استيقظ سكان حي ''شوفالي'' ب ''مناخ فرنسا '' التابع لبلدية وادي قريش باب الوادي في حدود الثامنة والنصف من صباح أمس على وقع انفجار رهيب للغاز سمع دويه عبر مختلف أحياء الجزائر الوسطى· تسبب الحادث المأساوي في وفاة أربعة أشخاص وإصابة 14 آخرين بجروح متفاوتة، فيما سادت حالة من التضامن بين سكان الحي الذين هرعوا لتقديم يد المساعدة وإسعاف المتضررين قبل وصول مصالح الحماية المدنية والأمن الوطني· كانت الساعة تشير إلى التاسعة إلا ربع عندما وصلنا إلى موقع الحادث، حيث لم يشرع بعد في عمليات النجدة والإسعاف، والضحايا مازالوا تحت الأنقاض، عاد العشرات من المواطنين الذين سارعوا إلى عين المكان لتقديم يد المساعدة، وكان بلوغنا لحي ''شوفالي'' يتزامن مع وصول سيارات الإسعاف الأولى للحماية المدنية، التي حضرت بكثافة وبعتاد كبير· باب الواد تحت الصدمة! سادت أجواء من الرعب والهلع في أوساط سكان حي ''مناخ فرنسا'' امتد صداها إلى أحياء باب الوادي بسبب وقع الانفجار وتداول أخبار بين السكان عن تسجيل عشرات الضحايا ولتعرف المنطقة توافدا منقطع النظير من مواطنين جاءوا لتقديم يد العون، وآخرون كانوا عبارة عن فضوليين، كما حضر أهل وذوو بعض العائلات التي تقطن بالحي، وغادر تلاميذ المدارس المجاورة لمكان الحادث مقاعد الدراسة بأمر من مدراء المؤسسات التربوية، بعضهم لم ينتظر صدور مثل هذا الأمر بل غادروا الأقسام وكلهم خوف من تعرّض عائلاتهم للضرر، كما انتشرت قوات مكافحة الشغب التابعة للأمن الوطني عبر كامل أرجاء الحي تحسبا لانفلات الأوضاع بين الشباب الذي كانت تبدو على ملامحهم علامات الاستياء والغضب، وبعضهم دخلوا في مناوشات مع رجال الأمن الذين كانوا يصدونهم عن الاقتراب من مكان الحادث· الإنفجار ألحق خسائر جسيمة لثلاثة عمارات الانفجار، حسب شهادات حية أدلى بها سكان الحي والنساء اللواتي نجون من موت حقيقي بسبب الانفجار، مرده إلى تسرب للغاز بالطابق الثالث للعمارة رقم 7 المتكونة من ستة طوابق· وحسب السيدة فاطمة، فقالت: ''شممنا رائحة للغاز ليلة أول أمس في حدود العاشرة ليلا، وهي تنبعث من بيت تقطنه عجوز مصابة بمرض ''الزهيمر'' والتي لم تكن يومها متواجدة بشقتها''، أما سيدة أخرى كانت تبدو عليها علامات الأسى والحسرة لما وقع، فقد رجحت أن يكون سبب الحادث مرده إلى قيام حفيد هذه السيدة بإشعال نور المنزل في الصباح مما تسبب في الانفجار، كما أجمعت عائلات أخرى تقيم بالعمارتين 7 و8 أنهم اشتكوا لدى مصالح سونلغاز من تسرب الغاز منذ ثلاثة أيام، ولكن لا حياة لمن تنادي -على حد قولهم- وقد وقع الانفجار في حدود الثامنة والنصف بالعمارة في وقت غادر فيه أغلب الأطفال منازلهم للذهاب إلى المدارس، أما الموظفون والعاملون منهم من غادر إلى منصب عمله، ولم يبق بالمنزل سوى النساء الماكثات بالبيت والرضع، وبعض الشباب العاطلين عن العمل، ولولا هذا لكانت الكارثة أكبر وحصيلة الضحايا أثقل· وامتد الانفجار الذي وقع بالعمارة التي تحمل رقم ب7 العمارات ب 6 وب8 مع تضرر ثماني شقق بعضها عبارة عن بناءات فوضوية شيدت فوق أسطح العمارات· هلك 5 أشخاص، 14جريحا والحصيلة كادت أن تكون أثقل بدت العمارات المتضررة كتلك التي ضربها زلزال أو قصف جوي، حيث تحوّلت إلى أطلال، وكان أول ضحية تمكنا من مشاهدتها والتقاط صورتها لعجوز في الخمسين من العمر، تدعى خالتي تركية بن يحي، تقطن بالطابق الثالث من العمارة ب ,7 وهي مازالت عالقة بنافذة شقتها وهي تنشر الغسيل، غير أن الموت داهمها وانهارت عليها أجزاء كبيرة من البنايات المتضررة، وقد انتشلت مصالح الحماية المدنية جثتها بعد ساعة من الزمن· وبدأ أعوان الحماية المدنية في انتشال الجثث مما دفعها إلى استعمال الكلاب المدربة للعثور على الجثث تحت الأنقاض· وفيما يخص الضحيتين الأخيرتين، فقد أرشدت امرأة مصالح الحماية المدنية أنها تركت شقيقيها في المنزل، وهما حسان يبلغ من العمر 24 سنة ورؤوف 17 سنة من عائلة مليكشي باغتهم الانفجار وهما في نومهما العميق، وبعد جهود لأعوان الحماية المدنية تم انتشال جثة حسان في حدود الحادية عشر وشقيقه رؤوف في حدود منتصف النهار· أما الضحية الرابعة وهي من عائلة دوادي وهي في مقتبل عمرها، باغتها الموت في الشقة التي تقطن بها بالعامرة ب .7 أما باقي الجرحى، فقد سارعت مصالح الحماية المدنية إلى نقلهم لمستشفى محمد لمين دباغين بباب الوادي وعددهم بلغ 14 جريحا· الطفلة العجزة·· عثر عليها حية تحت الركام وعلى صدرها مصحفين لم يكن يصدق أحد أن يعثر على الطفلة سيرين البالغة من العمر أربع سنوات فقط حية ترزق، بعد أن أكد أحد المواطنين أنها توجد تحت الأنقاض· سيرين بترواي، طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات، أنقذتها مصالح الحماية المدنية التي تواصلت عملية إزالت الأنقاض عنها، لمدة حوالي ثلاث ساعات من العمل، ليعثر عليها وهي تبتسم وفوق جسمها عثر على مصحفين، لتنقل على جناح السرعة للمستشفى من أجل إجراء فحوصات طبية· المسؤولون هرعوا إلى مكان الحادث·· يتأبطون وعودا! إلى جانب توافد المئات من المواطنين لعين المكان للوقوف على حجم الكارثة، فقد تنقل إلى حي ''مناخ فرنسا'' كل من الوالي المنتدب لباب الوادي ورئيس بلدية وادي قريش اللذان بدت عليهما علامات التحسر، وكذا ممثلي ومسؤولي أجهزة الأمن والدرك ومصالح سونلغاز التي سارعت إلى عين المكان ليدلي المكلف بالإعلام بتصريحات صحفية في عين المكان وعلامات الحيرة والخوف بادية عليه· أما المواطنون الذين حاصرتهم قوات مكافحة الشغب تحسبا لحدوث أي انفلات، فقد عبّروا عن سخطهم وتذمرهم من الوضعية التي يعيشون فيها، في حين حضرت مصالح النظافة التابعة للبلدية التي شرعت باستعمال كل الوسائل المتاحة لتنظيف الحي وإزالة آثار الكارثة· مواطن في ال 32 من العمر في عداد المفقودين حسب شهادة المواطنين، فإن عائلة بن يحيى لم تكن مأساتها متعلقة بوفاة السيدة بن يحيى تركية فقط، بل في اختفاء أحد الأبناء البالغ من العمر 32 سنة والذي أكد لنا الشهود أنه كان نائما في السطح نظرا لضيق شقة أهله، لكنه لم يظهر بعد الانفجار، ولم تجد محاولات البحث عنه إلى غاية وقت متأخر من يوم أمس. سارع عدد من المسؤولين الذين توافدوا، أمس، على مكان الحادث للإدلاء بتصريحات فيما يخص الحادث المأساوي الذي هزّ حي ''مناخ فرنسا''· المكلف بالإعلام بسونلغاز: أخطرنا بالحادث قبل وقوعه أكد المكلف بالإعلام على مستوى الشركة الوطنية للكهرباء والغاز، مزياني، أنه ''تم إخطارنا بتسرب الغاز في الصباح، وأمرنا فرقة خاصة بالتكفل بإصلاح العطب، غير أن الحادث سبق التدخل''، وقد فتحت مصالح سونلغاز -حسب مزياني- تحقيقا لتحديد أسباب الحادث، مرجحا أن يكون سبب الحادث انفجار قارورة غاز البوتان، حسب التحريات الأولية، نافيا في نفس الوقت تسجيل أي مكالمة هاتفية تخص التسرب في هذا الحي قبل اليوم· الوالي المنتدب لباب الوادي: سنتكفل بإسكان العائلات المتضررة كعادتهم، سارع المسؤول الأول على الدائرة الإدارية لباب الوادي، لطمأنة المواطنين، مؤكدا أن السلطات الولائية ستقوم بإعادة إسكان العائلات المتضررة في القريب العاجل، علما أن عدد العائلات التي تضررت مساكنها بشكل كبير هو ثماني شقق، كما تضررت بدورها العائلات التي تملك شققا بأسطح العمارات· وجاء تصريح الوالي المنتدب لباب الوادي لطمأنة سكان حي ''مناخ فرنسا'' الذي يعتبر من أقدم الأحياء الشعبية في العاصمة، وتضم المئات من العائلات التي تقطن بشقق ذات غرفتين وتأوي كل شقة بين سبعة وعشرة أفراد· رئيس المجلس الشعبي لوادي قريش'' سنجتمع لاحقا لدراسة الوضع أما رئيس المجلس الشعبي لوادي قريش، الذي بدت عليهم علامات الحسرة والذهول، فقد وعد بإنشاء لجنة محلية لدراسة أوضاع السكان والتطرق إلى المشاكل التي يتخبط فيها السكان منذ عشرات السنين، ووعد مير وادي قريش بعقد ندوة صحفية لاحقا للحديث عن هذا المشكل·