دخل الوزير الأول، عبد المالك سلال، في ثوب الرئاسيات رسميا، حيث يُلاحظ بشكل لافت انقطاع سلال عن الدعابة والتنكيت، ويظهر أكثر فأكثر بمظهر الصرامة والحدة اللتين تناسبان الأجواء السياسية التي تقبل عليها الجزائر في 2014. الملاحظ أن سلال أنقص كثيرا من أسلوب الدعابة الذي كان معروفا به وأثار الجدل حوله، فمنذ زيارته لولايتي الطارف وقالمة، يظهر الرجل بأسلوب وكاريزما جديدين، إذ لم يزغ عن أسلوبه الجديد لا في الشرق ولا في الغرب لدى زيارته معسكر وتلمسان ولا في البليدة بالأمس. بل أكثر من ذلك، بدا سلال منذ خرجته إلى الطارف بلسان حاد وصارم ويتبين من خلال زيارة مستغانم، أنه في أجواء استحقاق رئاسي حقيقية، فقد انتفض ضد منتجي الحليب لبقاء اعتمادهم على تسويق الحليب في الأكياس، وقال "إني آمركم بتوقيفها وأمامكم ثلاثة أشهر للتخلص من مخزونها". ليس هذا فحسب، بل أصبحت تدخلاته تعبر عن تراجع كبير عن الأسلوب المعهود، فقد حيا فرقة الفتيات المغنيات للأندلسي بمستغانم بشكل عادي وألقى التحية على وجوه فنية كبيرة بالبليدة مثل المازوني الشهير بأغنية "أصدم أصدم يا صدام أحنا معاك للأمام" والفنانة سلوى والفنان رابح درياسة، إلا أنه بقي محافظا على أسلوبه الجديد، وهي الفرص والمناسبات التي كان يستغلها الوزير الأول عادة لإلقاء بعض العبارات التي تحمل طابع النكتة أو الدعابة، ليوحي بشكل واضح أن سلال بدأ يركز تفكيره على المرحلة المقبلة. إذ كانت البليدة الولاية التي جدد بها الوزير الأول عبد المالك سلال أمس خلال زيارة العمل التي قادته إليها، دعوتين، الأولى كانت ضمنية لانتخاب مرشح الاستقرار والثانية دعوة لتحرر إطارات الدولة الذين يعرقلون التنمية بسبب تخوفهم من المحاسبة. وما عدا ذلك، لم تحمل زيارة الوزير الأول إلى مدينة الورود جديدا كبيرا، من حيث الخطاب السياسي، سوى أنه ربط هذه المرة بشكل مباشر بين الانتخابات الرئاسية والاستقرار، وقال "نحن مقبلون على انتخبات رئاسية وينبغي التحلي بالمسؤولية خلال الاستحقاقات المقبلة"، رابطا إياها "بالاستقرار كمخرج وحيد ومنبع وحيد أيضا للوصول إلى بلد مليء بالخيرات ونحن قنوعون وسائرون نحو هذا الاستقرار وندعو الله أن يكون معنا" في إشارة شبه واضحة لانتخاب مرشح الاستقرار الذي يعني به الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وبدا أن الحكومة ما تزال تعاني من كبح إطارات الجمهورية لروح المبادرة وتحمل مسؤولياتهم كاملة، إذ جدّد بالبليدة أمس دعوته إلى هذه الفئة بتحرير المبادرات وتحمل مسؤوليات مناصبهم في إطار قوانين الجمهورية. واضطر الوزير الأول إلى استعمال اللغة الشعبية من جديد لإيصال رسالته "اللي ما في كرشو التبن ما يخاف من النار". وكشف الوزير بالمناسبة أيضا، أن لجان عمل العقد الاجتماعي والاقتصادي المنبثقة عن الثلاثية أوشكت على إطلاق نتائجها النهائية، موضحا أنه لا توجد أية تفرقة بين القطاعين الخاص والعام وقال "هناك قطاع وطني وفقط". هذا وكانت للوزير الأول وقفات على عدة قطاعات بالبليدة منها الصحة والشباب والرياضة والفلاحة.