إنطلقت بالمسرح الوطني الجزائري، سهرة أول أمس الجمعة، فعاليات الطبعة الخامسة للمهرجان الثقافي الدولي للرقص المعاصر، بمشاركة 24 دولة، و22 فرقة إلى جانب ثمانية جزائرية. حفل قدم للجمهور عرضين أحدهما جزائري والثاني صيني. رفعت الدورة الخامسة لمهرجان الرقص المعاصر، الذي تحتضنه الجزائر من ال 15 إلى 22 نوفمبر الجاري، تحية عالية إلى فرقة بالي الديوان الوطني للثقافة والإعلام، الذي شكل نقطة انطلاق الحفل الافتتاحي الرسمي، بحضور خليدة تومي وزيرة الثقافة والسلك الدبلوماسي الممثل للدول المشاركة، وحضور شعبي كثيف لم يستوعبه فضاء بشطارزي. المناسبة كانت لاسترجاع السنوات الأولى لتأسيس بالي الديوان الوطني في 1996، والخطوة الجريئة للراقصين والراقصات، الذين لم يتجاوز عددهم الأربعة أشخاص بالنسبة للجنسين. وفي خضم فترة أمنية حساسة، اضطر فيها الراقص أن يتنكر ويختبىء لتجاوز عيون مترصدة لفنه وحياته. وقد عرض بالمناسبة شريط وثائقي قصير، أعطى الكلمة للأوائل، من بينهم صحرا خيمدة، التي عبرت عن هواجس السنوات الأولى، ونظرة المجتمع والظرف الأمني السائد طيلة عشرية حمراء. إلا أن الانجاز كان أكبر من الخوف، وقد شكل هؤلاء الراقصون الدرع المعنوي الذي تحدت به الدولة الجزائرية، الجماعات المسلحة، وزرعت بدل الرعب لوحات فنية راقصة، تستعيد التراث الثقافي والفني الشعبي، وتدخل الإضاءة إلى ولايات كانت مهددة بالموت في أي لحظة. إن احتضان الجزائر لمهرجان دولي للرقص المعاصر، هو إعلان عن نجاح محقق، وتأكيد على استمرارية ضمنتها أجيال جديدة من الراقصين الشباب، الذين وقعوا بدورهم العرض الافتتاحي الأول باسم الجزائر وبعنوان "جسور". ثمانية شبان، بلباس أسود التحموا مع حبال الحياة ليرموا بها بين الضفتين، ويوصلوا طرفيها. من جهتها، تميزت فرقة "بيجين رقص"، في عرضها الافتتاحي، والصين ضيف شرف الطبعة ال 5، ونجحوا في إمتاع الحضور، والاحتفاء ب 55 عاما من العلاقات الثنائية بين الجزائروالصين. فرقة قوامها مواهب شابة، تأسست في ديسمبر 2008، ظهر جليا تكوينهم الكلاسيكي القوي وتحكمهم في المزج بين تقنيات الرقص الصيني التقليدي والباليه الكلاسيكي والرقص المعاصر. انسيابية أبهرت الجزائريين، الذين صفقوا كثيرا وبحماس، تناسق في الحركة، وحدة في الصف، الألوان الهندام والفيزيولوجية أيضا. أدار عملهم الابداعي رئيس الفرقة وانغ يوانيوان، الذي اشتغل على سلاسة الجسد، وحوله قدر الامكان إلى صفحة لكتابة أفكار ضاربة في فلسفة الإنسان وضمن فضاء عارٍ سرعان ما يمتلئ بالحيوية، في انحاء درامي ملفت للانتباه، يتعمق بإضاءة حمراء اللون، تؤثث للمكان، وتجعله مسرحا لحياة رسم خيوطها عناصر الفرقة الصينية البديعة. شي يوان (المستشار الثقافي لدى سفارة الصين الشعبية بالجزائر): «هذه أول مرة تشارك فيها الصين في مهرجان الرقص المعاصر بالجزائر، وبالخصوص فرقة "بجين الرقص"، التي نحتفي عن طريقها بمرور 55 عاما على العلاقات الثنائية بين الجزائروالصين. نحن متأكدون أن وجود هذه الفرقة "الصاعقة" من بكين سيضيف الكثير إلى مهرجان الجزائر. فالصين تتمتع بثقافة ثرية، حضارة عريقة، وفي كل منطقة تجدون فرقا لا تعد ولا تحصى في مجال الرقص المعاصر. لهذا رجحنا مشاركة فرقة بجين لقيمتها الفنية وتحكمها في تقنيات الأداء المتعارف عليه".