لقد أثلجت صدورنا التعديلات الأخيرة التي جاءت في قانون العقوبات، وخاصة في ما يخص تجريم خطاب الكراهية والعنصرية، وكل ما يمس بالوحدة الوطنية، بعد استفحال هذه الظاهرة لحد لا يطاق، من طرف العملاء في الداخل والخارج. وكل غيور عن الجزائر، وكل مؤمن بالوطن، وكل ملتزم بواجبه نحو بلده، يرحّب كل الترحيب بهذا القرارات، فلا الدين يُجيز الكراهية والعنصرية، ولا الأخلاق، ولا العقل، ولا حتى النظم العصرية. وإذ نثمّن هذه القرارات، فإننا نأمل في توسيعها إلى الممارسات ذات الصلة، والتي تعاني منها ولاية الجلفة، على غرار بعض الولايات. منذ أن اعتلى الرئيس المخلوع من طرف الشعب سُدة الحكم، بدأ الانتقام بسبب تصرّف شخص، ودفعت الولاية الثمن حيث تم تهميشها في الكثير من المجالات، فموقف العقيد أحمد بن الشريف رحمه الله، بعد وفاة الزعيم الراحل الرئيس هواري بومدين رحمه الله، يوم الأربعاء 27/12/1978، حينما وقع جدالٌ وصراعٌ حول من يخلفه، ومنها معارضة العقيد بن شريف عضو مجلس الثورة آنذاك اختيار السيد بوتفليقة، وبعد أن تم اختيار الرئيس المرحوم الشاذلي رئيسا، تم تهميش العقيد بن شريف ومنحه وزارة الري واستصلاح الأراضي وحماية البيئة إلى أن تمت تنحيته ومحاكمته. وتكرّر التهميش مع سنة 1999، حيث بدأت ولاية الجلفة تدفع ثمن موقف العقيد بن شريف، وكأن رأيه أو موقفه يعبّران عن سكان الولاية ذات التركيبة الاجتماعية الجامعة لكل أطياف المجتمع الجزائري، من عرب، وزواوة، وشاوية، وبني ميزاب، وسوافة، ومن كل أقليات المجتمع باستثناء إخواننا التوارق، الذين لا يقطنون بالولاية ربما بسبب بعد المسافة، أو البرودة القاسية للمنطقة، والكل يعيش في انسجام وتعايش ووحدة وبينهم مصاهرة والحمد لله على نعمة الوحدة والقلوب المؤلفة. ما دفعني لتوجيه الرسالة إلى سيادتكم، هو أن هناك معلومات من مصادر متطابقة، مفادها أن وزارة الصيد البحري قررت ترقية محطتي الصيد البحري بولايتي بسكرة وأدرار إلى مديريات ولائية، وغياب برمجة ولاية الجلفة التي توجد بها محطة منذ سنوات وتابعة لولاية عين الدفلى، فهل ولاية الجلفة التي تحوي على بحيرات طبيعية، ومشاريع للمستثمرين الخواص حول تربية المائيات، هي أقل شأنا من ولايات : ورقلة وبشار وأدرار وبسكرة، وكل الولايات التي توجد بها مديريات وليست ساحلية وبعيدة كل البعد عن البحر؟؟ السيد الرئيس المحترم، هذا الخبر الذي أقض مضجعي وأمضيت الليل بطوله مغتاظا لهذا النوع من الظلم؟ إنها ليست المرة الأولى التي تُهمش فيها ولايتي الرابعة وطنيا من حيث السكان، والتي قلتم عنها أنها قلب الجزائر نظرا لموقعها الجيوستراتيجي، وهذه بعض الأمثلة عن الممارسات الجهوية والعنصرية، فإذا كانت تلك الاختيارات نابعة من اعتبارات جغرافية، فالجلفة أولى بذلك وهي أقرب ولاية للعاصمة من كل الولايات التي ذكرت، وإن كان لاعتبارات الكثافة السكانية، فهي من كبرى الولايات، وإذا كان لاعتبارات وجود المقرات، فهي تتوفر على المقرات. وبالتالي لا نعرف كيف تصرّف المسؤولون في السابق، وجعلوا من ولاية الجلفة ولاية تابعة للعديد العديد من الولايات الجنوب شرقية، والجنوبية، والشمال الغربي، وهي موجودة في الوسط؟ وهذه بعض الأمثلة على سبيل الذكر لا الحصر: *ملحقة متحف المجاهد بالجلفة تابعة لوصاية المتحف الجهوي للمجاهد بولاية بسكرة. *ملحقة مسح الأراضي بالجلفة تابعة لوصاية والمديرية الجهوية بولاية بسكرة *الخزينة العمومية لولاية الجلفة تابعة للخزينة الجهوية لولاية بسكرة *صيدليات المستشفيات بالجلفة تابعة للصيدلية الجهوية بولاية بسكرة *وكالة القرض الشعبي الجزائري تابعة للوكالة الجهوية بغرداية *وكالة البنك الخارجي الجزائري تابعة للوكالة الجهوية بولاية الأغواط *وكالة الصندوق الوطني للسكن بالجلفة تابعة للوكالة الجهوية بالأغواط *الوكالة الولائية للصندوق الوطني للعطل المدفوعة والبطالة الناجمة عن سوء الأحوال الجوية تابعة للوكالة الولائية بالأغواط *المفتشية الجهوية للعمل بالجلفة تابعة للمفتشية الجهوية بالأغواط *مفتشية اقسام الجمارك بالجلفة تابعة للمديرية الجهوية بالأغواط *وكالة بريد الجزائربالجلفة تابعة لمفتشية ولاية الأغواط، ومحاسبيا لولاية الشلف والإدارة والمالية تابعة للعاصمة ؟؟ *الكشف بالساكنير بالنسبة لمؤمني وكالة الجلفة للصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية تابعة لولاية الأغواط، يعني التنقل للكشف؟؟ *وكالة الجلفة للمركز الوطني التقني للبناء تابعة للوكالة الولائية بولاية الشلف . *مشروع حظيرة الأطلس الصحراوي كان مبرمجا في الجلفة وتمت إقامته في ولاية الأغواط . *مشروع مركز مكافحة السرطان كان مبرمجا في الجلفة وتم انجازه في ولاية الأغواط، إلى أن جاء قراركم الحكيم بتفعيل المشروع الخاص بالجلفة قبل نهاية السنة، وسكان الجلفة لن ينسوا لكم هذا الجميل حيث استثنيتم المشروع من التجميد بسبب أزمة وباء كورونا. هذه بعض الأمثلة عما قاموا به في السابق من تهميش وعلى مدى عقود من الزمن، وبقيت هذه الوضعية حتى اليوم. السيد الرئيس المحترم، ذكرت ما سبق ليس انتقاصا من الولايات الأخرى، وليس تدخلا في الأمور التقنية لمن اتخذ القرار عبر عقود مضت، ولكن من يُراجع هذا الوضع يتضح له أن هناك اجحاف بالنسبة لولاية الجلفة، وهل هذه الأمور اتخذت بخلفيات أم أن الأمر غير ذلك؟. أملنا أنه وفي عهدكم ستنال الولاية حقها، ويُزاح عنها طيف التهميش، وننتظر قريبا تدخلكم مثلما عودتمونا أنكم صاحب كلمة شرف، وصادق في وعده، لكي تتحول محطة الصيد البحري بالجلفة إلى مديرية ولائية كمثيلاتها في الولايات الأخرى، وأن يُعاد النظر في هذه الوصايات المبعثرة عبر ولايات الوطن. أخيرا، وفقكم الله مع المخلصين في هذا الوطن العزيز إلى ما فيه خير البلاد والعباد، وأحاطكم ببطانة صالحة تعينكم في مهامكم، وشملكم برعايته، والجميع معكم ما دمتم صادقين متفانين في خدمة الشعب. (*) ناشط جمعوي من بلدية الجلفة