بدأ مفهوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للسلام في الشرق الأوسط يتضح تدريجيا، أو لنقل اتضح بشكل كامل، إذا ما سلمنا بما جاء في كتاب «نار وغضب: داخل مكتب ترامب الأبيض»، للصحفي مايكل وولف، الذي أحدث زوبعة كبرى. ترامب ، يدعي أنه ومن أجل سلام دائم في المنطقة عبر وصفة سحرية، سميت «صفقة القرن»، تقوم على قبر حلم بناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وتمكين الاحتلال الاسرائيلي من الأرض والمستوطنات. الرئيس العبقري كما وصف نفسه ، لا يفعل شيئا من خلال خطّته هذه، سوى فرض سياسة الأمر الواقع، بمعنى مساندة تامة لقوة محتلة ورعايتها ومنحها الدعم الكامل أمام أنظار الجميع، بل ويطالب الجميع بدعم هذا الاتجاه خدمة (للسلام) المزعوم. لقد انتظر ترامب استيعاب الجانب الفلسطيني لقرار الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، لينتقل إلى الفصل الثاني من الخطّة المشينة، يقترح بموجبه «تسليم الضفة الغربية للأردن وقطاع غزة لمصر»، وفرض الهوية اليهودية على القدسالمحتلة. لم يصدر أي نفي رسمي بشأن ما جاء في كتاب وولف حول «صفقة العار» هذه، ما يؤكد إلى حدّ بعيد، الطابع العنصري الذي تدير به الإدارة الأمريكية الجديدة ملف الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، وتأثير اللوبي اليهودي الذي يقوده جاريد كوشنر والملياردير شيلدرون أدلسون على صانع القرار الرئيسي. إن الخطة الخبيثة، تعدّ خرقا للمبادئ الأممية والقيم الإنسانية التي تدين العنصرية والتمييز على أساس العرق والدين من جهة، وتؤكد على أحقية الشعوب في تقرير مصيرها من جهة أخرى، وتشجّع على الحلول المعتدلة والدبلوماسية للنزاعات دون الانحياز لطرف على حساب آخر. كما تمثل خطّة ترامب، ضربة قاصمة لمصداقية الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي، فاعترافه بالقدس عاصمة للصهاينة وما ينوي فعله بالضفة والقطاع، يعتبر تمزيقا لقرارات الهيئتين حول المدينة المقدسة وتقسيم سنة 1967. لقد تفطن العالم لتهور رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولم يعطه أقوى حلفاء بلاده، أدنى فرصة لمناقشة نواياه بشأن القدسالمحتلة، واعتبروا ما بدر منه تصرفا أحاديا. الدول العربية والإسلامية تحرّكت بشكل منسجم لم يحدث منذ سنوات لنصرة فلسطين، وحمايتها من مخططات المحو والزوال، في انتظار هجومات مضادة تكون بمستوى الصدمة التي أحدثها ترامب.