يوجد عدد من الأعضاء المنتخبين بالمجلس الشعبي البلدي لبن عكنون في العاصمة في حالة "بطالة تنفيذية"، وهو التعبير المجازي الذي يمكن إطلاقه على وضعية هؤلاء المنتخبين، من الأفلان والأرندي والأرسيدي، من باب التعبير عن حالة الانسداد الذي يعيشه المجلس البلدي كحالة استثنائية تقريبا على المستوى الوطني، برزت منذ إجراء الانتخابات التشريعية والمحلية التي مر ت عليها عدة أشهر. ووفق المعطيات التي قدمها بعض هؤلاء المنتخبين المعارضين، فإن "حرب" مداولات حقيقية تكون قد اندلعت بينهم وبين رئيس البلدية بوعرابة كمال، هي التي كانت وراء تعميق حدة الخلاف بين الطرفين من باب أن المعارضين يقولون إن رئيس البلدية يكون - حسبهم - قد خرق التشريعات المتعلقة بإجراء المداولات. فضلا عن قيامه بتعيينات من دون إجراء مداولات أصلا، وفق ما يمليه قانون البلدية. يقول صلاح الدين شقار، منتخب بلدي عن حزب الأرندي، إن أول مداولة للمجلس تم عقدها يوم 25 ديسمبر الماضي، واللافت في الموضوع أن خمسة منتخبين من المعارضة في المجلس الذي يحوز فيه الأفلان أغلبية نسبية ما جعله يتحالف مع "الأفانا"، انسحبوا حينها من الجلسة لعدم "تلقيهم دعوات الجلسة قبل عشرة أيام من انعقادها"، وفق ما تؤكده المادتان 21 و 22 من قانون البلدية. وهنا يؤكد ذات المصدر أن المنتخبين المنتمين للمعارضة تلقوا دعواتهم لحضور جلسة 25 ديسمبر الماضي قبل ثمانية وأربعين ساعة فقط من انعقادها. هذا الاعتبار وما خلّفه من تشنج هو الذي جعل خمسة أعضاء منتخبين من المعارضة ينسحبون من الجلسة، حيث بقي عضو معارض واحد من الأرندي كملاحظ، وفق ما يقوله شقار صلاح الدين. وفي محضر الجلسة المؤقت الذي تحوز "الجزائر نيوز" نسخة منه، تم تعيين أربعة نواب للرئيس ومندوبين خاصين اثنين. وتم التأكيد من ذات المصدر على "بطلان هذه التعيينات" على اعتبار أن انسحاب الأعضاء الخمسة من الجلسة حال دون وجود النصاب القانوني، حيث يتعين أن تتم مثل هذه التعيينات في ظل تصويت الأغلبية وفقا لقانون البلدية. ورغم أن محضر المداولات المؤقت يشير صراحة إلى كون الأعضاء الخمسة قد انسحبوا فعلا من الجلسة إلا أن مضمون النسخة لسجل المداولات، الذي يفرغ فيه عادة مضمون المحضر المؤقت على نحو رسمي، يشير إلى كون الأعضاء الخمسة قد امتنعوا عن التصويت، بشكل يوحي كأنهم حضروا فعلا المداولات خلال هذه الجلسة، مع الإشارة إلى أن "الجزائر نيوز" تملك نسخة من سجل المداولات لجلسة 25 ديسمبر من السنة الماضية 2012، وهي النسخة التي تحمل رقم 25 - أع - 12. ورغم أن المحضر المؤقت للجلسة المشار إليها يتحدث فعلا عن تعيين نواب للرئيس وحدد أسماءهم والأحزاب التي ينتمون إليها، إلا أن ذات المحضر لم يتحدث عن طبيعة مهام هؤلاء النواب الأربعة، وهم ثلاثة من الأفلان وواحد من الأفانا. غير أن اللافت في الموضوع هو أن نسخة السجل الرسمي المؤشر عليه من طرف المقاطعة الإدارية لبوزريعة يشير بوضوح إلى طبيعة مهام النواب الأربعة. والأمر الذي يطرح بشأنه شقار صلاح الدين تساؤلات كبيرة على اعتبار، كما قال، أن ذلك يخالف مضمون قانون البلدية الذي يشير إلى أن المجلس البلدي "سيد" في اتخاذ مثل هذه القرارات، ما يعتبره خرقا لقانون البلدية. ويتحدث ذات المصدر عن كون محضر المداولات المؤقت تضمن تعيين مندوبين اثنين، وهو ما تأكدت منه "الجزائر نيوز" من خلال اسمي مندوبين خاصين اثنين، هما بوشلوش اسماعيل ولمداني رشيد، في حين أن بلدية بن عكنون تتضمن ملحقة واحدة هي ملحقة "مالكي" فقط وفق معطيات ذات المصدر. ويقول شقار صلاح الدين إن الوصاية طلبت، تبعا لذلك، إعادة التصويت من أجل تعيين مندوب واحد لرئيس البلدية بدلا من اثنين، ومن خلال انعقاد المجلس مرة أخرى، غير أن ذلك لم يحدث وفق ذات المصدر، الذي أشار إلى أن "رئيس البلدية قام بحذف اسم لمداني رشيد وإبقاء اسم بوشلوش اسماعيل دون المرور على المجلس"، وهو الأمر الذي يعتبره ذات المتحدث مخالفا لقانون البلدية أيضا، فضلا عن كون الأمر رقم 13 - 105 المؤرخ في 17 مارس 2013 المتضمن نموذج النظام الداخلي للمجلس الشعبي البلدي، يؤكد أن أعضاء الجهاز التنفيذي البلدي، بما فيهم المندوبين، ينتخبون بالأغلبية المطلقة. وتملك "الجزائر نيوز" نسخة من قرار التعيين الممضى من طرف رئيس المجلس الشعبي البلدي، والمؤرخ في الثامن جانفي من السنة الجارية، الذي يشير بوضوح إلى وضع بوشلوش اسماعيل في منصب مندوب خاص لرئيس البلدية، ويشير قرار التعيين هذا الذي يحمل رقم 1- أع - 2013، إلى أنه تم اتخاذه باقتراح من الأمين العام لبلدية بن عكنون وبمقتضى المداولة رقم 26 - أع - 2013 المؤرخة في 25 ديسمبر من السنة الجارية 2013، وبغض النظر عن كون شقار صلاح الدين يؤكد أن الاعتماد على اقتراح الأمين العام للبلدية، الذي هو ممثل الوصاية، يعتبر أمرا مخالفا لقانون البلدية، إلا أن اللافت في الموضوع، وفق نفس المصدر ووفق ما لاحظته "الجزائر نيوز" أيضا، هو أن رقم المداولة يشار إليه هذه المرة ب 26 وليس 25 مع أن التاريخ الذي يحيلنا إلى انعقادها هو نفسه ويشير إلى 25 ديسمبر من السنة الجارية 2013، أي نفس اليوم الذي عين فيه مندوبان اثنان وليس مندوب واحد.. فماذا حدث بالضبط ؟ هل هو مجرد خطأ مطبعي أم أن هناك مداولة أخرى ثانية تمت في نفس اليوم؟ هي مجرد تساؤلات مقابل ما يشير إليه شقار صلاح الدين من أن "المداولة التي تم بموجبها إسقاط اسم لمداني رشيد وتعيين بوشلوش اسماعيل، هي مداولة لم تنعقد أصلا، وفق ذات المتحدث الذي يفترض أن يكون معنيا بحضور جميع مداولات المجلس وتلقي الدعوات الخاصة بذلك أيضا. وفي الواقع فإن "الجزائر نيوز" تحوز نسخة من مراسلة صادرة عن الدائرة الإدارية لبوزريعة، التي تتبع لها بلدية بن عكنون إقليميا، موجهة إلى رئيس المجلس الشعبي لذات البلدية، تتضمن رفضا بالمصادقة على المداولة "المتضمنة تعيين بوشلوش اسماعيل مندوبا خاصا بملحقة حي مالكي"، وأوردت هذه الوثيقة المرسلة خلال النصف الثاني من شهر فيفري من السنة الجارية، سببا لهذا الرفض بعبارة تقول أن "السيد بوشلوش اسماعيل في المداولة رقم 26 المؤرخة في 25 ديسمبر من السنة الماضية 2012 التي لم يتم المصادقة عليها من طرف مصالح ولاية الجزائر، حيث عين هذ الأخير بملحقة زدك". وقد أشير أيضا، في هذه الوثيقة التي رمزت إلى هذه المداولة برقم 02 في موضع آخر، إلى المداولة التي تضمنت تعيين بوشلوش اسماعيل في 25 ديسمبر من السنة الماضية 2012 رغم أن شقار صلاح الدين يؤكد أن هذا التاريخ هوتاريخ مداولة الجلسة الأولى للمجلس بعد انتخابه، وهي الجلسة التي تتحدث عن تعيين مندوبين اثنين من بينهما بوشلوش. ويشير هذا الأخير إلى أن كتلة المعارضة في المجلس ليس لها "أي علم" بتعيين بوشلوش على رأس ملحقة "زدك" وعن كيفية حدوث ذلك. وفي الواقع فإن بوشلوش اسماعيل، وهو عضو منتخب عن الافلان، سرعان ما ألغي انتدابه بعد "خلاف" حدث بينه وبين رئيس البلدية، وفق شقار صلاح الدين الذي يقول إن رئيس بلدية بن عكنون أعاد تعيين ثم إلغاء تعيين بوشلوش اسماعيل مرة ثانية من خلال، على التوالي، القرار رقم 115 المؤرخ في الفاتح مارس من السنة الجارية 2013 وكذا القرار رقم 126 المؤرخ في 4 أفريل من ذات السنة الجارية2013. وبغض النظر عن كون ذات المصدر يشير إلى أن إلغاء انتداب بوشلوش اسماعيل خلال المرة الثانية كان بحجة "تحالفه مع المعارضة"، إلا أن ذات المصدر يشير أيضا إلى كون رئيس بلدية بن عكنون أعاد تعيين بوشلوش اسماعيل في المرة الثانية كمندوب خاص بملحقة مالكي، وفق الأحكام التي تنظم "تعيين المندوب البلدي وليس المندوب الخاص" طبقا - كما يقول - للمادة 134 من قانون البلدية الخاصة بتعيين المندوب البلدي ودون المرور على المجلس التنفيذي البلدي في بن عكنون. كما يعتبر شقار صلاح الدين أن القرار اللذي ألغى التعيين الثاني لبوشلوش اسماعيل هو قرار مخالف للقوانين على اعتبار أنه تم أيضا "دون الرجوع للمجلس وما يقتضيه ذلك من مداولات". وقد لاحظت "الجزائر نيوز" من خلال النسخ الموجودة لديها حول بعض قرارات تعيين وإلغاء التعيين الخاصة بالسيد بوشلوش اسماعيل أنه كان يعتمد فيها دائما على مداولة 25 ديسمبر من السنة الماضية 2012. وتملك "الجزائر نيوز" نسخة من شكوى رفعها، وسلمها إلى "الجزائر نيوز"، بوشلوش اسماعيل إلى النائب العام لمجلس قضاء الجزائر ضد رئيس بلدية بن عكنون، يعدد فيها كافة "الممارسات غير القانونية" الصادرة عن رئيس المجلس الشعبي البلدي بوعرابة كمال أثناء تعيينه وإلغاء تعيينه في كل مرة. وبغض النظر عن كون بوشلوش اسماعيل يتحدث عن "المشاكل" التي سببها كل ذلك لشخصه على مستوى منصب عمله الأصلي في وزارة السياحة والصناعات التقليدية، إلا أن بوشلوش اسماعيل استعمل في الشكوى التي رفعها ضد رئيس البلدية كلمات ثقيلة تشمل "التزوير" مثلما حدث في الحالة التي "حذف فيها رئيس البلدية اسم لمداني رشيد والإبقاء على اسم بوشلوش" بموجب المداولة المنعقدة في 25 ديسمبر من السنة الماضية 2012. ويقول شقار صلاح الدين إن نواب المعارضة في المجلس اطلعوا فقط على المحاضر المؤقتة الخاصة بمداولات 25 ديسمبر من السنة الماضية 2012 و12 و17 فيفيري من السنة الجارية 2013، مشيرا إلى أن "رئيس البلدية رفض إعطاءنا أربعة محاضر خاصة بمداولات أخرى، وذلك إلى يومنا هذا" وفق صلاح الدين شقار الذي شكك أيضا في كون "السجل الرسمي للبلدية" الذي يفترض فيه ترسيم المداولات والذي يفترض أن يكون مؤشرا عليه من طرف المحكمة الإدارية ذات الاختصاص.. أن يكون "مملوءا فعلا" كما قال ل«الجزائر نيوز". كما يشير ذات المصدر إلى أنه تم تعيين النواب الأربعة لرئيس البلدية، ولكن دون تعيين اللجان الثلاثة التي يفترض وجودها في كل مجلس شعبي بلدي، وهو الأمر الذي يعتبره ذات المصدر تعبيرا عن انسداد حقيقي داخل مبنى مقر بلدية بن عكنون. للإشارة فإن "الجزائر نيوز" تملك نسخا عن عدة شكاوي قدمها بهذا الخصوص أعضاء كتلة المعارضة داخل المجلس إلى الجهات القضائية وإلى الجهات الإدارية الوصية للكشف عما يعتبرونه "تجاوزات وخروقات للقوانين" في كيفية تسيير المجلس وشؤون البلدية عموما.