تتوجه أنظار الجزائريين إلى بلاد البافانا بافانا أرض المونديال ،حيث ينتظرون بشغف مقابلة محاربو الصحراء ضد المنتخب السلوفيني التي ستجرى الأحد المقبل وهو اللقاء الذي سيكون مفتاح تألق الخضر في أكبر تظاهرة كروية عالمية. ويجمع الجزائريون أن تحقيق نتيجة ايجابية ضد أصغر بلدان العالم مساحة مشاركة في المونديال سيفتح لهم باب التألق للتأهل إلى الدور الثاني ولما لا إعادة مواجهة ضد ألمانيا وتشهد مختلف الأحياء الشعبية بالعاصمة حالة هيستريا حقيقية تحضيرا لمشاهدة مقابلات زملاء بودبوز ''الشو الشو'' الجديد لجماهير المنتخب الوطني حيث يؤكد المتتبعون أن أداء لاعب سوشو سيعوض بكثير غياب النجم مراد مغني حيث كان لانهيار المدافعين أمام رياض منبع طمأنينة للجزائريين الذين يحبون الأداء الراقي والفنيات العالية واللقطات الجميلة. وبين انتقاد بعض الاختيارات التكتيكية لقائد كتيبة الخضراء المدرب رابح سعدان والتصريحات النارية المطمئنة للاعبين يبقى الأمل يسود الأحياء الشعبية التي تعرف منذ أكثر من سنة تحولات كبيرة من خلال استحواذ الكرة على عقول الجميع فشرب لاعب المنتخب الوطني لكأس ماء يحدث دويا هائلا لدى الأوساط الشعبية التي استرجعت الأمجاد الضائعة للوطنية وحب الحياة وصناعة النجاح وبات العلم الوطني يرفرف فوق الشرفات والمحلات وتراجعت مبيعات أقمصة كبرى الأندية الأوروبية أمام أقمصة زياني وقادير ويبدة وشاوشي وغزال ومطمور ولحسن وهو ما يعكس قدرة كرة القدم على التنفيس الاجتماعي وجمع الشمل وإعطاء الديناميكية اللازمة للسياحة والاقتصاد. باب الوادي .. أفراح المولودية تقترن بأفراح المنتخب تعج شوارع باب الوادي بحركية غير واسعة تحسبا لانطلاق مباريات المونديال حيث أقمصة المنتخب الوطني في كل مكان فلا يخلو متجر أو طاولات السوق الموازي من مستلزمات المنتخب الوطني فساحة الساعات الثالثة بقلب باب الوادي أصبحت معرضا على الهواء الطلق لكل ما يستعمل لمناصرة «الخضرا» وهو ما جعل جميع فئات الشعب الجزائري تزور المنطقة لاقتناء ما يستلزم خاصة في ظل الأسعار المنخفضة والتي تضمن اقتناء العديد من الأشياء بأسعار زهيدة. فأقمصة المنتخب تباع بين 300 و450 دينار مع اختلاف في النوعية لكن براءة الأطفال الصغار تقبل بكل شيء بغض النظر عن بلد منشأ الأقمصة واختلطت نشاط الحركة بباب الوادي مع تحضيرات مكثفة لأصحاب المقاهي التي تزودت بشاشات جديدة تحسبا لاستقطاب المناصرين الذين يفضل الكثير منهم المقاهي للتقليل من الضغط وضمان حماس الملاعب واقتناء المشروبات التي تصاحب عادة مشاهدة المباريات ويستفيد أصحاب المقاهي من عائدات كبيرة أثناء أوقات مشاهدة المباريات. ويوجد بعض أصحاب المقاهي في صراع مع الوقت للحصول على أجهزة الاستقبال التماثلية التي أكد «الهادي.ت» تاجر بباب الوادي بأنها تباع ب 4000 دج وهي قيمة منخفضة بالمقارنة مع بطاقات الجزيرة التي يمتعض الكثير من الجزائريين من ارتفاع أسعاراها حيث تشهد مختلف نقاط بيعها إقبالا ضعيفا مثلما اطلعنا عليه فالقدرة الشرائية للجزائريين تحرمهم من مشاهدة مباريات المونديال مثلما يرغبون بينما سيكتفي البعض بما ستعرضه القناة الوطنية. ونحن نجوب باب الوادي كنا نسمع زغاريد النجاح في امتحانات شهادة التعليم الابتدائي ما زاد من حدة التفاؤل بنجاح المنتخب الوطني في تحقيق نتائج ايجابية. كما تضاف كل هذه الأفراح إلى حصول فريق مولودية الجزائر على اللقب السابع للبطولة الوطنية وهو الحدث الذي مازالت باب الوادي إحدى أهم معاقل أنصار المولودية تعيش على وقعه وحتى الرايات العملاقة التي تمجد العميد، ويستهزئ أنصار المولودية بأنصار اتحاد العاصمة حيث يتحدثون إليهم بلغة الواثقين في أنفسهم مؤكدين بان المنتخب الوطني قد يفوز بكاس العالم طالما أن المولودية مليحة ويقول ''كمال.ت 23 سنة'' تاجر مواد غذائية بأنه لو اخذ سعدان دراق مكان مغني فكنا سنضمن له النصف النهائي ولو أضاف بابوش على الرواق الأيسر كان سيلعب النهائي، كمال الذي أظهر شوفينية كبيرة يعكس مدى تأثر الجزائريين بكرة القدم التي تفعل بهم المعجزات. وتمتد أجواء باب الوادي إلى غاية ساحة الشهداء التي اكتست منذ سنة حلة المنتخب الوطني و50 بالمائة من التجارة التي تتم كلها خاصة بالمنتخب الوطني وما يثير الانتباه الإقبال المكثف للنساء على ساحة الشهداء التي تعرف ديناميكية تفوق ديناميكة كبرى البورصات العالمية من حية الحركية. ومن أقمصة وقبعات المنتخب الوطني ومختلف اللعب والمستلزمات التي تلونت بألوان ''الأفناك'' وهو المظهر الذي يعكس مدى عودة حب الوطن للجزائريين والآمال الكبيرة المعلقة على زملاء زياني لمواصلة سلسلة النتائج الايجابية التي حققها الخضر في تصفيات المونديال. حي رفيق صايفي في طوارئ تعيش مختلف أحياء بلدية باب الزوار حركة غير عادية حيث رفعت الرايات الوطنية العملاقة تحسبا للقاء الجزائر / سلوفينيا الذي سيجرى يوم الأحد وما يميز هذا الحي الذي ترعرع فيه رفيق صايفي هو بروز المناصر بن حدة فتحي المدعو «تيتا» الذي استحوذ على راية عملاقة جلبت له خصيصا من الخرطوم.يعلقها مثلما ومتى شاء ويعيش «تيتا» صراعا كبيرا مع أبناء حيه حيث أخرج الراية عشية تتويج فريق المولودية باللقب وهو ما جعله يعيش أوقاتا عصيبة حيث اتهمه أبناء حيه باستغلال الراية الوطنية لخدمة فريق المولودية التي توجت باللقب. ودافع تيتا عن نفسه بأن المولودية هي الجزائر وتحمل نفس ألوان المنتخب الوطني لكرة القدم. ويقوم «تيتا» بتحضيرات مكثفة هذه الأيام حيث وبعد أن أقسم عدم تنظيم دورات كروية للأطفال في كرة القدم بسبب النرفزة والضغط المفروض عليه من قبل أنصار بعض الفرق الأخرى خاصة جعفر مناصر شباب بلوزداد وعمي عمار مناصر وفاق سطيف ورفيق معزوز مناصر اتحاد العاصمة ورفيق زاوي مناصر اتحاد الحراش عاد أدراجه وقرر مواصلة تنظيم الدورات الكروية لحشد الدعم للمنتخب الوطني والاحتفال بفوز المولودية باللقب.ويتعرض هذه المناصر الخطير على كرة القدم إلى مضايقات كبيرة حيث يعتبر تيتا أكبر المدافعين عن سعدان وبعض العناصر التي تتعرض لانتقادات وهو ما لا يعجب الكثيرين ويبرر تيتا توجهه بأنه وطني ويثق في المدربين الوطنيين بعد التجارب السابقة. ويرفض نفس المصدر توجيه انتقادات للمنتخب الوطني مذكرا المعارضين ما كنا نعيشه من قبل مع المنتخبات واللاعبين السابقين غير أن تيتا وحسب بعض الأنصار المقربين منه يكون قد لام سعدان كثيرا على عدم أخذ لاعبين من المولودية إلى المنتخب لأن ذلك كان سيرفع عدد المناصرين إلى عشرات الآلاف وهو ما زاد في حالة الاحتقان في حي سوريكال وعبر تيتا عن تفاؤله بتحقيق نتيجة ايجابية موجها عتابا كبيرا لهيئة بلاتير التي بثت مقابلة المنتخب الوطني نهارا ضد سلوفينيا وهو الذي كان يتمنى أن يلعب في الليل لجلب الداتاشو ومشاهدة اللقاء في شاشة عملاقة ووسط الأنصار،وعن مكان مشاهدة اللقاء يكون تيتا قد اختار إحدى المقاهي لحشد أتباعه ومناصرة خاصة رفيق صايفي. ويهدد «تيتا» كل من ينتقد صايفي بإطفاء شاشة التلفزيون لأن «تيتا» يحمي جميع اللاعبين الذين شرفوا المولودية كما أن صايفي يعتبر تلميذا ل «تيتا» الذي طرده في أحد الأيام من تشكيلة حيه في دورة كروية لسبب بسيط وهو أن صايفي جاء متأخرا ومنذ ذلك الوقت بات صايفي يكن احتراما كبيرا لبتيتاب الذي فاقت شعبيته حدود حيه وبات معروفا كثيرا في باب الزوار وملعب 5 جويلية. وظهر في السنوات القليلة الماضية منافسا ل«تيتا» هو الطاهر معنصري الذي بات محبوبا لدى سكان سوريكال ونشط مؤخرا حفلا فنيا على وقع أنغام المنتخب الوطني وهو ما جعل اتيتاب يتخوف من فقدان الزعامة التي ستتوقف على مدى ما يحققه المنتخب الوطني من نتائج في جنوب إفريقيا. القرصنة وبطاقات الجزيرة والتماثيل والأنترنت لمشاهدة المونديال تعرف العاصمة تحركات كبيرة لضمان مشاهدة المونديال بأحسن نوعية فالبعض اهتدى لاقتناء جهاز استقبال ب 4000 دينار يوفر مشاهدة جميع المباريات وبتعليق أجنبي ممتاز وتؤكد مختلف الأوساط الشعبية التي التقينا بها بالأبيار بأن هذا الجهاز مصنوع في إحدى الولايات الداخلية ويستطيع رصد مختلف القنوات الي شتبث المونديال بينما يراهن البعض على جهاز الاستقبال التماثلي الذي يوفر مشاهدة القنوات الفرنسية التي ستضمن نقل مباريات كرة القدم في حين الفئة القليلة اقتنت بطاقات الجزيرة لتفادي أية مفاجآت فالقنوات التي تخضع للقرصنة قد تتوقف في أية لحظة وهو ما قد يفوت على البعض مشاهدة مباريات المونديال. وتشهد سوق الكترونيك صراعا مع الزمن من «الهاكرز» الجزائريين للبحث عن قنوات جديدة عبر الأنترنت حيث يروج البعض لموقع «أنايم جي آر» الذي يبث المباريات بالمجان ويتطلب أنترنت فقط فائقة السرعة. ولمسنا لدى مختلف الأفراد الذين التقينا بهم تخوفهم من ضعف التعليق الجزائري لذا زادت حدة النشاطات لضمان قنوات أجنبية لمشاهدة مقابلات الخضر. وعليه فما فعله المنتخب الوطني في السنة الأخيرة يكون قد أدخل العديد من الظواهر الجديدة على المجتمع الجزائري من حيث السلوك والعادات وأكثر الفئات عرضة لهذه التحولات الطفولة التي وجدت نفسها في ظروف غريبة جعلتهم الأكثر عرضة للتأثر. ويبقى الأمل كبير لتحقيق «الخضر» لنتائج باهرة لتواصل الجزائر أفراحها التي يظهر أنها لن تنتهي . إستطلاع: بوغرارة عبد الحكيم