احتضن مقر المتحف البلدي بمدينة الجلفة مجموعة من الشعراء في لقاء نظمه نادي "الحياة الصحافة" للإبداع الأدبي والفكري (اليوم الأدبي الإعلامي)، بالتنسيق مع لجنة النشاطات الثقافية لبلدية الجلفة، وتحت شعار "الاستقلال بأقلام المبدعين"، وقد كان هذا اللقاء نقطة بداية لإعادة الأنفاس الإبداعية إلى المدينة الثقافية كي تتجدد الحياة ويعود المثقفين إلى أجوائهم التي عهدوها، في شعار يحمل دلالات الاستقلال. اللقاء كان لقاء شعريا تمكّن من الدخول إلى فضاء التواصل الأدبي بين رفقاء الكلمة، وكان اللقاء لحظة عودة إلى طريق النشاط الإبداعي بالمدينة الذي غاب عنها طويلا. حضرت عدة أسماء وغابت أسماء أخرى، لكن الحاضرين كان لهم نصيب الاستمتاع بالكلمة الشعرية، حيث جاء البعض من مدينة البيرين وآخرين من مدينة بوسعادة وغيرهما. وقد نشط هذا اللقاء الشاعر البيريني هيثم سعد زيان، وشاركه المنصة عدد من الشعراء نذكر منهم: الشاعر يوسف الباز بلغيث، الشاعر ضيف الله بشير، الشاعر جمال رقاب، الشاعر عبد الرحمن سالت، الشاعر رابحي بن علية، وبعض الوجوه الجديدة كالشاعرة فتيحة عبد الرحمن الجزائري، الشاعر كمال دولة، الشاعر أمجد مكاوي، الشاعر أحمد دعلوس. كما حضر اللقاء الروائي عبد الباقي قربوعة، والشاعر أحمد رحمون، والمبدعة إميليا فريحة، وبعض الوجوه التي جاءت تتلقف الكلمة بانتباه ليستمتع القلب بعيدا عن لفح الضجيج. ندوة على هامش اللقاء نطالب بإعادة الاعتبار للمبدع في مدينة الجلفة على هامش اللقاء أثار الحضور عدة إشكالات تختص بالركود الثقافي في المدينة، موجهين عدة استفهامات لبعضهم حتى يتسنى لهم الوصول إلى نقاط التقاء. وكانت مداخلة الشاعر بشير ضيف الله تصب أساسا في تحليل ظاهرة هذا العزوف الجماعي و"الإجماعي" من جانب المثقفين، وعدم تبني الإدارة لأية مبادرة من جهتها تحرّك بها هذا الركود. كما تحدث عن الخلل الذي أصاب المثقفين بسبب المنافسة، مما جعل منهم فرقا وأحزابا وشيعا كل حزب بما لديهم فرحون. وكانت مداخلة الروائي عبد الباقي قربوعة تاريخية، تأسف فيها عن الحال الذي وصلت إليه مدينة الجلفة، وضاعت ملتقياتها التي وصلت إلى الطبعة الثامنة، وحينما أرادت الوزيرة دعم هذا الملتقى ليصبح مغاربيا، فكك المبدعون هذا الحلم وباعوه بأبخس الأثمان، كما قدم في مداخلته مجمل الصراع بين المثقف والمثقف، وبين الإدارة والمثقف، وقال إن الخلل الذي جعل هذا الركود يطول سببه المثقف والمبدع حين يعتقد في نفسه أنه آلهة الإبداع التي لا بد أن تعبد كل يوم. كما أشار إلى رداءة الإدارة في ذلك الوقت، تلك التي لم تستطع أن تحتوي المثقف ولا أن تعطي حلولا تجمع أكثر مما تفرق، فكانت الإدارة مشاركة في هذا التفسخ إن صح التعبير. من جانبه دعا الشاعر يوسف الباز بلغيث إلى إنشاء نقابة أو مؤسسة أو خلية تعيد للنشاط الثقافي الحياة من جديد، وهي التي تحاول أن تربط المثقف والمبدع بالإدارة، وتكون فاعلة في دورها مخلصة في نواياها بعيدة عن الصراع الذي لم يترك إلا رمادا ضاعت هو الآخر آثاره. كما أضاف "إننا من خلال هذا اللقاء نود أن نصدر بيانا للوزارة نصرح فيه عن رغبتنا في إعادة الأيام الثقافية التي كان لها الصدى المهم لدى المدن الجزائرية الأخرى، كما أننا نطالب بإعادة الاعتبار للمثقف في مدينة الجلفة ونطالب الوزارة بإعادة النظر في الملف الثقافي الإداري ككل، وأن يكون للمثقف دور في التسيير الإداري الوظيفي، لأنه الأقدر على فهم المثقف والنشاط الأدبي والفني". وقد أشاد بدور نادي الحياة الصحافة في لم هذا الجمع الكريم، ونبه إلى ضرورة اللقاء المتجدد حتى تدرك الإدارة في المدينة أن الفترة التي نام فيها العمل الثقافي هي فترة مراجعة لمجمل الوضع الثقافي. وفي السياق نفسه قال الشاعر عبد الرحمن سالت "إن هذا الركود هو ركود مهم حتى نستطيع أن نتدارك كل أخطائنا وأن نستفيد منها، وأن نجدد علاقاتنا ببعضنا خاصة وأن وجوها جديدة في المشهد الثقافي دخلت بقوة ولها إرادة المشاركة والنشاط". وقد أضاف الشاعر أحمد رحمون كلمة قال فيها "أدعوا الجميع إلى تجديد نظرتهم للفعل الثقافي تحت شعار لا للصراع بل للعمل الجماعي الهادف، فهناك أصوات مهمة في المدينة من الحرام ردم تاريخها ومجهودها وبعثرت أوراقها، خاصة اولئك الذين ارتموا في الظل، وفضلوا العتمة على نهار واضح لكنه ملغم" وفي نهاية أشغال هذا اليوم الأدبي تم إصدار توصيات حتى يتسنى لهذا اللقاء أن يكون لقاء تأسيسيا، يؤدي فيه الحاضرون رغبة الغائبين الذين ربما لا يمانعون أن يعود المشهد الثقافي أحسن مما كان عليه، ومن بين التوصيات: - محاولة إيجاد صيغة جديدة لإعادة أشغال الملتقى الوطني الأدبي والفني. - الاستفادة من الأخطاء السابقة شكلا ومضمونا . - تعيين خلية متابعة للعمل الثقافي والتعامل مع السلطة الثقافية في المدينة. - نشر بيان يوجه إلى الوزيرة لإعادة مكانة المثقف أمام الإدارة.