يختار ضحاياه بدقة .. يخطط للنصب عليهم ، يبدأ باختيار الشخصية الأنسب على حسب المركز الذي يوقع الضحية في الفخ و التي تمكنه للوصول إلى مبتغاه بعدما يبحث في سوابق الشخصية ونقطة ضعفها أنهت محكمة الجلفة الجدل القانوني الذي تزامن مع قضية منتحل صفة المفتش العام لوزارة العدل بالفصل فيها، بعد تعدد أوامر القبض الصادرة من محاكم مختلفة ضد المتهم إضافة الى الضجة الإعلامية التي أثارها قانونيون بسبب تعليمة السيد علي بدوي التي وجهها في وقت سابق إلى النواب العامين يعلمهم من خلالها بوجود شخص ينتحل صفته بغرض الاحتيال على شخصيات عمومية ، و يأمرهم فيها بالبحث و التحري عنه و إيفاده بكافة المعلومات، رغم أن منصبه لا يسمح بإصدار مثل هذه التعليمات. يختار ضحاياه بدقة .. يخطط للنصب عليهم ، يبدأ باختيار الشخصية الأنسب على حسب المركز الذي يوقع الضحية في الفخ و التي تمكنه للوصول إلى مبتغاه بعدما يبحث في سوابق الشخصية ونقطة ضعفها ... ، فنان في أداء الدور و اختيار الحيلة فمن موظف في وزارة الداخلية إلى صديق أويحي وصولا إلى المفتش العام لوزارة العدل بدأ الشاب (ع.س) سفرية النصب بتقلد كل هذه المناصب و نجح في اداء الأدوار بعدما استغل ضعف بعض المسؤولين و تورطهم في قضايا مطروحة على العدالة ليعدهم بالمساعدة و بالتدخل مقابل صب أموال و تخليصهم كالشعرة من العجين ، و بالفعل استطاع بذلك ان يتحصل على مبالغ مالية صبها هؤلاء في حسابه البريدي ،... الأمر يتعلق بشاب من مواليد 1968 مقيم بمدينة يسر من ضحايا زلزال بومراس...لذلك استطاع ان يزلزل مراكز مسؤولين باختياره المناصب الأنسب للاحتيال عليهم . تتلخص وقائع القضية التي تم على أساسها انعقاد الاختصاص بمحكمة الجلفة أنه بتاريخ 18/03/2008 تقدم المحافظ السامي لتطوير السهوب بالجلفة إلى المصلحة الولائية للشرطة القضائية بالجلفة قصد رفع شكوى ضد مجهول اتصل به هاتفيا في نفس اليوم في حدود الساعة الحادية عشر واعلمه بأنه المفتش العام بوزارة العدل علي بداوي وأخبره أن له قريب مريض يدعى ع.س ويطلب المساعدة لعلاجه والتكفل به في الخارج واعطاه رقم حسابه البريدي لاجل إرسال مبلغ 17 مليون سنتيم فيه ملتمسا في شكواه متابعة هذا الشخص قضائيا .وبعد قيام مصالح الشرطة بتحديد هوية صاحب الحساب البريدي المذكور تبين انها تتعلق بالمتهم ع س و بالتنسيق مع مصلحة اتصالات الجزائربالجلفة تم تحديد المكالمات الهاتفية الواردة الى محافظة السهوب بالجلفة يوم 18/03/2008 وكانت الاولى في حدود الساعة 11 من كشك متعدد الخدمات الهاتفية بالاغواط والثانية على الساعة 15 سا من كشك من المعمورة ولاية الاغواط . تزامن التحقيق في شكوى المحافظ بقدوم عناصر أمن ولاية الاغواط يوم 19/03/2008 الى أمن ولاية الجلفة قصد تحويل شخص محل بحث طبقا لأمر بالقبض الصادر عن السيد قاضي التحقيق لدى محكمة الطاهير ولاية جيجل بتاريخ 04/12/2007 ضد المشتكى منه ع.س في قضية نصب واحتيال وانتحال صفة الغير ، و عند عرضه تمت مواجهته بالشكوى المقدمة من طرف المحافظ السامي بالجلفة ، في ذات السياق و تزامنا مع ما سبق تقدم رئيس المجلس الشعبي لبلدية رقان المدعو ع .مبارك بشكوى إلى السيد وكيل الجمهورية لدى محكمة رقان ضد مجهول مفادها ان شخصا يتصل به هاتفيا مطالبا إياه بأن يدفع له مبلغا ماليا يقدر ب 30 مليون سنتيم أو أكثر على حساب بريدي وذلك لمساعدة شخص مريض يريد إجراء عملية جراحية في الخارج ومهددا إياه باستعمال نفوذه على مستوى وزارة الداخلية مضيفا أن هذا الشخص يستعمل ثلاثة أرقام وأن اتصالات هذا الشخص انقطعت منذ منتصف شهر مارس 2008 وبعد قبول الشكوى تم تحويلها إلى نيابة محكمة الجلفة للاختصاص على أساس مكان القبض على المشتبه فيه . التحقيق يكشف اسماء رؤساء بلديات وقعوا في الفخ ؟ هل بسبب الطيبة ام ........ ؟ التحقيق مع المتهم كشف عن قائمة طويلة لمسؤولين وقعوا ضحية الخطة المحكمة التي اختار فيها اللعب على أوتار قضايا تورط فيها هؤلاء مطروحة على العدالة ،حيث أفادت مصادر قضائية أن السيد قاضي التحقيق أصدر بتاريخ 24/03/2008 إرسالية إلى وحدة بريد الجلفة لتحديد هوية وعناوين الأشخاص الذين قاموا بصب مبالغ مالية ابتداء من شهر جوان 2007 في الحساب البريدي الخاص بالمتهم والذي تكرر مع كل الضحايا ، و ثبت أن الأمر يتعلق برؤساء بلديات من الجلفة و بومرداس و تمنراست إضافة إلى أشخاص لم تحدد هويتهم ، و في هذا قام الأمين عام ببلدية سلمانة ولاية الجلفة بصب مبلغ 40000 دج و استمعت اليه المحكمة كشاهد ، إضافة الى الأمين العام لبلدية أولاد فايت المدعو )ص.ز( الذي قام بصب مبلغ 10.000 دج بعدما تم الاتصال برئيس البلدية ،و السيد )ل .ف( بلدية يسر ولاية بومرداس ( 20.000 دج) ، و السيد ع. عيسى رئيس بلدية زموري ( 40.000 دج)، الهلال الأحمر الجزائري ببوغني ولاية بومرداس الذي صب مبلغ (79.830دج)،و( د.م) بعين أمقل ولاية تمنراست (30.000 دج) ،و السيد( ب.ر) يرج باجي مختار ادرار ( 20.000 دج)، مديرية النشاط الاجتماعي الجزائر ( 10.000 دج) ، ح م بلدية شروين ولاية أدرار( 20.000 دج ) ، بالإضافة إلى المسماة ر.ن ببلدية سرايدي ولاية عنابة (10.000 دج ) و ثلاثة أشخاص من مدينة إليزي أرسل كل واحد منهم مبلغ 20.000 دج للحساب البريدي الخاص بالمتهم دون ذكر أسمهم . و عند الاستماع الى رؤساء البلديات و الأشخاص الآخرين كضحايا أكد وا أنهم قامو فعلا بإرسال أموال للمتهم بعد انتحال صفة موظف في الداخلية و في هذا صرح رئيس بلدية زموري( أ.د )عند سماعه كضحية في مرحلة التحقيق أنه تلقى اتصالا هاتفيا على هاتفه النقال وأخبره المتصل بأنه يدعى دريدي عبد الكريم و يعمل في مصلحة الموارد البشرية بوزارة الداخلية وأن هذه الأخيرة وافقت على منحهم سيارتي إسعاف ، كما ذكر له بعض أسماء موظفي وزارة الداخلية الذين يعرفهم حتى يثبت له بأنه فعلا من موظفي الوزارة وفي سياق الحديث ذكر له بأن أحد زملائه في العمل يريد إجراء عملية جراحية ستكلفه حوالي 40 مليون سنتيم طالبا منه تقديم يد المساعدة له ، فقام بتاريخ 16/02/2008 بصب مبلغ 40.000 د ج في هذا الحساب ، وأضاف أن المتهم عاود الاتصال ه طالبا منه إضافة مبلغ 110.000 د ج لكنه رفض ،و في اليوم الموالي توجه إلى مصالح الأمن للاستفسار عن هويته أين أكدوا له بأنه من محترفي النصب و تزامن تقديم الشكوى اليوم الذي ألقي عليه القبض في ولاية الجلفة . وبذات السيناريو وقع رئيس بلدية يسر ضحية النصب حيث أفاد الشاهد ( ل. ف ) عون أمن ووقاية ببلدية يسر ولاية بومرداس انه بتاريخ 06/02/2008 كلفه رئيس البلدية (ش ع ) بدفع مبلغ 20.000 د ج في حساب بريدي للمدعو ع س عن طريق حوالة قام بكتابتها باسمه مضيفا أنه لا يعرف الشخص المذكور ولا تربطه به أية علاقة ، كما أنه لا يعرف سبب إقدام رئيس البلدية على دفع المبلغ في حساب هذا الشخص . و من ولاية الجلفة وقع رئيس بلدية سلمانة ب.ق في فخ الاحتيال لكنه صرح في التحقيق أنه دفع المبلغ من باب الصدقة في الوقت الذي تأسس كطرف مدني في القضية ،و أفاد عند سماع أقواله تلقى اتصالا هاتفيا على هاتفه النقال من شخص يجهله ولا يذكر رقم هاتفه النقال ، وأخطره المتصل بأنه يعمل مع رئيس الحكومة السيد احمد أويحي وانه على علم بالقضايا المتبعة ضده في المحاكم ، و في سياق الحديث ذكر له بأن شخصا ما يريد إجراء عملية جراحية ستكلفه حوالي 50 مليون سنتيم طالبا منه تقديم يد المساعدة له و سلمه رقم حساب بريدي على أساس انه للشخص المريض ، فقام بتاريخ 23/02/2008 بصب مبلغ 40.000 د ج في هذا الحساب عن طريق الكاتب العام للبلدية ، وفي اليوم الموالي عاود الاتصال به طالبا منه أن يضيف له مبلغ آخر لكنه رفض طلبه. وبذات السيناريو حاول الإيقاع برئيس بلدية أولاد فايت حسب ما جاء في شهادة السيد ص .ز الأمين العام للبلدية حيث أفاد أنه منذ حوالي شهرين تلقى اتصالا هاتفيا و أخبره المتصل بأنه المفتش العام لدى وزارة العدل وأنه على علم بالقضية الجزائية المتبعة ضد رئيس بلدية أولاد فايت المتابع بتهمة انتهاك حرمة قاصر، و أثناء الحديث أستغل المتصل سيناريو الشخص المعاق الذي سوف تجرى له عملية جراحية و حدد تكلفتها هذه المرة حوالي 600.000 د ج وأنهم بصدد جمع المال له لمساعدته وطلب منه تكليف أحد المقاولين للمشاركة في ذلك ، فقام الأمين العام يوم 02/02/2008 بإرسال مبلغ 10.000 دج عبر رقم الحساب البريدي الذي سلمه له على أساس أنه للشخص المريض. و اثر غياب عدد من الشهود و عدم الكشف عن البعض الآخر فان مصادر قضائية أكدت انه يرجح أن يكون عدد آخر لم يتأسس كطرف مدني خاصة و ان المسالة تتعلق بفنان في اختيار المناصب ، وعلمه الدقيق بسوابق المسؤولين رغم اختلاف الولايات فمن قضية الامتياز الفلاحي التي نصب بها على محافظ السهوب وصولا الى قضايا خاصة لرؤساء بلديات قد لا يعرفها الا المقربين . اعترافات بتهم و نفي أخرى..! عند إستجواب المتهم ع. سعيد في التحقيق اعترف بالتهم المنسوبة إليه وصرح أنه بتاريخ 18/03/2008 اتصل من مدينة الاغواط بالمحافظ السامي لتطوير السهوب بالجلفة هاتفيا مستعملا رقم الموزع الهاتفي التابع للمحافظة وقدم له نفسه على أساس انه بدوي علي المفتش العام بوزارة العدل واقترح عليه مساعدته في قضية العامة للامتياز الفلاحي ، بعد أن قرأ في الجرائد انه ضمن خارطة المتهمين و قائمة التابعين بمحكمة الجلفة و انه تحت الرقابة القضائية ، وفي هذا السياق أخبره بأن هناك شخص مريض ويطلب مساعدة مالية وطلب منه أن يصب له مبلغ مالي في رقم حساب بريدي على أساس انه للشخص المريض في حين أن الحساب المذكور يخصه ، وعند معاودة الاتصال به باستعمال هاتف نقال يحمل شريحة جيزي أخبرته مستقبلة المكالمات انه غير موجود بعد أن أكد معها بأنه الشخص الذي اتصل به صبيحة نفس اليوم ، مضيفا انه في مساء ذلك اليوم وبينما كان متواجدا في مقهى في مدينة الاغواط دخل رجال الشرطة وسألوا عن صاحب الهاتف ولما اخبرهم انه المعني طلبوا منه حمله وتسليمهم وثائق هويته وعند تفطنه ان الأمر يتعلق بمكالمة هاتفية رمى شريحة الهاتف النقال التي استعملها في الاتصال عندما ركب في سيارة الشرطة مشيرا ، أن جميع ما قام به كان نتيجة ظروفه المادية الصعبة التي يعيشها لأنه من منكوبي زلزال ، وعن جميع المبالغ المالية التي دخلت إلى حسابه البريدي قال المتهم أن مصدرها أخته المقيمة بفرنسا وذلك على فترات تتراوح مابين أسبوع و أسبوعين ،،،في الوقت الذي نفى بعض التهم كاتصاله بالأمين العام لبلدية أولاد فايت المدعو أو برئيس بلدية زموري أو برئيس بلدية يسر ولا حتى برئيس بلدية سلمانة بالجلفة كما نفى إحتياله على بعض الشخصيات الأخرى . في جلسة المحاكمة التمست النيابة العامة معاقبة المتم بخمسة سنوات نافذة فيما تمسك الدفاع بظروف التخفيف ، و بعد المداولة أدانت هيئة المحكمة المتهم ع.س بجنحتي النصب و إنتحال إسم الغير وإنتحال صفة الغير طبقا للمواد 372 و 449 و 442 من ق ع و حكمت عليه بثلاث سنوات حبس نافذ وغرامة نافذة قدرها مائتي ألف دينار 200.000,00 دج . السؤال اللغز ؟ قضية الشاب الذي استطاع أن يحتال على قائمة طويلة من الأشخاص تصنف ضمن القضايا التي لا يمكن طيها بمجرد إدانة المتهم بالنظر إلى حجم المناصب التي تقلدها الشاب في سفرية النصب وحجم المسؤولين الذين اعتبروا كضحايا ،و بالنظر إلى عدة استفهامات لم تجب عنها التحقيقات و جلسة المحاكمة ،خاصة المتعلقة بكيفية معرفة الشاب بنقاط ضعف كل مسؤول قصده من اجل الاحتيال عليه لدرجة علمه بالقضايا المتورط فيها ذلك أن القائمة ضمت مسؤولين من مختلف الولايات و رؤساء لبلديات تقع على بعد أميال من مقر سكناه لأن المر يتعلق بحلة من الجزائر و بومرداس و صولا إلى تمنراست مرورا بالجلفة ، كما طرحت تساؤلا عن سر صب الأموال هل بدافع الطيبة والصدقة كما قال بعضهم أو طمعا في رد جميل ؟ أم أن القضية هي أداء عبقري لمتهم أجاد اللعبة وعرف كيف تؤكل الرقاب و حجم المناصب التي ترضخ ضحاياه .