توّج العرض المسرحي «كارت بوسطال» لمسرح معسكر الجهوي ، عشية أول أمس بالجائزة الكبرى العنقود الذهبي بالمهرجان الوطني للمسرح الفكاهي أل 11 بالمدية، كما حصد هذا العمل الدرامي العدد الكبير من الجوائز التي تنافست عليها 06 مسرحيات بركح دار الثقافة حسان الحسني، إذ وبعد نيل هذه المسرحية لجائزة أحسن عرض متكامل، فاز مسرح هذه الولاية بجوائز أفضل توظيف موسيقي ل «حسان لعمامرة»، أحسن دور نسائي ل «يمينة حجّام»، وأحسن سينوغرافيا ل «حمزة جاب الله». نالت مسرحية «بيرات خراييب» لمسرح قسنطينة الجهوي وتعاونية ماسيل، جائزتي أفضل إخراج وأحسن دور رجالي من قبل «جمال مزواري» فيما توجت مسرحية «107» لجمعية أقواس لمدينة المدية بجائزتي أحسن نصّ مسرحي من طرف الكاتب «هارون الكيلاني» وجائزة لجنة التحكيم مناصفة بين الممثلين الواعدين «حليم علال» و»يوسف صوالحي». فيما تكفل الديوان الوطني لحقوق التأليف والمؤلف والحقوق المجاورة بتمويل جوائز المسابقة، ذكر الفنان المميز «عبد الحق بن معروف» بصفته رئيس لجنة التحكيم أنّ جلسة التقييم النهائية امتدت لنحو 05 ساعات من ليلة الأربعاء إلى فجر الخميس منبها في ختام هذا الموعد الثقافي التنافسي بأن اللجنة التقنية اعتمدت معايير وسلم تنقيط في مقاربتها المعمول بها، كما أوصت لجنته بإعادة النظر في قوانين المشاركة، مع دعوة الكتاب والمخرجين لتعميق تصورهم للكوميديا على غرار كوميديا الأفكار، الكوميديا العليا وكوميديا الحال وغيرهم كما اقترح رفقاء الرئيس مستقبلا اهتمام أكبر من طرف المسرحيين للارتقاء والدفع بالذوق الجمالي للمتلقين، مع تجنب الألفاظ النابية التي قد تسيء إلى أخلاقيات الخشبة وتخدش الأحاسيس، في حين لفت هؤلاء إلى أنّ بعض العروض كانت ضعيفة ولا تتماشى مع خصوصية المسرح الفكاهي، داعين محافظة المهرجان إلى وجوب تغيير استيراتجية الانتقاء، مع ضرورة الإقلاع عن الجميع بين أكثر من عنصرين من عناصر العرض، في حين ثمّنت هذه اللجنة بعض الطاقات الشبانية، مع حتمية وجوب الاستعانة بالمحترفين في فنون العرض والاحتكام إلى دعامة التكوين. للعلم أنه على هامش الإعلان عن نتائج هذه المنافسة تابع الجمهور والمسؤولين المحليين في حفل الختام، وصلة فكاهية للفنان «الطاهر سفير» الذي جال بالحضور عبر محطات شامية، جزائرية، أوروبية، خليجية، صينية وإفريقية منوّعة زادت من مستوى دفء الختام، كما تمّ بالمناسبة منح بطاقة فنان إلى كل من الموسيقار محمد إسكندر والفنان عبد الكريم حمادو، فضلا عن تكريم الفنان وحيد جلال الجزائري صحفي بإذاعة بالمدية، إلى جانب تكريم المساهمين الذين دعّموا مهرجان مسرح الفكاهة أل 11 وتعلق الأمر بمديري الثقافة ودار الثقافة بهذه الولاية، رئيس الأمن الولائي، المدير الولائي للحماية المدنية، ومدير الديوان لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، فضلا عن مؤسستي «جيكا» و»تكنو»، جمعية أحباب المدية، النقل الحضري وفندق المصلى وغيرهم من المساهمين. .. المهرجان الوطني للفكاهة كان فرصة حقيقية لفرض الفن والذات جسد العرض المسرحي» فن الكوميديا» ما قبل الأخير بعنوان من طرف التعاونية الفنية ديوان الحلقة بتيارت من منافسة العنقود الذهبي بالمهرجان الوطني للمسرح الفكاهي الطبعه أل 11 بالمدية جليا. ذلك الإصرار الشديد من طرف الممثلين عبد القادر دقيش وبن سعيد رابح لمعانقة الخشبة رغم الحاح البعض على تشبيب الفن الرابع. فيما تظهر اشكالية هذا العرض المسرحي بأنها مرافقة إلى حدّ ما طرح المحافظة في مجال ضرورة ايجاد المناخ الايجابي في مجال حتمية تواصل الأجيال خدمة لهذا الفن الرابع وصونا لما قدمه رجالات المسرح أمثال بوبقرة وعطاء الله، ومحاولة لديمومة هذا المهرجان بهذه الولاية الفكاهية بامتياز ضمانا للوفاء مع هؤلاء، تناول هذا العرض فكرة ضرورة الاعتراف بوظيفة الفنان المعنوية في المجتمع والدعوة إلى تبيان مقاصدها النبيلة واظهار ما يعانيه هذا الفرد في المجتمع في ظلّ غياب قانون أساسي يحفظ كرامته وغياب كلي لسياسة مسرحية جادة في البلاد. هذا وبينما منحت مسرحية فن الكوميديا مجالا واسعا للتفاعل الايجابي مع ورشة فنية واسعة وخاصة على مستوى التمثيل بالاعتماد على الواقعية الانفصالية لتجسيد النص الحي دون فلسفة زائدة وبعيدا عن الكليشهات المستهلكة، حسب قول مخرجها محمد شرشال لفائدة جمهور دار الثقافة حسان الحسني استنادا للبطاقة التقنية لهذا العمل الدرامي، لم تسلم أحاسيس ومشاعر فناني وفنانات هذه التعاونية من بعض الملاحظات، حيث استغرب الناقد المسرحي عبد الناصر خلاف غياب مخرج هذه المسرحية عن هذا الموعد الهام، داعيا في هذا المقام المنظمين وعلى رأسهم المسرحي محمد بوكراس مكلف بالبرمجة والتنسيق بهذه المحافظة إلى ضرورة أن يكون كاتب النص ومخرج المسرحية حاضرا إلى جانب الفرقة لأجل تمكين عشاق هذا الفن ولجنة المناقشة من الوقوف على بعض الحقائق التي ربما تبدوا لهم غامضة أثناء العرض، معتبرا بأن وجود الفنان عبد القادر دقيش ضمن هذه الفرقة كان الأشبه بالملح في الطعام، باعتبار أن أمثاله باتوا من تعداد المهاجرين لخشبة المسرح، رافضا في هذا الصدد تغيير الديكور بهكذا وضعية، في حين قال الناقد سعيد بوطاجين بنظرة الغاضب عن وضع البلاد عبر رأيه النسبية بأن نصّ هذا العمل المسرحي يعتبر ممتازا إلى جانب تمكن المخرج من ادخال تقنية الحكي داخل الحكي والخروج من الواقع إلى الخيال والعكس إلى جانب اتسام هذا العمل بوحدة الوحدات، فضلا على وجود الانسجام بين اللباس والخطاب، كون أن الفنانة مليكة في دورها المعلمة بدت أنيقة جدا، في وقت كان دورها متناقضا بما قامت به من حوار، حاثا إياها إلى وجوب ايجاد علاقة بين الخطاب والمكان، ناعتا أداء صاحب دور شيخ الزاوية بأنه كان رائعا جدا بدليل أكله للكاكاو عكس رمزية معينة، بما في ذلك خطابه لما هو واقع، معتبرا في الوقت ذاته بأن هذا العمل المسرحي صعب عليه مواكبة هدف المهرجان أي الضحك والفكاهة في البداية بسبب الجدية والصرامة في الطرح، على أنه كان يفترض أن نطعمه بالفكاهة طيلته بما يتلائم وأبعاد هذا المهرجان الفكاهي. أكد الفنان بن سعيد رابح بأن هذه المسرحية توقفت لمدة عامين لظروف مادية بحتة، كما أنه غير قادر للتصريح باسم المخرج محمد شرشال، فضلا على أن الكوميدين يعشيون على الأمل، كونهم لم يأخذوا حقهم، آملا بأن تكون فرصة مشاهدتها سانحة للمتعة والاستمتاع لهذه الجمهور وأن لا يذهب عملهم هكذا كونهم رفضوا التفريط في هذا العمل، في حين أشار الفنان دقيش عبد القادر بأن الفرقة كانت وفية لما قام به صاحب النص «المقتبس ومخرجه» محمد شرشال. تجاوبت الممثله فطني مليكة بدورها بما وجه لها من طرح بذكاء كبير من خلال هذا العمل الكاشف للواقع المر الذي يعيشه أغلب المسرحيين نافية وجود أي تفاوت في الأدوار، باعتبار أن ذلك مرده كون أن المسرح هو حلقة زمنية لمعالجة الكثير من المواضيع. ناشد الكاتب والروائي عبدالرزاق بوكبة الفنان رابية للصعود إلى خشبة المسرح قبيل عرض آخر مسرحية بعنوان كارت بوسطال من انتاج المسرح الجهوي لمعسكر بقصد قراء ة الفاتحة على روح الفنانين فتحي بن براهم ومحمد الفيل كما كانت هذه الفرصة سانحة لتذكر روح الفنان أمين يوسف تومي أحد مؤسسي هذا المهرجان الذي وافته المنية على أعقاب نهاية إحدى الطبعات الفارطة. يذكر أن جمهور المدية الذواق للغة بوبقرة برهن في هذه الطبعة عن وفائه للفن الرابع وأحقيته بمسرح جهوي بديل لما هو متوفر وكفيل بصقل المواهب وتكوين الناشئة مهما كانت الأسباب المانعة لذلك سواء كانت مالية أو معنوية وهذا بعدما بدت مؤشرات نجاحه علنية لدى محيا المحافظ سعيد بن زرقة والذي بحق كان مايسترو بدون منازع.