ليس التتويج الأخير لمسابقة "مؤسسة فنون وثقافة" للشاعر بهناس محمد هو عنوان تألق هذا الراوية للتراث الشعري الشعبي الجلفاوي، بل قد سبق ذلك اسهامات في التوثيق والجمع والدراسة والنظم يعترف بها كل الشعراء بولايات الجلفة وتيارت والمسيلة والبيّض وغيرها. وقصيدة " يا فردة في القلب خلّفتي صهدة"، التي فازت بالمرتبة الأولى بمسابقة "مؤسسة فنون وثقافة"، لها قصتها التي تحكي براعة الأستاذ بهناس محمد في النظم وقدرته على التصوير الفني للمعنى وسعة احاطته بمفردات المبنى الشعري. ويشهد صاحب صورة "فردة الحذاء" أن الشاعر بهناس قد انساب شعرا وتقاطر وصفا بمجرد أن توصّل بالصورة فاستطاع أن يخاطب الجماد ليستكنه منه قصيدة حققت صدى واسعا وتصدرا في شعر الشوق والنوستالجيا. ويقول الأستاذ بهناس عن هذه القصيدة المتوّجة "إنها بدوية خالصة وتحاور الجماد، لذلك فإن الكثيرين يحسبونها من الشعر القديم وأن قائلها شيخ كبير. ولهذا أنا دوما أحب أن أفرق بين الشعر الشعبي والملحون ... الشعبي يكون بلغة الشعب قد يخالطها مفردات غير أصيلة بينما الشعر البدوي هو ما كان بألفاظ بدوية محلية بحتة". وشاعرنا محمد بهناس قد تدرّج في تحصيله الجامعي ونال شهادتي الليسانس والماستر ولولا ظلم التصنيف وتطابق التخصص لكان من ضمن دكاترة الجزائر وأساتذتها المحاضرين في الشعر الشعبي. واذا كان الأكاديميون يتوقفون طويلا .. دراسة وشرحا ... عند أشعار ابن حاضرة مسعد الشاعر الكبير "محفوظ بلخيري" ، فإن هذا الأخير لا يتورع دائما وفي كل المجامع عن القول بأن إبنه في الشعر هو ابن حاسي بحبح "محمد بهناس". ويَعتبر الدكتور بلعدل الطيب، أستاذ وباحث في الأدب العربي بجامعة الجلفة، أن "بهناس ذاكرة شعبية للجزائر ككل وليس فقط لمنطقة الجلفة لأنه يحفظ عيون الشعر الشعبي وأنه في ذلك راوية قل له نظير أو ند". ويرى الأستاذ بلعدل أن محمد بهناس "شاعر شعبي فحل يجب أن تطبع أعماله لتكون في متناول الباحثين والدارسين والمتذوقين للشعر الشعبي". وقد صار محمد بهناس مرجعا في القصيدة الشعرية الشعبية لمنطقة الجلفة. وهذه المكانة جعلت منه أيضا مرجعا لدى الباحثين في التراث الشفوي واللغوي وشرح المفردات القديمة. ولا تكاد تكون هناك قصيدة أو شاعر من القدماء أو الأحياء الا وقد أحاط بها الأستاذ بهناس حفظا وشرحا سواء لسيرة الشاعر أو مناسبة قصيدته. لذلك صار حضوره أكثر من ضروري في كل الأمسيات الشعرية ولقاءات الشعراء داخل وخارج ولاية الجلفة. وفي حواراتنا معه نتلمس في الأستاذ محمد بهناس ذلك الشاعر الذي لم ينكفئ الى النظم أو الحفظ بل انتقل الى المزاوجة بين تكوينه الأكاديمي ومطالعاته المختلفة لعيون الأدب العربي القديم والحديث ليفتح مجالات بحثية خاض في بعضها ووضع مشاريع لغيرها مثل قضايا التناص بين الشعر الجاهلي والشعر الشعبي أو اختلاف تناول بنى شعرية من شاعر الى آخر. وهذه الثقافة الموسوعية بين الشعر بأنواعه منحت للأستاذ بهناس قدرة أخرى على المناورة في البناء النثري ليصبح واحدا من أعلام القصة القصيرة التي تنطلق من الواقع المعاش أو من تقلبات النفس البشرية لتصنع نصوصا لطالما أشاد بها متتبعوه من مبدعي المشرق والمغرب العربي. القصيدة الفائزة في مسابقة "مؤسسة فنون وثقافة" – أكتوبر 2018: العنوان: يا فردة في القلب خلّفتي صهدة جيت نسالك خبّريني يا فردة عيدي عنّي وين دارت مولاتك؟ حيّا ولاّ في الجبابن مفقودة غابت عن طول الحياة وخلاّتك. إذا حيّا وين راها موجودة؟ واذا ماتت ما تخبّيش جوابك يا فردة مهموم ومحاني هدّة نابيني ردّي وهاتي سؤالك كنتي في رجل الظريفة مقدودة وين مّا تمشي معاها مشّاتك كنتي في زغرة وهمّة ومودّة ويا حسراه على زمنها وزمانك يافردة بالعين ولّيتي وردة محظية من شعر بدوي غنّالك راني عنّك جبت قولي بالنفدة باه نفاجي كي نّنظر خيّالك وشّير ومازلت ثابت ع العهدة والناس اللي قبلنا نحفظهالك لو نعشر حجرة ونفرقها نردى كفاه العبد يهون عنّو نسيانك! متربّي ع الولف راني لا جحدة واللّي مثلي ما ينجّمش فراقك حسراه على شاو عمرك ما عدّى وحسراه على الزايخة واه خطاتك! مقطوعة ومبهدلة في ذِ الصمدة غير السّافي عاد ساكن في ذاتك بعد الجيرة والشوايع محمودة وحدك في القيفار ليلك ونهارك مرمية في طرف لَخلى مهمودة في صحرى غير الهوارب جيرانك بعدن رحلت ودّع الرجل الفردة وختك من ذ البر هجرك وخطاتك وغريبة من بعد جملة محيودة ضركا وحدك في مرابع مولاتك وينا مضرب فردتك كان بعيدة نطوي البر نجيبها نهديهالك ابلا بيها ما نظنّكش سعيدة وما تسواش صحيح من دون جوارك يا ضيمي من ليعة الفرقة سودة ريت الليّ مبلي من الفرقة هالك سهم مسمّ صحيح فتّات الكبدة طب العالم مايجبّرش فتاتك في ظني مسعود معلول بغدّة ومهوّض عني المحنة باسبابك يتفكرلي في زمان مشى وقدى منّك صورة في زمنّا لزمانك نخزرها وتعود كبدي مشدودة والقلب يولّي محيطم عن جالك واش يرجّع في المحبّة من رندا واستسلم للنوم من دون معارك يا قلبي فارقت ناسك من مدّة علاه تنبّش في جراحي وجراحك يخّي كنت بخير ماكش في شدّة متنعّم في الجوف لامن يصفالك مزّيلف شاهي تفط من الجلدة ومناكفني ما رضيتش بفوادك ياون قرضك طول قاعد في وهدة في بالي غير المراسم تهوالك تتحسّر عللّي مضى خلّفلك دا ما يدّاوى ما يطيقو طبّابك من ضيقة روحي نسوّل في فردة ما تتكلّم ما ادنّق لحوالك ياقلبي ما صبتلك فرجة تهدا نتهنّى ويزول ع الذات هبالك يا قلبي غير الصبر مالك نجدة هذي هي نصيحتي نعطيهالك