على هامش البرنامج الرمضاني "ألف نيوز ونيوز" الذي تنظمه "الجزائر نيوز" بفضاء بلاصتي، وبمناسبة النقاش المفتوح حول أزمة الطبقة السياسية مع الدكتور أحمد بن بيتور والباحث الجامعي عمار بلحيمر، كانت هذه الدردشة مع الدكتور وأستاذ العلوم السياسية محمد هناد. هذه اللقاءات التي تفتح النقاش الفكري الجاد والبناء مهمة جدا في كل المراحل، ولقاء اليوم كان إيجابيا برأيي من حيث كونه ناقش أمورا سياسية كبيرة واهتمامات ترصد الراهن الجزائري والمستقبل القريب، لكن المشكلة أن الأمر تحول إلى ما يشبه الندوة الصحفية، وهو أمر طبيعي في الحقيقة لأن الضيف مترشح للرئاسيات القادمة ولأن المتدخلين كانوا صحافيين، ما أدى إلى إغفال الجانب الفكري والثقافي، ومع ذلك فهذه اللقاءات تبقى إسهاما جادا في الحركة الفكرية والثقافية بشكل عام. ما أعرفه أن قبول الترشح يعني أنك تؤمن أن الانتخابات القادمة ستكون نزيهة أو نزيهة إلى حد كبير، على الأقل هذا من حيث المبدأ، وأنا لا أدري ما هو مصدر هذا الأمل الذي يراهن عليه المترشح بن بيتور، على أي أساس وصل إلى هذه القناعة رغم معرفته للأمور من الداخل لأنه لو تمت الانتخابات بشكل نزيه فعلا، فكأنك تقول للنظام الحالي ارحل. وكل التنازلات يمكن أن يقدمها النظام ماعدا تنازلا كهذا، قد يخرجه من الحياة السياسية بشكل ديمقراطي لأنه بالصندوق في النهاية قد يخسر. أعتقد أن الطبقة السياسية في الجزائر لديها مشكلة، فهي دائما تسب النظام والحكم، وفي الحقيقة سب النظام ليس انجازا في حد ذاته كأن تعارض وفقط لأجل المعارضة، لأن من يسب قد تكون لديه مشاكله وأخطاؤه أيضا، الآن الكثير من الناس وحتى المختصين يتكلمون عن المنافسة السياسية لكن لا أحد تكلم بشأن شروط المنافسة السياسية، التفاصيل الهامة هي أنه لابد أن يحدث اتفاق بشأن الشروط قبل كل شيء آخر والابتعاد عن الأنانية، لأنه للأسف الفاعلون في المشهد السياسي ينظرون بشكل مباشر لمصالحهم الضيقة. ويجب الاتفاق على الأساس في صورة إجماع وليس أغلبية لكي يتوافق الشركاء بشكل كلي على الشروط، كيف تتم الانتخابات، كيف تتم المراقبة وغيرها من التفاصيل وهنا يجب على الطبقة السياسية أن تكون فاعلة في الضغط باتجاه توفير هذه الشروط، لأنه ليس من الممكن أن يعول على النظام في توفير شروط منافسة سياسية نزيهة يعرف مسبقا خطورتها والتجربة المصرية ما زالت قريبة جدا وتداعياتها ماثلة للجميع. الانتكاسة التي وقعت في مصر وتونس وغيرها مما يسمى دول الربيع العربي ستؤثر حتما وبشكل كبير على المشهد السياسي الجزائري في الأفق المنظور، وخصوصا على التيارات الإسلامية التي يبدو لي أنها تأثرت كثيرا بما حدث في مصر، وستراجع حساباتها وفق العبر التي تستخلصها من التجربة المصرية، وأظن أنهم سيشاركون في العملية السياسية كما شاركوا سابقا، لكنهم لن يبحثوا عن الصدارة لأنهم يعرفون الآن أن الواجهة هي التي جعلت نظراءهم يدفعون هذا الثمن، وبالتالي سيحاولون الرجوع إلى التموقع داخل الإطار والمشاركة في الحكم مرحليا على الأقل.