نص المداخلة التاريخية التي ألقاها الأستاذ بن سالم المسعود بمناسبة الإحتفالية المزدوجة ل "اليوم الوطني للذاكرة" و"احتفالية ليلة القدر" بالمسرح الجهوي "أحمد بن بوزيد" بالجلفة. بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الكريم السيدات السادة الحضور الكرام ممثلي الأسرة الثورية والسادة مسؤولي السلطات المنتخبة والسادة مسؤولي السلطات التنفيذية والسادة ممثلي الإعلام والسادة الأئمة وحفظة القرآن الكريم، السيد مدير المسرح الجهوي "أحمد بن بوزيد" وإطارات المسرح، أهل الدار التي نحن ضيوفها اليوم، السيد موساوي امحمد حسن ابن سي أحمد لمين ابن سيدي بوبكر ابن الشيخ المقاوم الشهيد موسى بن الحسن المدني الدرقاوي، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد، نجتمع اليوم في الذكرى ال 76 لمجازر الثامن ماي 1945 التي اقترفتها فرنسا، عدو الماضي والحاضر والمستقبل ... انه "اليوم الوطني للذاكرة" الذي أقرّته السلطات العمومية، وبما أن التكريم سيكون اليوم لشخصية "الحاج موسى بن الحسن المدني الدرقاوي" فإنني لن أطيل عليكم في سرد سيرة هذا الشهيد العظيم ... لأن الجزائريين قد احتفوا به احتفاء عظيما يوم استرجاع جماجم شهداء المقاومة الوطنية ودفنهم في شهر جويلية الماضي، لقد احتفل به أيضا أبناء ولاية الجلفة حين كتبوا عنه وخلّدوا اسمه في مقالات كثيرة وفي كتابين يؤرّخان للمقاومة الشعبية بمنطقة الجلفة خصوصا والجزائر عموما ... ذلك أن الحاج موسى بن الحسن المدني الدرقاوي قد جاهد في بلاد أولاد نايل وفي الأغواط وفي بلاد القبائل الصغرى وفي غارداية ومتليلي الشعانبة وبوسعادة وورقلة إلى أن سقط شهيدا يوم 26 نوفمبر من سنة 1849 في الملحمة الجهادية الكبرى بالزعاطشة. السادة الكرام، إن هذه الربوع قد كانت مُنجبة للأبطال المقاومين منذ فجر الاحتلال الفرنسي الغاشم ... وكانت حاضنة للمقاومين من معسكر والونشريس والشلف والظهرة والزيبان والأغواط وورقلة وأولاد سيدي الشيخ ... ولهذا فإن المقاومة الشعبية ببلاد أولاد نايل قد استمرت قرنا من الزمان ... منذ سنة 1831 مع الحاج موسى الدرقاوي إلى غاية سنة 1931 مع الشيخ عبد الرحمان بن الطاهر طاهيري الذي أعدم يوم 14 جويلية 1931 بسجن سركاجي في احتفالية المحتل بعيده الوطني، لقد كانت سيرة الحاج موسى بن الحسن عظيمة في كل مراحلها منذ أن أعلن الجهاد ضد المحتل الفرنسي ... فحيثما نزل حثّ الناس على الجهاد والتضحية وصنع هو القدوة بذلك ... السيّد والي ولاية الجلفة، والسيد مدير المجاهدين، والسيد رئيس المجلس الشعبي البلدي، اسمحوا لي أن أسافر بكم مباشرة إلى سنة 1861 ... ففي ليلة 14-15 من آفريل 1861 هاجم 50 مقاوما البرج العسكري بالجلفة بقيادة المقاوم بوشندوقة ... وسأقرأ عليكم نص التلغراف الذي بعثه الجنرال دوينز، قائد مقاطعة المدية، إلى قيادة أركان جيوش ناحية الجزائر: « Je viens d'apprendre à l'instant q'un fait de la plus grande gravité vient de se passer à Djelfa. Le village a été attaqué par une bande de 50 à 60 arabes dont quelques-uns munis d'armes à feu … les cris poussés par les assaillants étaient Allah Akbar Si Moussa ». الترجمة: لقد علمتُ للتو بواقعة شنعاء بالجلفة. القرية هُوجمت من طرف عصبة تتشكل من خمسين إلى ستين عربيا من بينهم من يحمل أسلحة نارية ... الصيحات التي كررها أولئك المهاجمون كانت الله أكبر سي موسى". لقد وقعت جريمة نكراء بُعيد ذلك الهجوم وفيها قام الجنرال السفاح دوسوني بمحاكمة صورية لا تمتّ بصلة للشرف الحربي ... فحاكم 16 مقاوما وقام بوضعهم في مطمورة ثم أعدم منهم 07 مقاومين داخل المطمورة وردمهم ... وأسماؤهم هي: بن عامر بن سعد، قاسم الصديق، يحي بن الطيب، علي بن معطار، مبارك بن عبد المالك، براقة بن يطو، بوبكر بن علي". السيّد الوالي المحترم، الحادثة معروفة تاريخيا باسم "مطمورة السطاعش" ... وأسماء ضحاياها معروفون وموثقة في الأرشيف الفرنسي وكانت محور أطروحة دكتوراه بجامعة كولومبيا بالولايات المتحدةالأمريكية سنة 2005 ... والمطمورة موقعها في حديقة الحرية ... والحديقة تبعد ب 250 مترا عن مقر إقامتكم ... ورُفاة هؤلاء الشهداء السبعة إلى اليوم لم تُستخرج ولم تُجر أي حفريات بشأنها ... ننتظر منكم التحرك على أعلى مستوى لكي نكرمهم بالدفن مثلما أكرمت الجزائر شهداء المقاومة بالدفن في 05 جويلية الماضي ... والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته