بيان حذر لوزارة الخارجية خلف عزل الرئيس المصري محمد مرسي مواقف متضاربة لدى الطبقة السياسية في الجزائر، ففي حين أجمعت الأحزاب الإسلامية على اعتباره انقلابا عسكريا على الشرعية وثورة مضادة يقودها فلول الرئيس الأسبق حسني مبارك، رأت فيه التشكيلات اليسارية تجليا للإرادة الشعبية، أما أحزاب السلطة فلم تخرج عن الموقف الرسمي "الحذر". جاءت ردود أفعال أحزاب التيار الإسلامي من الإطاحة بالرئيس المصري الإخواني متطابقة. واعتبرت حركة مجتمع السلم عزله انقلابا عسكريا على الشرعية الدستورية وعلى الديمقراطية، متوقعة سيناريوهات عنيفة و متطرفة في المرحلة القادمة. وأشارت حمس في بيان لها إلى أن الانقلاب مدعوم من بعض القوى الإقليمية والدولية، التي تريد ضرب النموذج الديمقراطي الجديد الذي تمثله الحركات الإسلامية وقوى التحرر والانعتاق في المنطقة العربية. وأدانت الحركة حملة الاعتقالات التي تطال قيادات حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين، وكذا غلق القنوات الفضائية لمنع الرأي الآخر، معتبرة هذا انتكاسة للحريات وحقوق الإنسان، ونقضا مباشرا للنهج الديمقراطي. من جانبها، شبهت حركة النهضة ظروف تنحية مرسي بعملية إجهاض ممنهجة للتجربة الديمقراطية وبتحالف بقايا النظام السابق مع أطراف علمانية داخلية، وقوى إقليمية وعربية يخيفها وصول الإسلاميين إلى الحكم، مضيفة أن أحداث مصر فضحت ارتباط الجيوش العربية بالأقليات العلمانية المتطرفة. وحذرت النهضة من العواقب والتبعات الوخيمة لما حدث في مصر من انقلاب على الشرعية. ونفس الموقف تبناه رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله، الذي اعتبر عزل مرسي انقلابا عسكريا مفضوحا على الدستور وعلى الشرعية، بتحريض من التيار العلماني داخل المؤسسة العسكرية والمؤسسات المدنية. كما أعلنت جبهة التغيير أن عزل الجيش المصري للرئيس محمد مرسي تعديا على الديمقراطية وانقلابا على الشرعية الدستورية، ومجرد ثورة مضادة هدفها الانحراف بالمكتسبات الثورية التي تمكنت من الإطاحة بنظام حسني مبارك، وإعادة نفس النظام "الاستبدادي" السابق بوجوه جديدة. وعلى نقيض ما ذهبت إليه الكتلة الإسلامية، رفض حزب العمال المحسوب الممثل للتيار اليساري وصف عزل مرسي بالانقلاب العسكري، واعتبر القيادي بالحزب رمضان تعزيبت في اتصال ب"البلاد" أن من يدعي انقلاب العسكر على الشرعية الشعبية في مصر يعارض الإرادة الشعبية للمصريين، وهو ما يرفضه حزب العمال المساند لإرادة المصريين في عزل رئيسهم بعدما أثبت فشله في التغيير وكرس نفس الأساليب الدكتاتورية المصادرة للحريات والإرادات التي كانت مسيطرة على نظام مبارك. كما أعرب حزب العمال عن رفضه لحملة الاعتقالات التي يتعرض لها بعض رموز نظام الإخوان، مؤكدا أن وعي الشعب المصري سيجنبه أي انزلاقات، وسيمكنه المسار الثوري من تحقيق مطالبه التي أغمض مرسي عيناه عن رؤيتها. وبدوره، دعا حزب جبهة التحرير الوطني المصريين إلى تفادي كل الأعمال التي سيكون لها انعكاس خطير على أمن ووحدة بلدهم، وأوضح المكلف بالإعلام قاسة عيسي أن موقف الحزب من عزل مرسي تضمنه بيان وزارة الخارجية، الذي صيغ بشكل دبلوماسي تحاشى الإفصاح الصريح عن الموقف الجزائري الرسمي، حيث لم يتطرق لتحديد إن كانت تنحية مرسي انقلابا عسكريا أم حماية للإرادة الشعبية. وجاء في تصريح للناطق الرسمي باسم الخارجية عمار بلاني نشرته وكالة الأنباء الجزائرية "إننا نتابع عن كثب التطورات الأخيرة للأزمة في مصر، ونثق في عبقرية الشعب المصري لإيجاد حل يحفظ وحدته واستقرار مصر وأمنها، ونتمنى أن تلبي المرحلة الانتقالية الطموحات المشروعة للشعب المصري من خلال إيجاد توافق وطني قائم على الاتحاد والمصالحة الوطنية والسهر على احترام الأحكام الدستورية".