أحيت الفنانة البرازيلية الجزائرية "أنيسة بن صالح" حفلا فنيا سهرة أول أمس بقاعة "ابن زيدون" برياض الفتح، متعت خلاله جمهورها (الذي لم يقصر في ملء مقاعد القاعة) بمقاطع منوعة من طوابع موسيقية عديدة. لعل أهم ما يميز صاحبة الصوت القوي "أنيسة بن صالح" عن غيرها من المغنيات البرازيليات، اللاتي أقمن حفلات في الجزائر مؤخرا، هو نموها بين ثلاث ثقافات متناقضة، حيث ولدت من أب جزائري وأم برازيلية، وتربت في "تاهيتي" لتجد نفسها ضائعة غير قادرة على تصنيف هويتها بين هذه الثقافات المختلفة. اغتنمت الفنانة هذا الجانب من حياتها وجعلت موسيقاها ترتكز على التنوع الثقافي، تقبل الاختلافات، ورحلة بحث الفرد عن هويته وشخصيته التي تميزه عن غيره، لتنطلق في عالم الموسيقى والعروض قبل أن تصل الثامنة عشر من عمرها. بشعر غجري قصير وفستان أسود طويل ومزركش دخلت ضيفة قاعة "ابن زيدون" رفقة أعضاء فرقتها الخمسة، ليقدموا للجمهور الغفير مزيجا فنيا جمع بين الجاز، السامبا، والبوسانوفا (موسيقى فولكلورية برازيلية)، رافقت النجمة "أنيسة بن صالح" ألحانها برقصات تبين جمعها بين الثقافات الشرقية والغربية. تميزت فيها بجمال صوتها وقدرتها على التحكم في قوته دون أن تقع في فخ النشاز فتطلق له العنان تارة وتكبحه تارة أخرى. تنوع المشارب الثقافية التي تربت عليها الفنانة جعلها تتقن ثلاث لغات، العربية، الفرنسية، والبرتغالية. وقد استفادت من هذا التعدد في مجالها الفني حيث غنت للشاعر "أدونيس"، وترجمت الأغنية البرازيلية "صديقي" إلى العربية، كما قدمت أغنيتي "بلادي" و«يا الرايح وين مسافر" التي ألهبت بها حماس جمهور قاعة "ابن زيدون". هذا وغنت نجمة الحفل مقاطع شعرية "لمحمود درويش" باللغة الفرنسية، لتليها بعناوين برتغالية من ألبومها الذي صدر سنة 2013.خلال الحفل الفني الذي نظمته المؤسسة الجزائرية للإشعاع الثقافي في قاعة ابن زيدون برياض الفتح، استطاعت النجمة الجزائرية البرازيلية التأثير في جمهورها، لتهدئهم حينا وتثير حماسهم أحيانا... حيث كسبت تعاطفهم بأدائها لأغنية "الحائط" التي غنتها لأطفال فلسطين تحت الحصار، لتطلب لاحقا من الحضور مجاراتها في خطوات الرقص والتصفيق على ريتم محدد، كما علمتهم كلمات بعض المقاطع ليشاركوها الغناء لاحقا.