإصابة بهذا المرض الوبائي إلى وفاة مريضين بمستشفى الأمراض العقلية فرانز فانون بالبليدة، الذي تم تسجيل فيه إصابة 6 أشخاص بهذا الداء الذي بدأت تنتشر الإصابة به نهاية شهر ماي الماضي، ما تسبب في ارتفاع عدد المصابين به، الأمر الذي استدعى تحويلهم إلى مستشفى الأمراض المعدية ببوفاريك وإخضاعهم للتحاليل التي لم يستثن منها عمال هذه المؤسسة الصحية، حسب وسائل الإعلام. كما أن تسجيل مثل هذه الحالات يدفعنا إلى التساؤل عن سبب عودة هذه الأوبئة إلى الواجهة في بلد يخصص أموالا وإمكانيات ضخمة للنهوض بقطاع الصحة الذي يوصف بالمريض، ويعيد إلى الواجهة مواصفات المياه الصالحة للشرب، خاصة بالقرى والأرياف والأحياء القصديرية. والغريب في الأمر أن تحصد هذه الأمراض أرواح الجزائريين ونحن في القرن الواحد والعشرين، لاسيما أن انتشار مثل هذه الأمراض، حيث لا تكاد تمر سنة ولا تسجل فيها حالات إصابة بهذا المرض، وهذا ما يتضح جليا من خلال متابعة تطور انتشار هذا المرض الذي كان في أوج انتشاره في سنوات الستينيات والسبعينات. يحدث هذا في الوقت الذي تتباهي الوزارة الوصية التي عجزت عن الحد من هذا المرض بالتحول الوبائي، وتخطيها هذا النوع من الأمراض المرتبطة ارتباطا وثيقا بالفقر في ظل غياب بيئة صحية وتدابير وقائية تحول دون تسجيل مثل هذه الحالات وتفادي الأعباء والتكاليف المترتبة عن ذلك.