بعد 55 سنة من الانتظار والترقب والتقصي والتحري، يصل خبر الشهيد "شداد عبد العزيز بن المختار" مسامع ابن أخيه عبد الباقي، عشية الاحتفال بالذكرى الواحدة والستين لاندلاع الثورة التحريرية، وأكيد زادت هذه الذكرى في تأجيج العواطف لدى عائلة الفقيد، أين ذهب جمع من العائلة إلى حيث يقطن "الحاج المختار" الذي بقي شاهدا على تلك الفترة التي اعدم فيها "عبد العزيز"، ويعرف المكان الذي يكون قد دُفن فيه... و حسب رواية "الحاج المختار"، فإنه في أحد أيام شهر أفريل 1960 خرجت قافلة من عسكر فرنسا من مركز المراقبة بمنطقة بحرارة متجهة إلى مدينة الجلفة، لكنها توقفت فجأة في الطريق بالمكان المسمى "المراقيب"، لتعود أدراجها بعد ساعة من الزمن، و يضيف الحاج المختار بأنه و بسبب الخوف من فرنسا، لم يستطلع الأهالي المكان إلا بعد يومين من الحادثة، ليكتشفوا آثار الجريمة غير بعيد عن الطريق التي مازالت معالمها واضحة رغم أنها غير مستعملة، أين تم ردم الشهيد "عبد العزيز" في هذا المكان وربما دفنه حيا، ليضيف بأنه بعد سنوات ظهرت عظام الشهيد وجمجمته ليعاد دفنها من طرف الأهالي من جديد. وبعد ربع ساعة من السير وعبر مسالك غير معبدة، وصلنا المكان رفقة "الحاج المختار" وبعض من أفراد عائلة الشهيد، و فوق هضبة بمحاذاة الطريق القديمة، وجدنا قبر الشهيد، ليذرف بعض من أفراد عائلته الدموع وهو يشاهد القبر المعزول... و يقول سليمان، وهو ابن أخ الشهيد، أكيد أن هذا قبر عمي الذي بحثنا عنه طويلا ، مضيفا أن عمّه كان بطلا تهابه فرنسا، و بأنه تعرّض لأشد أنواع التعذيب في مركز بحرارة، حتى أن صوته كان يسمع من بعيد... وحسب بعض الشهود فإن الشهيد "عبد العزيز شداد" قاوم جنود الاحتلال وهو مكبل، حتى أنهم لشل حركته اضطروا إلى صدم رأسه على وتد بجدار المركز بقي آثار دمه وجزء من فروة رأسه شاهدة لسنوات... ويستطرد سليمان أن عمه كان يتميّز بخفة الحركة وقوة السمع فقد كان يخبرهم بقدوم قوافل العدو سواء القادمة من دار الشيوخ أو من منطقة عين معبد قبل وصولها وذلك بوضع رأسه فقط على الأرض ليسمع أحاسيسها، فكان كل مرة يجنبهم ويلاتها. أفراد عائلة الشهيد الذين رافقناهم عبروا عن فرحتهم بالشهيد وهم الآن عازمون بعد إخبار السلطات المحلية والجهات المسؤولة على مطالبتهم بإظهار رفات الشهيد ونقله إلى مربع الشهداء أو إلى مقبرة تليق بمقامه، كما أنهم يحضرون لعرس الشهيد ويعتبرونه مفخرة للعائلة وللمنطقة وشفيعهم يوم القيامة...
الشهيد عبد العزيز شداد بن المختار و شداد الزهرة (1918- 1960)