"المدراء التنفيذيون في مناصبهم ... النقابيون لا يصدرون بيانات عن نتائج و مآل إضراباتهم ... المطالب و الاتهامات الخطيرة في خبر كان ... النقابات عادت إلى سباتها الشتوي" "لُوكَان يدخل مدير التربية الجديد نحرڤ روحي" ... هذه العبارة الشهيرة و الموثقة بالفيديو قالها أحد نقابيي التربية ممن قطعوا على أنفسهم عهدا بأنه لن يتم تنصيب مدير التربية الجديد، و تصلح هذه المقولة لأن تكون "نقطة الذروة" للمنحنى التصاعدي للحركات الاحتجاجية بالجلفة في عام 2012. حيث شهدت ولاية الجلفة حركات احتجاجية في عدة قطاعات تابعة للوظيف العمومي تراوحت لوائحها ما بين المطالبة برأس المدير الولائي للقطاع "الثقافة، الشباب و الرياضة، التربية" و الحق في التثبيت "المحافظة السامية لتطوير السهوب" ... فضلا عن الحركات الاحتجاجية الأخرى التي قادها الموظفون أنفسهم مثل قضية متقنة لغريسي، و قضية حملة شهادة تقني في الغابات و قضية متعاقدي قطاع الأشغال العمومية. العامل المشتركة بين النقابات المذكورة هو أنها لم تصدر بيانا تنوّر فيه الرأي العام حول مآل حركاتها الاحتجاجية، أو تنشر نسخة عن محضر اتفاق ممضى من الطرفين بخصوص التكفل بالمطالب المرفوعة و التي شغلت الرأي العام المحلي من اجلها طيلة أيام أو أسابيع. و على سبيل المثال، تنسيقية نقابات قطاع التربية بالجلفة أصدرت ست بيانات على الأقل في مدة 20 يوما، و كانت ترسل نسخا منها إلى الصحافة عندما كانت الاحتجاجات في أوج قوتها، أما اليوم و بعد أن تم إدخال مدير التربية الجديد إلى مكتبه بالقوة العمومية فقد صرنا لا نسمع لهذه النقابات همسا ... بل صارت الإشاعات هي التي تغذي الرأي العام لا سيما بين موظفي قطاع التربية بالجلفة. و نفس الأمر بالنسبة لنقابتي قطاع الشباب و الرياضة. بداية الإضرابات بالجلفة في 2012 كانت بإمضاء من موظفي قطاع الثقافة، حين أعلنوا في شهر جانفي إضرابا شل كل مرافق الثقافة بالولاية ، و كان مطلبهم في ذلك هو رحيل مدير الثقافة. هذا الأخير اتهموه بعدة أشياء منها تعطيل العمل الثقافي و تعطيل منح و تعويضات و مخلفات للموظفين قالوا أنها تجاوزت السنة. و انسجمت إرادة الوصاية مع إرادة موظفي الثقافة بالجلفة تم لموظفي قطاع الثقافة ما كانوا يرمون إليه حيث تم تنصيب السيد "العيد شيتر" مديرا جديدا للقطاع في بداية آفريل 2012. و في نفس المضمار، دشن عمال و موظفو قطاع الشباب و الرياضة بالجلفة فصل الخريف بحركة احتجاجية –أكتوبر 2012- طالبوا خلالها برأس المكلف بتسيير القطاع السيد "م.م". و كانت الحركة الاحتجاجية تحت قيادة نقابتين هما ''SNAPAP و UGTA'' حيث كالت للمدير المكلف تهما من النوع الثقيل منها أنه " أهان وهدد العديد منهم و في اجتماعات رسمية، بالإضافة لشتم و سب و التلفظ بألفاظ سوقية حيال موظف و إطار نقابي بالقطاع" بل و ذهبوا ابعد من ذلك حين اتهموه بأنه قد أصدر " تسخيرات إجبارية في أيام الراحة الأسبوعية للموظفين لتنظيف الشوارع". عمال و موظفو قطاع الشباب و الرياضة بالجلفة طالبوا بأن يعتذر المدير بالنيابة عما بدر منه و إلا فإنهم سيدخلون في إضراب مفتوح ... فهل اعتذر لهم المدير المكلف؟ الله اعلم ... أياما قليلة بعد حركتهم الاحتجاجية الأولى، أصدر عمال قطاع الشباب و الرياضة بالجلفة بيانا تلقت "الجلفة إنفو" نسخة منه. و الجديد هذه المرة هو أن موظفي قطاع الشباب و الرياضة حددوا مطلبا واحدا: "رحيل مدير الشباب و الرياضة بالنيابة"، و من أجل ذلك ذيّلوا بيانهم باتهامات خطيرة جدا من شأنها أن تزجّ بهذا المدير المكلف في السجن و ليس عزله فقط. و سوف لن نأتي على ذكر كل تلك التهم بل سنكتفي بذكر ثلاث تهم فقط كما وردت في البيان "استغلال سيارة المصلحة (Doblo fiat 2009) خارج أوقات العمل حيث تعرضت لثلاث 03 حوادث مرور من طرف ابنه، تحويل دورة المياه إلى مخازن غير مستغلة و تحويل مكتب المدير السابق إلى غرفة استقبال لتوسعة السكن الوظيفي حيث صٌرف عليه مبلغ يزيد عن 460 مليون سنتيم، جهله بالقوانين و إمضاؤه على إجازات في حدود 30 يوما و حرمانه الموظفين من منحة المنطقة". و ما كاد يهدأ قطاع الشباب و الرياضة حتى اندلع إضراب آخر و من نوع خاص، لم يكن فيه النقابيون هم من يتبنون مطالب العمال، بل صاروا هم الضحية هذه المرة بعد أن وجدوا أنفسهم محل تسريح "تعسفي". هذا ما حدث مع خمسة أعضاء من الفرع النقابي للإتحاد العام للعمال الجزائريين "UGTA" للمحافظة السامية لتطوير السهوب. أما "بقية أعضاء الفرع النقابي الأربعة" فهم يمارسون مهامهم بصفة "عادية" حسبما صرح به زملاؤهم المسرّحون للجلفة إنفو !! أما أهم حركة احتجاجية نقابية شهدتها ولاية الجلفة في السنوات الأخيرة، فكانت تلك التي قادتها ستة نقابات من قطاع التربية بالجلفة ضد تنصيب الأمين العام السابق لمديرية التربية بالبليدة كمدير لقطاع التربية بولاية الجلفة. و حاز هذا المطلب على مساندة نواب ولاية الجلفة في الغرفة السفلى للبرلمان، و كذلك مساندة فيدرالية جمعيات أولياء التلاميذ بالجلفة (يرأسها "العمراوي" منذ حوالي عشرين سنة). الخرجة الاحتجاجية ضد مدير التربية الجديد "معاوية أمحمد" نظمتها تنسيقية تضم ستة نقابات (SATEF، SNAPEST، UGTA، UNPEF، SNTE، SNAPAP) و شهدت تخلف (أو تحفّظ) نقابة المجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي و التقني (CNAPEST). هذه الأخيرة كان من المفروض أن تصدر بيانا توضح فيه موقفها و بوضوح من قضية تخص القطاع الذي تمثله. احتجاج تنسيقية نقابات التربية تزامن و حداثة تنصيب وزير التربية الجديد السيد "عبد اللطيف بابا أحمد"، حيث أصر الوزير الجديد على عدم التراجع عن أول قرار اتخذه كمسؤول أول عن القطاع. كما تزامنت هذه الحركة الاحتجاجية أيضا مع نزول السيد أبو بكر خالدي إلى ولاية الجلفة و حديث عن اجتماع الوزير مع نواب المجلس الشعبي الوطني الممثلين لولاية الجلفة. و ما كاد احتجاج قطاع التربية يأخذ طابعا روتينا يوميا أمام البناية الخضراء، حتى خرجت منظمات أبناء الشهداء على الرأي العام الجلفاوي ببيانين تدافع فيهما عن السيد مدير التربية الجديد كونه ابن شهيد. إذ اتهمت هذه الأخيرة نقابات التربية بأنها ليست ذات تمثيل نقابي حقيقي، بل و ذهب أبناء الشهداء أبعد من ذلك حين اتهموا نقابيي التربية صراحة بأنهم يجرون وراء الانتداب و وراء قضاء مصالحهم الخاصة. و سمعنا وقتها عن عزم نقابيي التربية رفع دعوى قضائية ضد منظمات أبناء الشهداء من أجل رد الاعتبار لأنفسهم ضد بيان وصفهم بأنهم احتجوا "خوفا على مصالحهم و حتى تبقى فضائحهم مستورة لا يصل إليها المسؤول الذي تم تعيينه مؤخرا". أخيرا ... و تعقيبا على كل ما سبق ذكره ... ترى ماهو السر وراء لامبالاة الإدارة بإضرابات و احتجاجات النقابات في ولاية الجلفة؟ هل فعلا ما يشاع عن كونهم ليسوا إلا أصحاب "مصالح" كما وصفهم أبناء الشهداء بالجلفة؟ أم هم مجرد "أصحاب أختام" مثلما قال مدير الصحة في ندوته الأخيرة؟ على كل، الإجابة عن هذه الأسئلة و غيرها سوف نترقبها في أقرب انتخابات تجديد للفروع النقابية بالجلفة، لأن الحصيلة الآن متوفرة و بين أنامل كل من يريد الإطلاع عليها خصوصا العمال و الموظفون ... إذ يكفي أن تكتب "إضراب احتجاج الجلفة" في الأنترنت و سوف لن يردّك "الحاج ڤوڤل" خائبا ...