سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رؤى مختلفة لمختصين حول مستقبل الديموقراطية ودور النخب العربية في التغيير « مصدر الشرعية السياسية في العالم العربي» محور الجلسة الثانية للقاءات الجمعية الفلسفية الجزائرية وصوت الأحرار «
شكل موضوع «مصدر الشرعية السياسية في العالم العربي» محور الجلسة الفكرية الثانية ضمن سلسلة الندوات الفكرية التي تنظمها الجمعية الفلسفية الجزائرية بالتعاون مع يومية « صوت الأحرار» وكانت وقفة تحليلية واعية ومؤسسة لراهن العالم العربي وقراءة مستفيظة لتداعيات الربيع العربي وتأثيره على المشروع الديمقراطي المتعثر بسبب خيبة وجهود الحركات الوطنية التحررية التي وقعت في مأزق الشرعية والمشروعية وتميز اللقاء الذي أداره أستاذ الفلسفة بجامعة الجزائر عمر بوساحة بمداخلات قيمة لكل من الدكتور جمال العبيدي، الدكتور زبير عروسي والدكتور محمد هناد الذين شرحوا تفاصيل التجربة القطرية العربية مع البحث عن الشرعية والمشروعية وثمة وقفة عند نماذج لهذه التجارب انطلاقا من الجزائر، تونس، مصر وغيرها من الدول العربية. في بداية اللقاء أكد الأستاذ عمر بوساحة أن إشكالية الندوة «مصدر الشرعية السياسية في العالم العربي» يأتي في سياق تاريخي عربي جد معقد وفي جميع المستويات وذلك من أجل فتح نقاش جاد حول قضايا تشغل بال الرأي العام الجزائري والعربي ووقفة أمام التجاذبات التي تتقاذفها مفاهيم ومكونات الشرعية السياسية ومصادرها وأوضح الدكتور جمال لعبيدي في مداخلته أنه سيتناول الإشكالية على المستوى الاصطلاحي والمفاهيمي وذلك من خلال تجديد مفهوم الشرعية والمشروعية والفرق بينهما وقال أن المرجعية الأساسية في علم الاجتماع نابع من المفكر ماكس فيبر حيث يبرز من خلال كتاباته إشكال الارتباط بين الشرعية والمشروعية والسلطة، وأضاف في سياقها أن مسألة الديمقراطية كحالة هي نسق (منتظم) وحكم كما أن قضية السلطة تتحدد بمفهومها القاضي أنها القدرة على الحصول على موافقة وإجماع الأفراد ليعملوا كما أنا أريد وبالتالي السلطة تعتمد على المشروعية وليس على السلطة باعتبار المشروعية هي السلطة المقبولة والمعترف بها من طرف المحكومين وصنف مصادر المشروعية في عدة أصناف حسب عالم الاجتماع السياسي ماكس فيبر وهي المشروعية الكاريزمية التي تعتمد على الشخصية الاستثنائية القيادية، المشروعية التقليدية التي تعتمد على الطابع الاعتدائي للقاعدة الإجبارية (إجبارية الخضوع للملك)، المشروعية الشرعية التي ترتبط بالعقلانية وتعتمد على القانون وأشار الدكتور جمال لعبيدي إلى وجود أزمة مشروعية في العالم العربي بسبب الانتقال من المشروعية الثورية السائدة في الأنظمة الشمولية وميزت الحركات التحررية الوطنية والتي تقرأ أن مصدرالشرعية السياسية هو الشعب والديمقراطية لتنظيم المجتمع وهو ما أدى إلى فشل وجمود الأنظمة القومية التي كانت تقود الحركات الوطنية على المستوى الاقتصادي والثقافي على غرار التجربة الجزائرية والليبية· أكد الدكتور جمال لعبيدي على وجود مصادر مختلفة للمشروعية والشرعية السياسية، وتجريبيا هناك إجماع حول قضية الديمقراطية بين جميع الأطراف والقوى فلا طرف يرفض الديمقراطية وهذه الحركية ليست مرتبطة بالحالة العربية بل تتعداها إلى الصعيد العالمي بعد التحرر من الاستعمار الغربي وأدى ذلك إلى وجود ثنائية داخل المجتمع خاصة في الدول العربية ما خلق حالة من الصدام بين المجتمعين نتيجة المرحلة التاريخية وسيطرة الغرب على المستوى الاقتصادي والثقافي ما أدى إلى ثنائية الخطاب داخل المجتمع الواحد، وأوضح أن سبب جمود حركة التحرر هو انعدام الديمقراطية وهي تفسر ضعف المجتمع والتدخل الأجنبي في شؤونها وتواصل هيمنة الغرب وبالتالي الديمقراطية التي كانت مطلبا وهدفا للحركات التحررية تعرضت للسطو وجمدت وقد تعالت أصوات بعض الدول ليس في العالم العربي فقط بل في أمريكا اللاتينية داعية إلى الديمقراطية ويعتقد الدكتور جمال لعبيدي أن تعميق الديمقراطية المتسارع أصبح يقلق الغرب وقد خلق هذا الوضع ومع وجود قوى متناقضة داخل المجتمع صراع على المصالح وهذه المصالح هي انعكاس لرؤى الأطراف المتناقضة كما أشار أنه يجب أن نبحث وراء حقيقة هذه المواقف من الديمقراطية والدوافع والموقف الديمقراطي الملموس وأضاف أنه رغم زوال الغرب وهيمنته على العالم غير أن الغرب مازال يدافع عن مصالحه وهيمنته على العالم إيديولوجيا، ثقافيا وسياسيا وبالتالي فان المفهوم الجديد «القوى التغريبية» يقول أنه لايهم الغرب، من يحكم الشعوب العربية ولا شكله وإن كان ديكتاتوريا، والمهم هو محافظته على مصالحه والقوى التي تسمح بهيمنة الغرب· من جهته أوضح الدكتور لعروسي زبير أن الأحداث المتسارعة التي تعرفها المنطقة العربية طرحت أسئلة جوهرية حول الشرعية لأن عصب الصراع يكمن في سؤال من هو صاحب الشرعية، فالأنظمة تقول أنها شرعية لأنها تمتلك أدوات الحكم والقوة المضادة للسلطة تدعي أنها صاحبة شرعية وبالتالي ميز المحاضر بين 3 أنواع من الشرعيات وهي شرعية الأنظمة السياسية، شرعية المؤسسات الثقافية، شرعية رموز المقاومة الثورية· كما تناول مصادر القوة الثورية مثل إشكالية شرعية المؤسسة الثقافية - الدينية بمصر ممثلة في مؤسسة الأزهر، وإشكالية المقاومة في لبنان وارتباطها بسوريا وهي أحداث متداخلة وقد ولدت الأحداث المتداخلة في العالم العربي جملة من الأسئلة الجديدة حول مفهوم الشرعية وقدر أبرزت الأحداث وكشفت عن التناقض بين الشرعية الثورية والشرعية الديمقراطية حيث تحولت انتقلت الشرعية الثورية من ديمقراطية تحاول من خلال قوة التغيير إلى قوة للتثبيت وخطورتها أنها تحاول شرعنة ديمومتها بالنص الدستوري والشرعية القانونية واستشهد بالنموذج الجزائري، وأكد الدكتور أن نجاعة الديمقراطية تكمن أنه لا يمكن اعتمادها وصحة فعلها السياسي إلا إذا كانت في حالة تعاون تام وانسجام مع باقي القوى لأن عدم التعاون بين القوى الفائزة والتي فشلت - بالصندوق الانتخابي - في مسارها للوصول إلى الشرعية الديمقراطية سيؤدي إلى خلق قوة مضادة· الدكتور محمد هناد حدد مفهوم المشروعية التي حسبه تتجاوز القانون والعقلانية والشرعية المرتبطة بالقيمة القانونية، وقال في سياقها أنه ضد مصطلح العالم العربي بل هناك بلدان عربية لأنه لو كانت الوحدة موجودة جغرافيا غير أن الفيزا المفروضة بين الدول العربية تعكس عدم وجود كتلة سياسية عربية أو عالم عربي موحد، وقال أنه كان على الدول العربية وكل دولة قطرية على حدى أن تعزز قوتها داخليا لكن الواقع يؤكد حالة الفوضى والمناورات والمراوغة التي تتأسس عليها وتمشي العلاقات العربية - العربية قال الدكتور محمد هناد أنه لا يوجد مصادر مشروعة للبلدان العربية ولا مشروعية خاصة بها وصنف أنواع للمشروعية، ضمنها الدينية، التاريخية، الوراثية - كما هو الحال للمملكة العربية السعودية والمغرب، المشروعية الثورية الاشتراكية التاريخية مثل الجزائر، الشرعية الريعية ونحن نعيش في المرحلة الجزائر اليوم وأكد المحاضر أن الانتقال من نظام شمولي استبدادي قهري إلى نظام ديموقراطي ليس بالأمر السهل والبسيط، وميز في سياقها وضمن أسباب الفشل السياسي غياب دوران النخب السياسية، أما المشروعية الدستورية فهي قائمة على القوانين والرضا وهي في طور التشكل، ويرى الدكتور محمد هناد أن تجارب التغير في البلدان العربية بدأت في 2010 حيث ميز حراكا قويا وبعث بالتفاؤل لدى شرائح واسعة، مثال على ذلك المغرب الذي وقع دستورا جديدا وانتخابات فاز بها التيار الإسلامي وتشكلت الحكومة لكن قضية المشروعية هي في قبظة الملك والمخزن وهو ذات الحال بالنسبة لليمن وليبيا، أين تغيب المشروعية وذلك باستثناء التجربة التونسية التي لم تنتخب رئيسا ولا برلمانا بل لجنة تأسيس لأن النهضة تمشي وفق قاعدة الوفاق ليشمل التغيير الجزائر، وفي الحالة المصرية يرى الدكتور محمد هناد أن الإخوان يتحملون مسؤولية الانزلاق الخطير ولكنهم يتقاسمون المسؤولية مع أطراف أخرى ضمنها المؤسسة العسكرية التي تمثل المشروعية فيما يمثل الإخوان الشرعية لأنه تم انتخاب رئيس وفق قواعد اللعبة الديموقراطية عن طريق الصندوق الانتخابي كما أكد أن الإخوان أخذتهم نشوة السلطة ومازال لفلول النظام السابق دور على الساحة السياسية·