مصممة الأزياء الفرنسية سونيا ريكيال صنعت أسطورتها في عالم الموضة الباريسية منذ أن قدمت أولى مجموعاتها في ستينيات القرن الماضي.. تحمل لقب «ملكة التريكو»، بعدما استطاعت أن تحول السترة المغزولة من خيوط الصوف إلى قطعة أيقونية يحبها الجميع.. أبدعتها في تصاميم أنثوية، جذابة، راقية وأنيقة، تظهر جمال المرأة وتبرز قوامها الرشيق.. تحمل ملكة التريكو الفرنسية دماء مختلطة، فقد ولدت سونيا في 25 مايو 1930 في نوي بباريس، من أم روسيّة وأب روماني كان يعمل صانعا للساعات. في سن السابعة عشر عملت الفتاة الشابة كمصممة لواجهة أحد محلات الأزياء، حيث كانت تملك حسا فنيا عاليا نتيجة للتأثير الذي تركه عليها عمها الفنان التشكيلي.وخلال عملها في متجر الأزياء التقت بصفوة المجتمع الفرنسي، ومن بينهم الرسام هنري ماتيس، الذي أثنى على موهبتها في تنسيق الواجهة واستخدام الألوان. وفي سن الحادية والعشرين وقعت الفتاة الموهوبة في غرام سام ريكيال، الذي كانت أسرته تملك بوتيك «لوريال» لبيع الألبسة الجاهزة، وعقب زواجهما انتقلت إليه إدارة البوتيك في العام 1954 وبدأت سونيا تساعد زوجها وتقوم بتصميم الملابس، وخصوصا عندما حملت في ابنتها ناتالي ولم تجد ملابس أنيقة تناسبها كسيدة حامل. دخلت مجال الازياء بالصدفة، حينما صممت لنفسها ملابس للحمل تجعلها امرأة «حامل» أنيقة واختارت خامة التريكو لتبرز إبداعاتها فانطلقت موهبتها واضحة، حصلت ريكيال على الإعجاب والتقدير ووضعت اسمها بجانب أكبر المصممين الفرنسيين في القرن العشرين، وأصبحت أشهر فرنسية تقتحم دنيا الأناقة بعد كوكو شانيل، وإحدى رائدات صناعة «الألبسة الجاهزة» في السبعينيات والثمانينيات، حتى أن أحد أشهر الكافيهات على الضفة اليسرى لنهر السين، قريبا من دار أزيائها، أطلق اسمها على إحدى شطائره.. فقد غدت «ملكة التريكو» الملقبة أيضا بملكة «الضفة اليسرى» إحدى علامات المكان طوال مسيرة تقارب النصف قرن من الإبداع والأناقة، منذ أن افتتحت «بوتيكها» الأول بشارع لاجينيل في العام 1968. تتمتع بموهبة فطرية، فهي لم تدرس تصميم الأزياء، برغم ذلك اخترعت أسلوبا جديدا للخياطة من الخارج ينم عن فلسفتها الخاصة للموضة. تتميز تصاميمها بكونها متحررة ومفعمة بالحياة، مريحة وأنيقة، كما يتميز أسلوبها في الموضة بكونه دائم الشباب، فهي أول من أطلق الفستان من دون صدرية، وروجت للطبقات المتعددة. كما جربت الكتابة على القماش، فالمصممة التي قالت عليها الصحافة «فنانة في التصاميم غير المعقدة والمريحة» استوحت موديلاتها من أشياء عدة، مثل حبها للكتابة، التأليف، الفن والغناء.. تمكنت المصممة المبدعة من إدارة دارها للأزياء طوال 44 عاما وصمدت في وجه التغييرات التي مرت بها صناعة الموضة في فرنسا، حيث كانت سونيا ريكيال الوحيدة التي تسيطر بنفسها على دارها الخاصة بعد انضمام أغلب دور الأزياء الفرنسية تحت لواء مجموعة «LVMH» الاستثمارية ورئيسها الموهوب برنار أرنو. وفي 2012 تلقت ريكيال عرضا من «فونغ براندز» الصينية التي يملكها مستثمران من هونغ كونغ، لشراء 80 بالمئة من أسهم الدار وتحويلها من شركة عائلية لعلامة عالمية فاخرة توجد في كل مكان. تنتشر أزياء وإكسسوارات وعطور ريكيال في 30 دولة، أغلبها في أوروبا، لكنها تحتاج إلى فتح أسواق جديدة.. في العام ذاته، انضم لدار «ريكيال» مصمم الأزياء جيرالدو دو كونشيكاو مديرا فنيا للدار، بعد تقاعد مؤسسة الدار لإصابتها بمرض الباركينسونز، برغم مقاومتها له لسنوات طويلة. أطلق المدير الفني الجديد أولى مجموعاته في مارس 2013 محاولا الحفاظ على أسلوب وروح ريكيال، التي استطاعت أن تعبر عن شخصيتها ونشأتها في تصاميمها التي تفيض بالمشاعر المختلفة.