شيخ مشاغبي العصر وإمامهم كما وصفه المفكر الاسلامي فهمي هويدي .. فقد ظل يحارب الصهيوينة ولم ترهبه الهجمات الوحشية من الإعلام الغربي المدعوم بالصهيونية ولايزال يصر على ان مهمة المفكر هي تحطيم الأصنام والأساطير والأغلال الذي يرزح تحتها العالم الآن ومنها الخرافات التي صاغت الدولة اليهودية في اسرائيل .. وهو صاحب كتاب (الأساطير المؤسسة لدولة اسرائيل) .. الذي قدمه للمحاكمة والسجن مع ايقاف التنفيذ .. واخر عطائه الفكري (امريكا طليقة الانحطاط ).. انه الصرخة النقية في زمن الاقنعة الزائفه . هو المفكر الفرنسي المسلم "روجيه جارودي" أو "رجاء غارودي" الذي صدر له مؤخراً كتاب "الإرهاب الغربي" عن دار الأمة الجزائرية بعد أن رفضت كل دور النشر الفرنسية طباعته خوفًا من اللوبي اليهودي في فرنسا. هذا الكتاب الذي عرضه محمد بركة في موقع الإسلام اليوم الإلكتروني، يتناول جذور الإرهاب الثقافي والسياسي والاجتماعي بالعودة إلى 3 آلاف سنة مضت، وصولاً إلى الحضارة الأمريكية الحديثة، الَّتي تستخدم الآن مقولة محاربة الإرهاب لضرب كل أعداء الولاياتالمتحدة. يبدأ الكتاب بمقدمة أشبه بدراسة سياسية عن تداعيات أحداث 11 سبتمبر، ثم ينتقل إلى توْطئة تشكل سيرة صغيرة عن تاريخ تحولات جارودي الفكرية وأسبابها حيث يقول: "نعم أصبحت مسلمًا، دون أن أتنكر ليسوع أو إلى ماركس، على العكس فقد أردت أن أبقي على إخلاصي لهما، وكما في جميع الأديان (والتي هي طريقة من طرق الاعتقاد، بينما الإيمان طريقة من طرق الفعل)". يبدأ الفصل الأول بعنوان الّغرب حدث عارض ببحث تاريخي عن الوجود اليهودي في بلاد كنعان، ويفند فيه كلام التوراة حين يضعها مع التاريخ والمكتشفات الأثرية، ويبين مدى تأثرهم الكبير بالكنعانيين عبر الحكايات المقدسة والآلهة.. أما الفصل الثاني فيبين جارودي فيه لنا مدى إنسانية رسالة المسيح والرسالة المحمدية ومدى انحيازها للفقراء والمستضعفين في الأرض من خلال دلالات من الإنجيل ومن القرآن. ثم يدخل في الفصل الثالث إلى جوهر انقلاب الديانة المسيحية من رسالة أسس لها المسيح لتكون انقطاعًا كاملاً عن العهد القديم إلى ديانة يهودية، وتحول الإله من إله للمحبة إلى إله كإله روما «جوبيتر» على مقاس مخيلة الإمبراطور الروماني قسطنطين، فأصبحت الكنيسة مؤسسة من مؤسسات الدولة: أما في الفصل الرابع من الكتاب فيدخل جارودي في صلب المبادئ الَّتي تأسست عليها النهضة الأوروبية، وكيفية تحولها إلى وحش يفتك بسكان العالم الآخر من سكان أمريكا الأصليين إلى بلاد الهند.. فيبين المبادئ السامية لهؤلاء الأقوام الَّتي أطلق عليها الغرب لقب البرابرة والهمج، ليختزل لنا الفكر الأوروبي في ثلاث مسلمات: 1 مسلمة آدم سميث الَّتي ألَّهَت السوق. 2 مسلمة ديكارت الَّتي حولت الإنسان إلى إنسان الحاسوب. 3 مسلمة «فاوست» (الدكتور الَّذي باع روحه للشيطان مقابل العلم في رواية) الَّتي أدخلت الإنسان في عالم اللامعنى. فتلك المسلمات أسست لقوانين رأسمالية كولونيالية خلقت تنافسًا وحشيًا دون حد شرعي، أو أخلاقي، ما ساعد على اختفاء الحيوان والنبات بالمليارات، والمعذبين بالملايين، والمشاريع الصغيرة بالآلاف. ويقدم «روجيه جارودي» صورة أكثر دقة عن فلسفات الشرق في الفصل الخامس من كتابه، فقد قسمه لعدة أقسام أفرد فيه لكل حضارة قسمها الخاص.. وشرح فيه إضافة إلى فلسفة الشرق إبداعهم للفنون.. حيث ابتدأ بحضارة الهند ثم انتقل إلى التاوية في الصين، ثم الزردشتية في بلاد فارس وصولاً إلى هيراقليطس، وإلى الحضارات الإفريقية.. «جيوبوليتيك القرن العشرين» عنوان الفصل السادس من كتاب الإرهاب الغربي، حيث يرصد النتائج الكارثية الَّتي حققتها الرأسمالية، في السنوات الأخيرة الماضية، من زيادة في عدد العاطلين عن العمل، إلى زيادة الجريمة وتعاطي المخدرات كنتيجة لهذه السياسات، فيقدم احصائيات تعود في معظمها إلى أواخر التسعينيات.. أما الفصل السابع والأخير فقد خصص لاستشراف عصر جيوبوليتيكي جديد يختلف عن كل ما تأسس عليه العصر السابق منذ اكتشاف أمريكا عام 1497 وحتى يومنا هذا.. روجيه جارودي كما سجل ذلك بنفسه : ولدت عام 1913 في أسرة بعيدة عن التدين ، أو ملحده بالمعنى الديني ، وعندما بغلت العشرين من عمري كانت الازمة الاقتصادية والكساد يجتاحان الولاياتالمتحدة ، ويمتدان إلى أوربا ، في ذلك الوقت بدأت رحلة البحث عن الحقيقة ، وتلمسها في كل الافكار والفلسفات والايديولوجيات ، وكنت مرتبطاً بالقيم الدينية المسيحية ، وواصلت بحثي من حدود قناعاتي الفكرية . - الماركسية وبدايتي الفكرية .. لا انكر ان الماركسية شكلت فكري وصاغت وجداني في المرحلة الأولى من حياتي في الوقت الذي كنت فيه أؤمن بالمسيح الذي يمثل عندي قمة الطهر وايماني بالمسيح عليه السلام كان دافعاً قوياً لاقبالي على الاسلام بعد 40 عاماً من تديني المسيحي وفكري الماركسي ، وذلك لأن الإسلام احترم المسيح عليه السلام وهو الدين الأكثر تفتحاً ، بينما رفضت الديانة اليهودية المسيح عليه السلام ورفض المسيحيون الاعتراف بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم .. - بداية التحول .. الرصيد الابرز في حياتي والذي صاغ وجداني وهيأني للدخول إلى الإسلام ، بدأ يتشكل في الجزائر (معسكر عين اسرار، الجلفة) حيث كنت جندياً فرنسياً ضمن قوات الاحتلال للجزائر ، ووقعت مع مجموعة من الجنود أسرى في أيدي الثوار الجزائريين ، وحدث تمرد من الأسرى الفرنسيين في معسكر الاعتقال ، فأمر قائد المعسكر بإطلاق النار على المتمردين وكانت السرية الجزائرية المكلفة بإطلاق النيران علي مع زملائي من المسلمين وفوجئت بهم يرفضون إطلاق النار على الأسرى وأنا معهم ، وسألت قائد السرية لماذا فعلوا ذلك ؟ فقال لي : لأننا مسلمون ، ومن العار أن نطلق النار على أسير أعزل لا سلاح معه ، وكانت الصدمة الأولى التي زلزلت حياتي ، ويومها عرفت أن الإسلام هو الذي انقذ حياتي .. وأنا عمري 28عاما وظل بداخلي حتى اعتنقت الإسلام عام 1982. معسكر عين اسرار - الجلفة (الجزائر) و يقول رجاء جارودي في حوار معه (حادثة الجلفة أحسن من عشر سنوات بالسوربون) أما أكبر تحول في حياة جارودي فكان تحوله للإسلام؛ لقد تعرف على الإسلام مبكرًا جدًا، وهو يقل في أحد الحوارات التي أجريت معه: 'لقد عشت في بداية الحرب العالمية الثانية تجربة فريدة من نوعها؛ لأن قوات الاحتلال الألماني قبضت على المجموعة الأولى للمقاومة الفرنسية حين سقطت باريس، وصدر الأمر بنقلها إلى معسكر (الجلفة) في جنوبالجزائر، وكنت أحد أفراد هذه المجموعة، فدعوت رفاقي إلى تمرد في السجن، وفي مارس من سنة 1941م دعوت حوالي خمسمائة منهم إلى التظاهر لتأكيد اعتراضنا على السياسة النازية .. وبعد ثلاثة إنذارات من قائد المعسكر .. أصدر أوامره للجنود بإطلاق النار علينا ففوجئنا برفض الجنود ذلك حتى بعد تهديدهم بالسياط .. ولم أفهم للوهلة الأولى سبب رفضهم، ثم عرفت أن هؤلاء الجنود كانوا من الجزائريين المسلمين، الذين يرون أن شرف وأخلاق المحارب المسلم تقتضي ألا يطلق النار على إنسان أعزل. ويضيف جارودي: 'لقد صوروا لنا المسلم على أنه متوحش همجي، فإذا بي أمام منظومة قيم متكاملة لها اعتبارها لقد علمني هذا الموقف، واستفدت منه أكثر من استفادتي عشر سنوات بالسوربون'. وعندما أطلق سراحي، بقيت في الجزائر مدة عام، وخلاله التقيت برجل عظيم، كان له أكبر الأثر في نفسي - هو الزعيم الإسلامي الشيخ البشير الإبراهيمي، رئيس رابطة العلماء المسلمين الجزائريين - وقد قمت بزيارته، بصحبة عمّار أوزيجان (صاحب كتاب: الجهاد الأفضل)، وفي مقر الشيخ الإبراهيمي لاحظت صورة كبيرة لرجل مهيب. ولأول مرة أتعرف على صاحبها، عندما شرح لي الشيخ البشير جوانب من حياة الأمير عبد القادر الجزائري - عدو فرنسا - كبطل محارب وعابد ناسك؛ بل كواحد من أعظم أبطال القرن التاسع عشر. ويعتبر هذا الدرس من الشيخ الإبراهيمي - بالنسبة لي - المرة الثانية التي ألتقي فيها بالإسلام. - وجدت المنطق في الإسلام . نعم فقد وجدت في الاسلام مبتغاي ومقصدي فكرة (المنطق) ففي الإسلام تجد العلاقة بين الله الخالق وبين المخلوق الإنسان علاقة مباشرة بلا وسيط بينهما كما هو الحال في الكنيسة في المسيحية او علاقة مباشرة انفصالية كما هو الواقع في القانون الروحاني حيث الإنسان هو سيد الكون . - المحاكمة الأولى والبراءه .. لأن المبادىء لا تتجزأ ، فقد اعلنت موقفي صريحاً مدوياً برفضي الحاسم للاجتياح الاسرائيلي لجنوب لبنان في صيف 1982م على صفحة كاملة بصحيفة اللوموند الفرنسية اشتريتها لحسابي الخاص من 17 يونيو 1982 موجهاً نقداً لاذعاً لاسرائيل والصهيونية لإقدامها على اجتياح لبنان لتغذي غرور الغطرسة والهوس المزمن الذي تزكية أمريكا ، وكانت هذه المقالة بمثابة الطلقة الأولى التي خرجت من حنجرتي لتعلن بداية حرب ضروس ضدي . - ثمن هدم خرافات اسرائيل .. 1990م صدر قانون جديد باسم (فابيوس جاسبو) لمحاكمة كل من يحاول انكار المحارق النازية لليهود في المانيا وهكذا وجدت طريقي إلى المحاكمة الثانية عام 1998م من باريس بسبب آرائي في كتاب (الاساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية) حيث رصدت بداخله خرافة اسطورة حرق 6 ملايين يهودي في أفران هتلر فكيف يحدث حرق 6 ملايين يهودي وعدد اليهود في أوربا كلها لم يكن يتجاوز انذاك 3.5 مليون يهودي ، وهكذا نكتشف خرافة الاسطورة ، في حين أن هتلر قتل من الروس والشيوعيين اكثر مما قتل من اليهود ، واسجل هنا أنني ضد قتل فرد واحد بسبب دينه أو رأيه او فكره ، وقد انتهت المحاكمة هذه إلى الحكم علي بالسجن لمدة 9 شهور مع ايقاف التنفيذ وغرامة مالية 100 فرنك فرنسي . - كتبي .. حصاد عمري يتمثل في أفكاري وقناعاتي التي أودعتها كتبي ورغم أنني كتبت عن (كارل ماركس) و (فكر هيجل) و (النظرية المادية للمعرفة) و (ماركسية ضد العصر) حيث حاولت التقريب بين الوحدوية والشيوعية . فقد كتبت عن (حوار الحضارات) لاكشف كذب ادعاء مقولة صراع الحضارات وكذلك كتب (البديل) و (ملف اسرائيل) و (أحلام الصهيونية واضاليلها) و (الاساطير المؤسسة للسياسية الاسرائيلية) واخيراً كتاب (أمريكا طليعة الانحطاط)