وقفتنا هذه لم تكن أبدا امتدادا لما يحدث في مصر من احتجاجات لحركة الإخوان المسلمين ولعدد من الأحزاب في بعض الدول العربية، فنحن كنا سننظم مثل هذه الوقفة حتى وإن حدث الانقلاب في أي بلد آخر غير مصر، وموقفنا لن يتغير وسيكون نفسه في حال حدوث أي انقلاب عسكري في أي بلد في العالم. ما نأسف له هو سياسة الكيل بمكيالين في الانقلابات العسكرية لأنه وقع اتفاق إفريقي، في إطار الاتحاد الإفريقي في قمته الإفريقية المنعقدة في الجزائر سنة 2000، على معارضته لأي انقلابات عسكرية في الدول الإفريقية، لكنه في المقابل لم يدن الانقلاب العسكري الذي تعرض له الشعب المصري وشرعيته التي اُغتصبت. ونحن كحزب سياسي يولي اهتماما بالغ الأهمية لمسألة حقوق الإنسان والديمقراطية، نتأسف لعملية اجهاض الديمقراطية التي تعرضت لها مصر، والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هل قدر للشعوب العربية أن يحكم عليها بالمؤبد بأن يحكمها العسكر؟ لاسيما وأن العالم كله شهد على أن مرسي وصل إلى الحكم عن طريق انتخابات نزيهة، ونحن مع كل من ينتخب بطريقة ديمقراطية ونريد أن نقول إننا كجزائريين عانينا مما عشناه ولا نريد للشعب المصري أن يعيش نفس التجربة، ومن هذا الباب نظمنا هذه الوقفة جهرا وليس سرا، ولا أظن أن مثل هذه الوقفات قد تضر بالنظام الجزائري لأنه ليس نظاما انقلابيا خلافا لما حدث في مصر، بل بالعكس ما قمنا به يشرف الجزائرنظاما وشعبا. ورغم تشابه الأحداث بين ما يحدث في مصر وما عاشته الجزائر، إلا أننا لسنا سجناء الماضي، وهذا لا يمنعنا من القول للمصريين إياكم والانزلاق إلى العنف لأن النضال يتطلب نفسا طويلا، وأن المصريين قد يكونون قد خسروا المعركة لكنهم لم يخسروا الحرب. هذه وقفة مبدئية كنا سننظمها لو أن ما حدث لمصر قد حدث في أي بلد آخر من العالم، لأننا نناضل من أجل الشرعيات الشعبية مهما كان موقعها لأننا حزب يؤمن بالديمقراطية ويسعى لتكريس مبادئها، وكوننا شعب واحد مسلم ويجمعنا التاريخ والأصل، ومن الطبيعي أن نتحرك اليوم من موقعنا هذا وبالجزائر، رغم بعدنا الجغرافي عن أرض مصر لمساندة إخواننا في مصر الشقيقة. ورغم كل ما يقال، فإن غايتنا بريئة وهي مساندة الشعوب لاسيما الشعب المصري، فلا يهمنا أن تقبل السلطة ببلادنا خرجتنا هذه التي كانت ستكون مسيرة تضامنية مع الشعب المصري، لولا قانون حظر المسيرات المفروض علينا، كما أنها تندرج في إطار كفاحنا من أجل الديمقراطية والحرية ونحن مستعدون لكل شيء لأن مواقفنا سلمية ونرفض الوصول إلى الحكم بالعنف. نحن قلنا صراحة إن هذه الوقفة مع الديمقراطية والشرعية للوقوف إلى جانب إخواننا في مصر الذين ظلموا، ونحن نريد من خلال وقفتنا التضامنية هذه أن نرفع الظلم للرجوع بمصر إلى ما كانت عليه قبل الانقلاب العسكري. لا يهمنا ما تكلفنا هذه الخرجة التضامنية لأن هذا عربون محبتنا للشعب المصري، وما قمنا به شيء صغير نقدمه للشعوب التي غيبت شرعيتها، ووجودنا اليوم جاء استجابة لنداء ضميرنا الحي لما يحدث في مصر وقد يحدث في بلدان أخرى. ونحن نطمح إلى أن ترجع الأمور إلى مجراها في مصر، ولولا أن المسيرات ممنوعة ببلادنا، لخرجنا إلى الشوارع للتنديد بما تعرض له الشعب المصري من اعتداء على شرعيته، وهذه وقفة سلمية معبرة نظمت أمام مقرنا، نريد من خلالها تمثيل الشعب الجزائري على أنه مع الحرية والديمقراطية حتى نُسمع المصريين وكل الشعوب في العالم بأن الجزائريين واقفون مع الشرعية الشعبية والشعوب المضطهدة. نحن لسنا تابعين للإخوان المسلمين ولسنا فرعا لهم بالجزائر حتى تكون وقفتنا هذه امتدادا لما ينظم من اعتصامات واحتجاجات للإخوان المسلمين في مصر، بل نحن حزب جزائري يخضع للدستور والقانون الجزائريين، إلا أننا كحركة لها علاقات وبروتوكولات تعاون مع عدد من الدول في العالم مثل تونس وموريتانيا وسوريا، ومن بينها الإخوان المسلمين في مصر، رغم أننا نشترك معهم في مدرسة الوسطية والاعتدال، من الطبيعي أن نتفق معهم في هذه المسألة لأنها تتعلق بالاعتداء على الشرعية الشعبية والديمقراطية التي نناضل من أجل تكريسها. وخروجنا اليوم من باب تأكيدنا على أن ما يحدث في مصر سيكون له تأثير في دول عربية بما فيها الأوضاع السياسية في الجزائر، لأنها تدفع بالشعب الجزائري نحو مزيد من العزوف الانتخابي بسبب حالة الخوف التي ستنتابه من احتمال حدوث نفس الشيء ببلادنا في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. نحن نسعى من خلال هذه الوقفة الاحتجاجية إلى تجنيب الشعب المصري وعلى رأسه الجيش خسارة مادية ومعنوية مثلما خسرتها الجزائر في التسعينيات، التي راح ضحيتها 200 ألف جزائري، وأنا استغرب قبول السلطة ببلادنا خرجة السفير المصري التي تبعث مشاعر الاستفزاز لدى بعض الجزائريين وقد تتحول إلى اعتصامات احتجاجية أمام السفارة المصرية بأعالي حيدرة قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.