في البداية ليعذرني الجميع عن التقصير فيما سأقوله. لأنني لست ملما بالموضوع من كل جوانبه المتشعبة والمختلفة، ولست بإمام أو خطيب ولا كاتب أو أديب، غير أن صوت الحق يناجي كل نفس مؤمنة أن تقوله ولا تخشى فيه لومة لائم وبحسب ما تعرف أيضا . إن المرأة هي نصف المجتمع أو هي كله وهي مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق. وحين تخلت المرأة في مجتمعنا المسلم عن أداء دورها الذي حدده لها الشارع الحكيم،انحرف المجتمع تماما وتغير مساره إلى الأسوء بعد أن ضربت عرض الحائط كل قيمها وأصبحت تنادي بحرّيتها وبمساواتها مع الرجل وكأنها كانت قبل ذلك مستعبدة ؟ لقد كانت المرأة في الجاهلية مستعبدة أيما استعباد ولا تملك غير الغريزة تشبع بها شهوات الرجال، وكانت توأد من غير ذنب طيلة قرون طويلة من تاريخ الإنسانية حتى ظهرت شريعة الحق. وظهر الإسلام ... الدين الحنيف الذي ملأ الأرض عدلا وساوى بين طبقات المجتمع كلها بين السّيّد والعبد وبين الرجل والمرأة قال الله تعالى" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"(الحجرات 13)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "النساء شقائق الرجال" ومن بين آخر ما وصى به في حجة الوداع النساء قال " استوصوا بهن خيرا"، وقال أيضا "الجنة تحت أقدام الأمهات" فكرّم الإسلام بذلك المرأة أما وأختا وزوجة وبنتا وعمة وخالة وجميعهن فهل توجد شريعة أعطت للمرأة مثل ما أعطى لها الإسلام ؟ في يوم ما من أيام الله أقيم مؤتمر في أوروبا لمناقشة موضوع : هل المرأة إنسان؟ وانتهى المؤتمر بكونها إنسان خلقت لتخدم الرجل وتشبع غرائزه وفقط ، ونادى الشيوعيون في أحد المؤتمرات فقالوا (1)"يا نساء العالم إتحدن" ... ضد من؟ .. الله أعلم !!. ونادى الغرب وتلامذته من العرب بضرورة حرية المرأة، فسقطنا صرعى أمام تلك الخطابات الجوفاء وأصبحت المرأة تخرج من غير حاجة وترتدي ملابس ما أنزل الله بها من سلطان وتقيم العلاقات الحميمة مع الفرد والفرادى جملة وتفصيلا وبلغ الانحلال الأخلاقي ذروته بسبب ذلك. وفاق التعدي على الحرمات كل الحدود وضربت العلاقات الحميمة أواسط مجتمعاتنا حتى أصبح الأب لا يتدخل في شؤون ابنته إن دخلت أو خرجت أو تأخرت أو غابت والأخ لا يبالي بأخته وأصبحت الأهواء والشهوات تتحكم في عقولنا وكل هذا سببه حرية المرأة ... كنا نسير إلى الهاوية واليوم أصبحنا نهرول ونجري فيها وإذا لم نستفق قبل فوات الآوان فلا أمل يرجى من أن تصلح مجتمعاتنا . حاول الغرب بكل ما أوتي من قوة أن يخلق "مشكلة المرأة" عندنا ونجح في ذلك (2)، في حين لم تعرف أمتنا هذا المشكل طيلة القرون الأولى من عصر الإسلام بحسب مفاهيمهم، فلا توجد مشكلة البتة للمرأة لأنها في الأخير هي والرجل إنسان واحد والله تبارك وتعالى قال ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ)، فوحدة الإنسانية التي تبني مجتمعا لا يمكن أن تبنى من رجل + رجل + رجل إلى ما لا نهاية، ولا من إمرأة + إمرأة + إمرأة إلى ما لا نهاية، وإنما الازدواجية لما تذوب وتنصهر في وحدة تسمى الإنسان أو الوحدة البشرية، والوحدة البشرية ليست واحدة كما هي في الأعداد الحسابية، الوحدة البشرية 2 = 1 أي رجل + إمرأة = إنسان ( وحدة بشرية )، حتى من الناحية العلمية الكيميائية والفيزيائية الوحدة تعني شيئين مثل الماء وهو واحد يعني شيئين هيدروجين + أوكسيجين = ماء ، ولو حللناه أو مزقناه وقلنا يا هيدروجين أخرج من ناحية ويا أوكسيجين أخرج من ناحية ... انعدم الماء وبالتالي نموت عطشا وتنعدم الحياة ...
(1) مؤتمر دولي سنة 1881 بقيادة كارل ماركس الذي قال : يا رجال العالم إتحدوا وكصدى لهذه الفكرة جاءت مقولتهم يا نساء العالم إتحدن . (2) من إحدى الأشرطة المسجلة لطبيب الحضارة مالك بن نبي أعدها الأستاذ عبد الله بوقولة