اجتماع مقر الولاية في كل مرة يكون هناك لقاء يشمل ما يسمى بالمجتمع المدني مع السلطات المحلية أو المركزية، يخرج علينا هؤلاء بخرجات غريبة، فإما أن تكون من أجل المدح والشكر المبالغ فيهما، وليته كان شكرا وفقط ولكنه تزلفا وانبطاحا، ومرة تكون انتقادات في غير محلها، بسبب أن هؤلاء خارج مجال التغطية ويغردون خارج السرب لعدم معرفتهم بالمعلومة، أو ما أنجزته وتنجزه السلطات العمومية من مشاريع، أو ما هو مبرمج... وطبعا اللوم كل اللوم على محيط الوالي الذين يمدونه بأسماء لا تمثل حتى عائلاتها، والبعض منهم تاريخهم معروف، والكثير منهم منبوذ في المجتمع ... لقاء وزير الداخلية والجماعات المحلية في هذا الأسبوع، كان حافلا بالخرجات الغريبة، والبداية كانت بالشخص الذي تعمد التثاؤب مرتين وبصوت مرتفع حتى سمعه الجميع واستنكروا لهذا التصرف، الذي علق عليه الوزير بأن النعاس أصاب الحضور ويجب رفع الجلسة، وهذا التصرف لا يمكن وصفه إلا في قائمة قلة الأدب والتصرف الدنيئ وقلة الحياء... وكل العبارات لا تكفي لوصف هذا التصرف الأرعن ... أما عن بقية التدخلات فكانت كلها تصب في أن الجميع وقف مع الرئيس بوتفليقة والفخر ب"التصحيحيات" التي انجزت في الجلفة، ومطالبة الوزير بحق الجلفة مقابل مساندتها للرئيس في عهداته، وهنا المطلب مشروع ولكن طريقة الطرح والتعبير كانت غير معبرة، ومباشرة ... ابتداء من تدخل رئيس المجلس الشعبي الولائي الذي كان كارثيا وارتجاليا، وفي نفس السياق، تدخل إطار سابق في الشؤون الدينية معروف بالمدح، وقال للوزير أن رئيس الوزراء في زيارته للجلفة منذ سنتين قدم لنا وعودا وهمية لم ينجز منها شيئ !؟؟ وهذا اجحاف لأنه يجهل انجاز بعض المشاريع وبقي البعض الآخر.. ورد عليه الوزير الذي اتضح انه يعرف بأنه متقاعد في قطاع الشؤون الدينية، وقال له لا أوافقك التشكيك في كل شيئ، حيث انزعج الوزير الشيئ الذي جعله يعجل برفع الجلسة .. بقي أن نشير إلى أن هناك تدخلات كانت في المستوى وبلغة سليمة، وهي تدخلات مباشرة وبدون ركاكة وإطالة، من بينها تدخل لعضو مجلس ولائي حول مشاريع مهمة، كالسكة الحديدية والطريق السيّار، وتدخل زميلته بخصوص مشروع هام حول البيئة والنفايات. وكذا متدخل من مسعد الذي تقدم بمطالب مشروعة منها الحق في التنمية، وحل مشكل الانسداد في البلدية، وحق مسعد في حصولها على ولاية منتدبة...لكن لو كانت المعلومة متوفرة عما تنجزه الدولة، لما تكلم عن مشاريع هي مبرمجة في الانجاز، منها غاز المدينة لقطارة وأم العظام، ومشاريع تنموية تخص مسعد، ومشاريع استثمارية معتبرة منها المشروع الضخم لمجمع "عمر بن عمر"، ومشروع الحمام الحموي لقطارة وغيرها... وهنا نقف عند انعدام المعلومة لدى المجتمع المدني وبالتالي يجهلون تماما ما يُنجز، أو ما هو مبرمج للإنجاز، ويتم تكرار نفس المطالب، أين تمت المطالبة بمشاريع يصعب تجسيدها إلا بعد دراسات معمّقة، مثل المستشفى الجامعي، حيث لدينا مثال غير بعيد عنا في ولاية الأغواط ، التي فشلت في استقطاب الأخصائيين للتدريس في فرع الطب والعمل في مستشفى الأغواط، وبقي المشروع يترنّح وهو ذاهب إلى الزوال لأنه لم يدرس بدقة، و كان قرارا سياسيا غير مدروس، ناهيك عن مشروع مطار الأغواط الذي فشل وخسرت عليه الدولة أموالا طائلة... ما يلاحظ في الأخير، أن من يشرف على تحديد صفة الأعيان والمجتمع المدني قد قام بتغليط الوالي، ووجه الدعوة لأناس يعرفهم الجميع وليس لهم تمثيل إلا البعض... لكي لا نظلم البعض الأخر الذي تدخل عن نقص ترقية الإطارات من ولاية الجلفة... لذلك يجب على الوالي أن يعيد ترتيب محيطه، أي بمعنى آخر أن يختار من جديد مستشارين يعرفون البلاد والعباد جيدا، لكي لايتم دعوة من هب ودب، ثم تدور الدائرة على صاحب العرس!...على الأقل ذكر المحاسن بأسلوب راق، والمطالبة بتدارك النقائص، وتسجيل مشاريع جديدة في فائدة الولاية . في نفس الوقت يجب التكثيف من عقد لقاءات مع المجتمع المدني في كل بلدية وتعميم المعلومة بكل الطرق لكي يعرف السكان ما تم انجازه وما هو في طور الانجاز، ونرتقي بذلك بمستوى التدخلات...