الأستاذة زبيدة بريك إيديدي، محامية من أصل مغربي، عاشت وعانت التعسف والدكتاتورية على يد قاضٍ في المحكمة الوطنية الإسبانية قبل أشهر بسبب ارتدائها الحجاب الإسلامي·· ترفض اليوم أن تكون الضحية الصامتة التي تخرص وتخضع لمن يريدون أن يستغلوا الرموز الإسلامية لضرب المسلمين سواء في إسبانيا أو دول أخرى من العالم الغربي، وسط الضجة التي تعيشها المسلمات في فرنسا·· تقول في حوارها مع ''الجزائر نيوز'' بأنها تفاجأت وقاضي المحكمة الوطنية يطلب منها مغادرة القاعة والسبب هو ارتدائها الحجاب الشرعي··· وتعود معنا من خلال هذا الحوار إلى وقائع تلك الحادثة بالتفصيل· ماذا حدث لك في قاعة المحكمة الوطنية الإسبانية؟ دخلت قاعة المحكمة الوطنية بشكل عادي، وطلبت الإذن من رئيس المحكمة، وعندما توجهت للحديث معه داخل القاعة طلب مني مغادرة المحكمة بطريقة مباشرة، وقال لي ''يا سيدة لا يمكنكي البقاء هنا داخل قاعة المحكمة···''، وبشكل واضح أضاف ''لا يمكنك البقاء في القاعة ورأسك مغطى بخمار···''، ولم يشر إلى الإسلام· لكن أشار إلى الخمار أي الحجاب بطريقة عنصرية وإسلاموفوبية··· نعم بشكل واضح قال لي إن محامية لا يمكنها أن تدخل المحكمة أو قاعة المرافعات و رأسها مغطى، غير أنني أجبته بأن هذه ليست هي المرة الأولى التي أرافع فيها أو أدخل محكمة إسبانية وأنا مرتدية الحجاب الإسلامي، ولم يسبق لأي قاضي أن طلب مني مغادرة المحكمة أو طردني من القاعة، فأنا جد مستاءة من هذا الأمر الذي أعتبره مساسا بالحرية الشخصية وضربا لرموز الإسلام، خاصة وأن الحادثة جرت داخل قاعة محكمة· وكيف كان حديث القاضي معك؟ قال لي هذه قاعتي، وأنا الذي أحكم فيها وعليك الخروج سيدتي·· وكان له ما أراد بعدما أخذت أغراضي الشخصية وخرجت من القاعة· وما ذا فعلت بعد ذلك؟ توجهت لرفع شكوى لدى القضاء تتعلق باحتكار السلطة من قبل ذلك القاضي بعدما توجهت إلى نقابة المحامين حيث عبرت عن استيائي من تصرف وقرار هذا القاضي بخصوص لباسي الإسلامي ''الحجاب''· وبعد ذلك قمت برفع شكوى رسمية لدى العدالة، وذكرت بالتفصيل ماذا حدث لي أمام القاضي وطالبت من العدالة أن تفتح ملف انضباط خاص بهذا القاضي الذي احتكر سلطته بحجة الحجاب· هل تتوقعين بطء العدالة الإسبانية في متابعة قضيتك الفريدة من نوعها هنا في إسبانيا؟ أكيد أن المحكمة ستستدعيني قريبا من أجل توضيح الأحداث، وقد لقيت دعما كبيرا من جانب زملائي في المهنة من محامين إسبان كانوا موجودين في القاعة وآخرين أعرفهم، كلهم عبّروا عن استيائهم لما وقع· حدثينا عن اندماجك في إسبانيا كمسلمة متحجبة ومحامية؟ أعيش هنا في إسبانيا منذ 14 عاما، ولم أشعر أبدا بالتهميش أو العنصرية الواضحة ضدي أو ضد أشخاص أعرفهم، وقد درست بالجامعة الإسبانية وكان لي أساتذة ودكاترة معروفون في سلك العدالة، كلهم كانوا يحترمونني ولم أشهد منهم أية عنصرية بسبب لباسي الإسلامي·· الحقيقة، كل شخص مهاجر لديه تجربته الخاصة، لي صديقة كانت تدرس في اختصاص البيولوجيا شهدت عدة مضايقات داخل مدرج الجامعة··· أعتقد أنني كنت محظوظة في كلية الحقوق بجامعة مدريد، وذلك على طيلة مساري الدراسي وكذلك خلال مرافعاتي، حيث ساعدني بعض القضاة والمحامين في تصحيح صيغ أسئلتي لأنني في تلك الفترة لم أكن أتقن اللغة الإسبانية جيدا· هل هناك محاميات مسلمات هنا في إسبانيا يرتدين الحجاب وقد عشن ذات تجربتك العنصرية؟ أكيد أن هناك مسلمات متحجبات أو بدونه يمارسن مهنة المحامات في إسبانيا وأوروبا، لكن لا أعلم إن كن قد عشن ذات التجربة القاسية التي واجهتها من قبل هذا القاضي· هل القانون الإسباني يشترط أن تكون المحامية مكشوفة الرأس عند مرافعتها داخل قاعة المحكمة؟ لا يوجد أي قانون أو بند يشير إلى هذا الأمر، القانون يؤكد فقط على ضرورة ارتداء جبة المحاماةولا شيء آخر، ولا يتحدث القانون لا عن الحجاب ولا عن الخمار· هل تعتقدون أن تصرّف قاضي المحكمة الوطنية هو تصرف فردي أو يمثل سياسة مخطط لها ضد ارتداء الحجاب في المراكز العامة وقاعات القضاء؟ أعتقد أن هذا التصرف شخصي، ولا يمكن أن نصفه بالشامل، ولهذا فإن الشكوى موجهة ضد هذا القاضي فقط، وليس ضد المحكمة الوطنية· أتمنى أن لا يتكرر الأمر مرة أخرى مع أشخاص آخرين، وأن تحترم كل امرأة مسلمة متحجبة دون الخضوع إلى ضغط ولا ممارسات من هذا القبيل بصفة مباشرة أو غير مباشرة، ولن أسحب الشكوى إلى غاية توضيح الأمر من القاضي شخصيا، ولا أريد أن أحدث جدلا حول اللباس الإسلامي في إسبانيا أو أوروبا، بل ما حدث لي واقعي، وقد ألمني كمسلمة وشخص قبل كل شيء·