عادت تجارة الشيفون أو الألبسة المستعملة إلى الواجهة من جديد وشهدت انتشارا واسعا خلال الثلاث سنوات الماضية ، ويأتي ذلك بعد قرار الحكومة بمنع هذه التجارة في الجزائر نهائيا سنة 2011، وسعت أطراف سياسية جزائرية وخارجية إلى الضغط على البرلمان لإلغاء قرار منعها، بالرغم من تقارير الخبراء التي أكّدت أنها ساهمت بدرجة كبيرة في انهيار صناعة النسيج المحلية وتراجعها بنسبة كبيرة مقارنة بسنوات السبعينات والثمانينات. أرجع خبراء الاقتصاد عدول الحكومة الجزائرية عن قرارها الصادر منذ 3 سنوات و القاضي بمنع تجارة الشيفون في الجزائر، إلى ما أسموها ب اللّوبيات الداخلية والخارجية ، موضّحين بأن اللّوبي المحلي تنضوي تحته بعض الأحزاب السياسية التي مارست ضغوطات على الحكومة، لإلغاء قرار توقيف نشاط الشيفون ، لما لها من مصالح في هذا النوع من التجارة، وخاصة على البرلمان الذي وافق على طلبها، وباعتباره مشكلا من مجموع هاته الأحزاب. وفيما يخصّ اللّوبي الخارجي صرح خبير الاقتصاد كمال رزيق أنه متمثل في أطراف فرنسية مارست ضغوطات هي الأخرى على البرلمان الجزائري لإعادة بعث هذه التجارة من جديد، باعتبار فرنسا البلد الأول والأكثر تصديرا لهذه الألبسة للجزائر، والتي تعتبر تجارة جد مربحة لها، وفي حال إلغاءها تماما ستكون أول الخاسرين، بالنظر إلى العائدات الكبرى التي تجنيها. وأكد الخبير الاقتصادي كمال رزيق أن الحكومة تسعى من خلال تسطير برنامج طموح على مدى الخمس سنوات المقبلة لإحياء قطاع النسيج من جديد عبر شراكة تركية، للاستفادة من خبراتها الطويلة في المجال، منوها في الوقت ذاته إلى أن تجارة الشيفون ومنذ تبنيها في فترة الثمانينات والتسعينات إلى غاية يومنا هذا ساهمت بالدرجة الأولى في تحطيم صناعة النسيج في الجزائر التي كانت تعرف بها في القديم، حينما كانت في أوج عطائها وتميزها في تلك الفترة. وأضاف الخبيران، أن هذه التجارة تستحوذ على حوالي 30 بالمائة من تجارة الملابس في الجزائر من خلال المنافسة غير الشريفة ، أين أصبح هناك محلات بالتجزئة والجملة تنشط في ألبسة الشيفون ، إضافة إلى وجود مستوردين متخصّصين، بغض النظر عن المخاطر الصحية التي تسبّبها الملابس في ظل غياب إجراءات صارمة وفعالة للمعالجة والتقليل من خطورتها، مما انعكس سلبا ولعب دورا مثبطا للتجارة المحلية وكبح كل طموح للاستثمار في إنتاج ألبسة محلية الصنع. وعلى صعيد ذي صلة، أفاد المتحدث ذاته أن مداخيل الجزائر السنوية من تجارة الشيفون تقارب 10 ملايير دينار سنويا، ما يترجم حجم الأرباح التي تدرّها على المستوردين والوسائط العاملة فيها. وشدّد رزيق على ضرورة القضاء بصفة غير مباشرةعلى استيراد الألبسة المستعملة والمسماة ب الشيفون وتجميده تدريجيا، بهدف حماية المنتوج الوطني المحلي وصحة المواطن على حد السواء، مشيرا إلى أنه من الصعب إلغائها نهائيا وفي وقت قصير، نظرا للضغوطات الممارسة دائما على البرلمان، حيث اقترح رزيق كحل ناجع بعيد المدى سماح الحكومة للمستوردين بالعمل في إطار قانوني، شرط إجبارهم بطريقة غير صريحة على إقامة مصنع أو مصنعين للألبسة المستوردة، مما يضطر هؤلاء تدريجيا إلى التوقف عن نشاطهم واستبداله بصناعة النسيج والألبسة المحلية والمساهمة في الإنتاج الوطني الجزائري والرفع منه، دعما للاقتصاد الوطني وتنميته.