بحيرة " حاسي القارة" الواقعة جنوب ولاية غرداية، أو كما تعرف ب "سبخة الملح"، تتربع على مساحة 7000 هكتار منها 2800 هكتار من المياه و الذي به قرابة الأربعين نوعا من الطيور. و تتواجد البحيرة في سرير "واد سقر" و بالضبط في نهاية الأحدور الجيولوجي. ولذلك تظهر عيون و ينابيع طبيعية خصوصا على مستوى الضفة الغربية في منطقة "عين تادمامة" و "جداري"، إضافة إلى عيون أخرى ظاهرية ضعيفة في منطقة "غرس لعسل" و أخرى بعيدة قليلا على مستوى منعطف خط "الزيتة" بمعنى أن هناك عيونا تغذي البحيرة بمياه الطبقة البئرية بسبب انخفاض و نهاية الأحدور. و هذه الميزة الجيولوجية للبحيرة لا يمكن تجاهلها أبدا خصوصا مع المساحة الإجمالية لها و مستوى ارتفاعها عن سطح البحر المقدر بنحو 390 م. أما بالنسبة الى تاريخ تشكلها، فهي قديمة التشكل و تعود إلى العصر الجيولوجي الثاني أي قبل وجود الإنسان على سطح الأرض بملايين السنين إذ أنها تعتبر قاع بحر قديم يدل على ذلك تشكل طبقات من ترسبات بحرية مالحة قديمة جدا على مستوى الجنوب. و لذلك فالبحيرة ليست مياها فقط بل هي سجل تاريخي ملموس لتشكل الأرض. و للتذكير فإن أكثر من خمسين مليون متر مكعب من الماء تصب فيها سنويا مما أنتج كتلة حيوية هامة جدا من الكائنات الدقيقة و النباتات و الحيوانات الشيء الذي يعد مكسبا سياحيا و علميا للمنطقة. و لعل أكبر انتصار للبحيرة و حماة البيئة هو الخبر المثلج المتمثل في تصنيف بحيرة حاسي القارة منطقة رطبة دولية وفقا لاتفاقية "رامصار". هذا الخبر حمله أطلس المجلد الرابع الصادر عام 2004 من طرف وزارة الفلاحة بالتنسيق مع المديرية الوطنية للغابات و رئيس الصندوق الدولي من أجل الطبيعة السيد لوك هوفلمان. و قد جاء تصنيف بحيرة حاسي القارة محمية دولية بعد أن اعتمد المسؤولون بمقر اتفاقية "رامصار" بسويسرا جزءا هاما من أبحاث الأستاذ "أحمد صيقع" رئيس جمعية العلوم و حماية البيئة بالمنيعة. و أهم ما توصلت إليه هذه الأبحاث هو و جود مستويين لمياه البحيرة يشكلان تركيبين كيماويين بكل من الحوض العلوي و السفلي، و كذا وجود ثلاثة مستويات لأهمية البحيرة. و هذا التصنيف ساهم فيه بشكل حاسم كذلك القرار الولائي الصادر في شهر ماي من سنة 2002 و القاضي بتصنيف البحيرة محمية ولائية هذا إلى جانب جهود المديرية العامة للغابات و باحثي جامعة "باب الزوار" حول العوالق الحيوانية و النباتية و الجراثيم. و في رده على سؤال يتعلق بما يمكن أن يضيفه انضمام بحيرة حاسي القارة إلى اتفاقية "رامصار"، أوضح رئيس جمعية العلوم و حماية البيئة أن ذلك سيمكنهم كجمعيات من تقديم برامج حول التهيئة و الحماية للجهات الدولية المعنية و الاستفادة من مساعداتها المادية لإيجاد مشاريع لتطوير البحيرة . ولأن الحديث يطول عن البحيرة فقد ارتأينا في الختام أن ندق ناقوس بل نواقيس الخطر عما تتعرض له بحيرة "حاسي القارة". و أهم ما يحتم علينا فعله هو وقف عملية صيد الطيور سواء بنية أكلها أو بيعها أو تربيتها إلى جانب وقف كل شكل من أشكال الرعي في المحمية و تكسير أعشاش الطيور و حرقها. و لا ننسى هنا وقف صب المياه القذرة في البحيرة . كما يجب العمل على تطوير البحيرة لأن هذا الكنز الطبيعي يمكن أن يتحول إلى بؤرة لأنفلونزا الطيور لاسيما إذا أخذنا في الاعتبار أن البحيرة هي محطة توقف هامة للطيور المهاجرة من أوربا و غيرها نحو جنوب شرق إفريقيا، كل هذا من أجل الاستفادة من البحيرة علميا و سياحيا و بالتالي العمل على تفعيل ما أضحى يعرف بالسياحة البيئية على كافة الأصعدة.