مدبغة الهضاب العليا "الاعتراف سيّد الأدلة" ... "مجمّع صناعة الجلود بالجزائر" اعترف بأن النفايات التي تخلّفها هذه الصناعة "تضرّ بالبيئة وبصحّة الإنسان" و"تسبب السرطان". وبالتالي هل لذلك علاقة بمدبغة الهضاب العليا بالجلفة (تابعة للمجمع المذكور) التي مازالت تنتج نفايات صلبة وسائلة وغازية وتستخدم الكروم وغيره من المواد الكيميائية في جميع مراحل الدباغة ... هذا ما سنحقق فيه في هذا البحث الذي قامت به "الجلفة إنفو" بالتعاون مع "جمعية أصدقاء الطبيعة لتربية الطيور وحماية البيئة" ... لقد حاولنا أن يكون هذا البحث شاملا ووافيا ومُنصفا وبكل الوثائق الرسمية التي توفّرت لنا من مصادر رسمية ... مخابر تحليل، ادارات، جامعات قالمة وعنابة وورقلة، الإحصاء العام الفلاحي "RGA" لسنة 2001، وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، المركز الوطني لتكنولوجيا الإنتاج النظيف، جمعيات ولائية بالجلفة، الصحافة، شهادات من عمال مدبغة الهضاب العليا ... لأن مدبغة الهضاب العليا بالجلفة "THP" لديها محطة لتصفية المياه المستعملة ولكنها غير مستغلة ومياهها المستعملة المُشبعة بالعناصر الكيميائية المسرطنة تُرمى مباشرة في شبكة الصرف الصحي دون معالجة ومنها الى وادي ملاح. لقد كان يفترض في مدبغة الجلود بالجلفة أن تكون مكسبا تنمويا لصالح الجلفة و الولايات السهبية قصد تثمين الثروة الحيوانية بالمنطقة، و لما لا فتح آفاق صناعة الملابس و الأحذية الجلدية الفاخرة و كذا صناعة الأسمدة الزراعية، و لكن هذا المكسب قد تحوّل إلى كارثة بيئية يتحمّل تبعاتها سكان مدينة الجلفة و ما جاورها بسبب عدم احترام المقاييس البيئية المعمول بها ... وهو ما يستدعي إيجاد حل بصفة عاجلة و مدروس على أساس علمي من أجل ترقية تربية المواشي و الحفاظ على البيئة و الصحّة العامة... إن واجب الوفاء لمن ماتوا بالسرطان يُجبرنا على البحث عن الحقيقة والصّدع بها مهما كانت مرّة ومهما كان مَنصب المتورط فيها لأن السرطان في الجلفة لم يستثن أحدا ... صغارا وكبارا ... نساء ورجالا ... انه واجبنا وحق الأجيال القادمة في مياه نقية وبيئة صحية ونظيفة ... بلدية الجلفة بها 71% من حالات السرطان عبر الولاية ... لماذا؟ تشير احصائيات "جمعية شعاع الأمل لمساعدة مرضى السرطان"، المُحيّنة بتاريخ 03/07/2014، إلى أن حالات السرطان المحصاة عن طريق منخرطي الجمعية وصلت الى 1029 حالة. غير أن ما يلفت الانتباه في تلك الأرقام هو أن عاصمة الولاية لوحدها تحصي 737 حالة. وهو رقم يستدعي أكثر من وقفة على اعتبار أن الرقم كبير جدا خصوصا وأن هناك مخاطر نفايات صناعية واستشفائية موجودة بعاصمة الولاية ... والسؤال المطروح هل يقوم مصنع الجلود بتصفية مياهه القذرة قبل صرفها الى الشبكة العمومية ومنها الى وادي ملاح؟ وهل تقوم مستشفيات عاصمة الولاية بتصفية مياهها الاستشفائية قبل صبها في الشبكة العمومية؟. احصائيات مرضى السرطان المسجّلين بجمعية "شعاع الأمل" بالجلفة حسب كل بلدية (جويلية 2014) الاعتراف سيّد الأدلة ... الكروم يسبّب السرطان !! اذا كان هناك من أركان للجريمة فانه لابد من التحقق من الركن المعنوي لها والذي يتضمن الإقرار بارتكاب الجريمة. فمدبغة الجلود بالجلفة لها نفايات صلبة وسائلة تضر بالبيئة وبصحة الإنسان. و"مجمّع صناعة الجلود بالجزائر" قد اعترف في مقالة نقلتها عنه مجلة "الإنتاج النظيف" بأن "النفايات الصلبة المكدّسة في المدابغ منذ سنة 1997 تشكل خطرا على البيئة والإنسان" وأن هذه النفايات "لا يمكن التخلص منها في المفرغات العمومية ولا حتى في مراكز الردم التقني". كما ذكرت ذات المجلة أن "الكروم السداسي يسبّب السرطان" وأن "الكروم الثلاثي في النفايات الصلبة معروف عنه أنه ينجم عنه الضرر حسب القوانين السارية المفعول". السؤال العجيب: 03 ملايين رأس غنم بالجلفة ... ومدبغتها تعالج جلود الأبقار !!! مدبغة جيجل مختصة في معالجة جلود الأغنام ومدبغة الجلفة مختصة في معالجة جلود الأبقار ... يحدث ذلك رغم أن ولاية الجلفة لوحدها يوجد بها أكثر من 03 ملايين رأس غنم دون حساب رؤوس الأغنام في الولايات السهبية المجاورة لها ... فلماذا هذا التناقض؟ ورغم أن ولاية الجلفة تحتل دائما المرتبة الأولى وطنيا في انتاج اللحوم الحمراء بفضل رؤوس الأغنام التي تحوزها وبالتالي فهي الأولى وطنيا في انتاج جلود الأغنام (أنظر الجدول). عند سؤالنا لأحد العمال القدماء بمدبغة الجلفة عن هذا التناقض، قال لنا بأن الأمر يدعو فعلا الى الريبة والحيرة والشك، وهذا على اعتبار أن معالجة ودباغة جلود الأبقار تتطلب موادا كيميائية خطيرة ولها مخلفات سائلة وصلبة خطيرة على الصحة العمومية اذا لم يتم معالجتها. فهل المسؤولون في جيجل أدركوا هذا الخطر على البيئة بولايتهم فاكتفوا بدباغة جلود الأغنام والماعز؟ ولماذا ارسال جلود الأبقار الى الجلفة رغم أنها معروفة بإنتاجها للأغنام !!!ولماذا تتحمل المدبغة تكاليف نقل جلود الأبقار اليها؟ ولماذا ينقل متعاملو جلود الأغنام بالجلفة جلودهم الى ولاية جيجل أو غيرها؟ الجدول التالي يوضّح أنه خلال أكثر من 12 سنة لم تفكّر مدبغة الجلود بولاية الجلفة في التحول الى دباغة جلود الأغنام بسبب عدد رؤوس الأغنام الموجودة بها وبالولايات السهبية المحيطة بها (البيض، الأغواط، المسيلة، تيارت). في حين أن ولاية مثل جيجل تحيط بها ولايات بها عدد كبير من رؤوس الأبقار مثل سطيف (135787) وميلة (93786) وسكيكدة (100155) وقالمة (98974) وسوق أهراس (88075) وبجاية (45781) حسب أرقام الإحصاء العام الفلاحي لسنة 2001. ويجدر هنا التذكير بأن مدبغة الهضاب العليا بالجلفة (رقمها الجبائي هو 000017030240085) قد أطلقت مناقصة وطنية ودولية رقم 04/2012 من أجل التزوّد ب 700 طن من الجلد الخام للأبقار من أجل استعمالاتها خلال الثلاثي الأخير من سنة 2012 والثلاثي الأول من سنة 2013. ورقم اشهار هذه الصفقة لدى الوكالة الوطنية للنشر والإشهار "ANEP" هو 304534 لسنة 2012 ... فلماذا لا تتوجه مدبغة الجلود بالجلفة الى تثمين المنتوج المحلّي بالجلفة لا سيما وأن المواد المستخدمة في دباغة جلود الأغنام أقل ضررا على البيئة وكذلك لأن ولاية الجلفة على موعد مع تدشين أكبر مذبح صناعي للأغنام في الوطن ببلدية حاسي بحبح؟؟ الجلفة هي الأولى وطنيا في انتاج جلود الأغنام لأنها الأولى في عدد رؤوس الأغنام ولحومها فلماذا تعالج مدبغة الجلود بالجلفة جلود الأبقار وتترك جلود الأغنام؟ مدبغة الجلود بالجلفة ... غازات ونفايات صلبة ومياه مُشبعة بالعناصر الكيميائية الخطيرة تنقسم النفايات التي تصدرها مدبغة الجلود بالجلفة الى ثلاثة أنواع: نفايات صلبة، مياه مستعملة، غازات. وهذه النفايات يمكن رصدها ببساطة، فالغازات كانت ولا تزال محل شكوى من سكان "الحواس"، والنفايات الصلبة يمكن رصدها داخل المدبغة، والنفايات السائلة هي محل تقارير منذ أن انعدمت الحياة بوادي ملاح أسماك، ضفادع وسلاحف (الجزء الثاني من هذا التحقيق سيكون خاصا بالنفايات السائلة الناتجة عن مدبغة الجلفة). النفايات الصلبة .... مكدّسة داخل المصنع منذ سنة 1997 لو نقوم بإجراء اطلالة على المنطقة الصناعية بالجلفة باستعمال برنامج "Google Earth"، فإننا سوف نلاحظ مساحة كبيرة لونها بنفسجي بشكل بارز عن باقي المنطقة الجنوبية لمدينة الجلفة. وهذه المساحة البنفسجية ما هي في الحقيقة سوى عبارة عن آلاف من الأطنان من بقايا الجلود المشبعة بمادة الكروم. لقد تم تكديس هذه "الجبال" من النفايات الصلبة منذ سنة 1997 لأن الوحدة الصناعية التي كانت تسترجعها وتعالجها موجودة بولاية عين الدفلى وقد توقفت عن النشاط وتم اغلاقها سنة 1997. وتشير الصور الحديثة لتلك الجبال من بقايا الجلود المعالجة بالكروم الى أنها موجودة أسفل السور الجنوبي للمدبغة وتبدو عليها مظاهر التكديس منذ فترة طويلة لأنه يوجد فيها القديم والحديث، و يكمن خطر بقايا الجلود المعالجة في كونها موضوعة على الهواء الطلق بساحة المدبغة ممّا يؤدي إلى رفع ذرات تلك النفابات بالرياح أو نفوذها إلى المياه السطحية و الجوفية بعد تساقط الأمطار. وحسب العدد العاشر من مجلّة "الإنتاج النظيف" عن "مجمّع جلود الجزائر- Groupe Leather Industry Algérie"، فان المدبغة التي تعالج جلود الأبقار تنتج نفايات صلبة حيث قدّر ذات المصدر متوسط ذلك ب 570.5 كلغ/يوم من النفايات الصلبة أثناء مختلف عمليات الدباغة ل 10 طن/يوم لجلود خام للأبقار في درجات رطوبة مختلفة. واذا عدنا الى اعلان المناقصة رقم 04/2012 والذي أعلنت بموجبه مدبغة الجلفة عن حاجتها ل 700 طن من جلود الأبقار الخام، فانه يمكن تخيّل كمية النفايات الصلبة التي سوف تنتجها عملية معالجة تلك الجلود ستكون حوالي 40 طن نفايات صلبة رطبة خلال سنة قد تصل الى 30 طن بعد جفافها. مراسلة مديرية الموارد المائية بالجلفة في مارس 2014 ... الى من يهمّهم الأمر تكشف مراسلة مديرية الموارد المائية رقم 733/2014 المؤرخة في 11/03/2014، موجهة الى الولاية (الديوان، الأمانة العام) ومديرية الصناعة ومديرية البيئة، عن اكتشاف "جلود حيوانات وقمامة" داخل شبكة الصرف العمومي. وتدلّ هذه المراسلة على أن مدبغة الهضاب العليا بالجلفة ليست متعاقدة لا مع "ديوان التطهير" ولا مع "محطة تصفية المياه الحضرية" ولا مع أي كان ... بل هي تصب مياهها مباشرة في الشبكة العمومية للصرف ومنها الى وادي ملاح. وقد ختمت المراسلة بدعوة "مدبغة الجلود" الى "ضرورة القيام بمعالجة مياهها المستعملة قبل تفريغها في الشبكة العمومية للصرف الصحي". ويعتبر وجود الجلود في شبكة الصرف العمومي مؤشرا خطيراعلى اعتبار أن تلك الجلود معالجة بمواد كيميائية خطيرة ومنها الكروم. مدبغة الجلود بالجلفة ... لديها مندوب للبيئة ولكن ... بتاريخ 25-26 آفريل 2012، نظم المركز الوطني لتكنولوجيا الإنتاج النظيف دورة تكوينية جهوية بالجلفة لصالح ممثلين عن وحدات صناعية من الجلفةوالمسيلةوتيارت وبسكرة وتيسمسيلت وقصر البخاري حول "المندوب البيئي" داخل الوحدة الصناعية. وقد تم تسليم دليل حول حماية البيئة ودور "المندوب البيئي" داخل الوحدة الصناعية. وقد حضرت "مدبغة الهضاب العليا" بالجلفة بمندوب عنها في الدورة التكوينية، حسب ما أشار اليه العدد العاشر من مجلّة "الإنتاج النظيف" لسان حال المركز الوطني لتكنولوجيا الإنتاج النظيف. ** تحقيق مشترك بين "الجلفة إنفو" و"جمعية أصدقاء الطبيعة لتربية الطيور وحماية البيئة" ../.. يتبع