«المشكل الموجود بهذه البلاد ليس سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا، وإنما مشكل وراثي على تداول مناصب السلطة وهذا من الأسباب الحقيقية التي دفعت المواطن البسيط للاندفاع والقلق والغضب والاشتعال كي زلاميط لأتفه الأسباب، كل شيء متوارث ببلادنا، إلا بيت الراحة هو الوحيد الذي يجد فيه المواطن المقهور نفسه للتعبير عن أرائه وأفكاره بحرية مطلقة، وحتى تكون رئيس جمهورية بهذه البلاد لا بد أن تملك كرموزم 54 B ولا تكون عكس حزب الكبير"... هي مقتطفات من عرض مسرحي مميز من نوع "وان مان شو" بعنوان "زلاميط" للمسرحي فضيل عسول، من إنتاج جمعية الفنون الجميلة لمدينة بجاية، عرض أول أمس بقاعة الموقار، تزامنا وانطلاق فعاليات مهرجان المسرح الفكاهي الذي ينظمه الديوان الوطني للثقافة والإعلام على مدار ثلاثة أيام. استمتع جمهور قاعة الموقار بعرض مسرحي مميز من نوع وان مان شو بعنوان "زلاميط" للفنان المسرحي، فضيل عسول، الذي ابتكر بدوره أساليب متنوعة على الخشبة، جاءت أغلبها في قالب فكاهي لخلق الفرجة والمتعة عند المتلقي، حيث انتقد الفنان عبر عمله الإبداعي الأوضاع الاجتماعية والسياسية بطريقة لاذعة حملها العديد من الرسائل العميقة في قالب ساخر. تحكي أحداث العمل المسرحي معاناة الجزائري البسيط والظروف الاجتماعية والسياسية السيئة التي يتخبط فيها خلال يومياته على غرار انتشار الحقرة، البطالة، البيروقراطية، الفساد، الرشوة وكذا السلوكات المماثلة التي حولت الشخصية التي يحكي عنها "الومان شو" إلى مجرد عود كبريت يتفاعل مع الأحداث السيئة والمفرحة بطريقة عنيفة، دفعت به إلى الولوج إلى عالم المخدرات والتفكير بالانتحار، فهذا ما جسده الفنان "فضيل عسول" على مدار ساعة وعشرين دقيقة من الزمن على خشبة المسرح، حيث سلط الضوء على الأحداث المريرة التي يتخبط فيها أفراد المجتمع بطريقة تحمل العديد من الدلالات والتساؤلات، وإلى جانب الظروف الاجتماعية، عرج الفنان بالحضور للكشف عن الغموض السياسي الذي تعيشه البلاد. ما يميز العرض، أن عسول أضفى عليه لمسة جمالية خاصة امتزجت فيها الفرجة بالمتعة، وظهر ذلك جليا في حركاتة الجسدية وخفة الروح التي كانت حاضرة باستمرار بين مشاهد الوامان شو. بالنسبة للجمهور تفاعل مع العرض بشكل جميل، مما دفع الفنان للدخول في حوار مفتوح معه من على الخشبة. حاولت من خلال "زلاميط" الكشف عن معاناة الجزائر العميقة وجسدت ذلك من خلال التراكمات الاجتماعية السيئة التي وصل إليها المواطن البسيط، والتي حولته الظروف إلى شخص عنيف يتعامل مع جميع الأحداث بطريقة سلبية، كما أنني وضعت الأصبع على الجرح وكشفت عن أسباب هذا النزيف الذي أصاب الجزائري، وأتمنى أن يكون العرض قد نال إعجاب الجمهور. شاركت بالعرض، مؤخرا، في مهرجان المسرح الدولي ببجاية ووجد الكثير من الاستحسان من طرف الجمهور والنقاد المسرحيين، إلى جانب ذلك قمت بجولة فنية، تقريبا في كل المسارح الجهوية عبر القطر الوطني، وهدفي هو البحث عن النقد من أجل رفع المستوى الفني والجمالي، وهذا ما يحتاجه أي فنان مسرحي. أنا بصدد التحضير لنص مسرحي للمسرح الجهوي لبجاية بعنوان "حديقة الحيوان" ل "أدوار أربي"، وهو نوع من المسرح العبثي، وأتمنى التوفيق لأقدمه على أحسن وجه، لأنني بصراحة من الأشخاص الذين يؤمنون بجدية الأعمال المسرحية، كما أنني من المسرحيين الذين يقدرون احترام الجمهور. للأسف المسرح بالجزائر في حالة إنعاش، وعلى المعنيين إعادة النظر في هذه المؤسسة الهامة، كما عليهم غربلة الأشياء من أجل إعطاء الصورة الحقيقية للمسرح وعدم احتقار الجمعيات الصغيرة لأن الإبداع والجمال يولد من هناك غير أنه وللأسف يوأد قبل أن يرى النور. أيام المسرح الكوميدي بقاعة الموقار *السبت 25 جانفي الساعة 17:00 مسرحية "تيتا"