ينفرد نجم إيطاليا السابق باولو روسي عن بقية نجوم كرة القدم في أنه شغل العالم في القمة والقاع ، فالمهاجم النحيل الرشيق السريع كان وراء فوز الأزوري بكأس العالم عام 1982 في إسبانيا بينما هو الأشهر في فضيحة "توتو نيرو" التي هزت صورة الكرة الإيطالية في نهاية السبعينيات. لم يحتج باولو روسي لأكثر من أربع ساعات لينصب نفسه على عرش كرة القدم العالمية، وبطلا لإيطاليا التي قادها إلى الفوز بكأس العالم 1982 في إسبانيا، وهو اللقب الأول لها بعد الحرب العالمية الثانية. وفي 241 دقيقة بين 5 و11 جويلية 1982، أحدث ضجة في تاريخ الكرة في بلده بأهدافه التي سجلها والتي جعلت منه أحد أقوى الهدافين الذين عرفتهم الكرة الإيطالية. واكتشفه مسؤولو جوفنتوس في أحد الفرق الصغيرة في ضواحي مدينة فلورانسا، فلم يفوتوا الفرصة وضموه بسرعة إلى النادي بعد العروض التي قدمها والمستوى الجيد الذي أظهره مبشرا بقدوم هداف من الطراز الرفيع. غير أن انتقال روسي إلى جوفنتوس لم يكن موفقا، وسرعان ما تحول الحلم إلى كابوس، فأصيب بكسر في المعصم، ثم خضع لثلاث عمليات جراحية في الغضروف ليجد نفسه في صيف عام 1975 على لائحة اللاعبين الذين يريد النادي التخلص منهم، وأخيرا تمت إعارته الى نادي كومي. وفي صيف العام التالي، تم تحويله إلى نادي فيتشينزا المتواضع في الدرجة الثانية، فتفجرت مواهبه وسجل 21 هدفا في الموسم 1976-1977، وسمح لفريقه بالصعود إلى دوري الإضواء، وفي الموسم التالي قاد فريقه إلى المركز الثاني خلف يوفنتوس محدثا المفاجأة، بل وتوج هدافا للبطولة برصيد 24 هدفا متقدما على ألمع النجوم. هذا التألق دفع المدرب الراحل انزو بيرزوت مدرب منتخب إيطاليا إلى ضمه للتشكيلة التي شاركت في تصفيات ونهائيات كأس العالم 1978 التي أقيمت في الأرجنتين، وكان عند حسن الظن به عندما سجل 3 أهداف لمنتخب بلاده الذي حل رابعا خلف الأرجنتين وهولندا والبرازيل. بعد مونديال الأرجنتين، توالت الحبكات الفنية، المهاجم المتالق قرر فيتشنزا اعارته الى بيروجيا مقابل 2.6 مليون ليرة إيطالية في موسم 1979 1980 لمدة موسم واحد بعد هبوط الأول الى الدرجة الثانية، لكن روسي في ذلك الموسم كان أشهر الأسماء ضمن 38 مدربا ولاعبا وإداريا تورطوا في فضيحة "توتو نيرو" التي هزت أرجاء إيطاليا والكرة العالمية. وذلك المبلغ الزهيد كلف روسي الإيقاف 3 أعوام، وبناء على استئناف قدمه تقلصت المدة الى سنتين، لكن روسي يؤكد حتى اللحظة أنه بريء من تلك الفضيحة وأنه ذهب ضحية مؤامرة كبيرة، فيما لم ينكر لقاءه في كروتشياني الذي حسبه مشجعا له. واستمر روسي اللاعب النحيل الذي يمكن مشاهدة وجنتيه بوضوح فقط من كامل جسده، في التدريبات منفردا متمسكا بعناده واصراره، كما تمسك به المخضرم بيرزوت قبل نهائيات كأس العالم 1982 وضمه للتشكيلة التي تستعد للمونديال الإسباني في قرار أثار عاصفة هوجاء في إيطاليا. وهاجمت الأقلام المدرب العجوز، فالبعض احتج على استدعى لاعب موقوف لتورطه بالتلاعب وآخرون رفضوا فكرة بيرزوت لان روسي مهاجم موقوف منذ عامين ولا يمتلك أي حس مع المباريات. واستمرت ميلو دراما روسي اللاعب الذي خاض المونديال رغم أنف إيطاليا، وتغلبت إيطاليا على الأرجنتين 2-1 ضمن دور المجموعات الثاني، لكن المهمة الأصعب كانت أمام البرازيل التي فازت على الأرجنتين 3-1، وهناك كانت قمة الدراما في حياة روسي فهو سطع في واحدة من أروع مباريات كرة القدم منذ نشأتها بتسجيله أهداف الازوري الثلاثة في مرمى فريق يعد أمتع المنتخبات في تاريخ اللعبة، وليس هذا فقط بل إن إيطاليا تأهلت الى الدور نصف النهائي لتواجه بولونيا وفي تلك المباراة سجل هدفي المباراة التي انتهت 2-0 . ويصف روسي مباراة البرازيل بأنها الأروع ويضيف "أظن انها دخلت التاريخ بسبب توالي الاهداف وطريقة الأداء والانفعالات التي صاحبتها".وفي النهائي افتتح أهداف منتخب بلاده الذي تغلب على خصمه ألمانيا الغريبة 3-1، ليصعد بعد المباراة إلى أعلى نقطة يمكن أن يصلها نجم كرة قدم، ويتذكر روسي تلك المناسبة التاريخية : "كانت أبهى لحظات النصر في سانتياغو برنابيو ومع ذلك لم أستوعب أننا فزنا بكأس العالم لقد كانت الفرحة غامرة لكنني بدأت استيعاب الأمر في روما لدى استقبالنا بحماس".