هل اعتذر المصري يوسف زيدان للجزائر؟ يبحث القارئ لمقالة صاحب ''عزازيل'' بحثا عن جواب، وعند الانتهاء لا يزداد إلا حيرة، وكأن الكاتب أراد أن لا يقول شيئا، وعوض التراجع عن أقواله العنصرية الخطيرة ضد الشعب الجزائري، اكتفى بالاعتذار لصديقه الروائي واسيني الأعرج، والأخطر أن ما تسمى مقالة الاعتذار تلك التي صدرت مؤخرا على صفحات ''المصري اليوم'' جاءت بصيغة متعالية وأساءت أكثر للجزائريين الذين وصفهم ب ''الصغار'' وقد أرادوا الإساءة إلى مصر· لقد بات واضحا أن يوسف زيدان الذي كشف عن عنصريته بوضوح في مقالته الأولى، ما كان ليعتذر بطريقة مراوغة لولا خوفه من أن تنتزع منه جائزة البوكر العربية، وهي الجائزة التي تحاول التأسيس لثقافة إنسانية سامية وتسمو على الصراعات العرقية الواضحة، وبالفعل ارتفعت أصوات كثيرة وكبيرة تطالب بنزع الجائزة من قبيل أضعف الإيمان حماية للأدب الإنساني من العنصريين، وهذا ما جعل زيدان يكتب ما كتب موجها كلامه إلى واسيني الأعرج وكأنه أساء لواسيني ولم يسء لشرف الجزائريين في عمومهم، فالكاتب واسيني الأعرج جزائري فعلا لكنه لا يمثل الجزائريين في شيء ولا يمثل إلا اسمه· وبغض النظر عن قانونية انتزاع الجائزة من عدمها، ينبغي أن ترتفع أصوات المثقفين الأحرار لفضح مثل هذه السلوكات العنصرية المغلفة بالإبداع الأدبي والأكاديمية، مثلما تم فضح الكثير من العنصريين الذين أساءوا للسامية في أوروبا ولم تتسامح معهم أي مؤسسة· وبدا واضحا مع فضيحة زيدان التي هزت المثقفين الشرفاء في العالم العربي، وحركت بعض الدوائر الغامضة وبثت له على سبيل المثال قناة ''الجزيرة'' القطرية برنامج ''حالة إبداع'' الذي صال فيه وجال وحاول فيه إعادة خياطة بكارته من جديد، وكان من قبيل إنقاذه من شر الفضيحة، وبرنامج ''الجزيرة'' في حد ذاته كان بمثابة فضيحة أخرى لا ينبغي السكوت عنها ويجب كشفها حتى لا نؤسس لثقافة الحقد والتفرقة العنصرية، وقد جاء هذه المرة بأقلام من يتوسم فيهم السمو على هذه العقد النفسية التي لا تشرّف أحدا في شيء·