تعتبر السياحة الثقافية إحدى المجالات السياحية التي ترتكز بالأساس على زيارة الأماكن الأثرية والمعالم الثقافية. وعلى الرغم من الأهمية التي تكتسيها السياحة من جهة كمصدر هام للدخل الوطني والمحلي ومن فرص كبيرة للتعريف بالثقافة المحلية لدولة بحجم قارة كالجزائر التي تشكل أحد الخزانات الثقافية الهامة في شمال إفريقيا لما تحوز عليه من تراث ثقافي مادي ولا مادي، إلا أنّ حضور هذا النوع من السياحة يعدّ شبه غائب محليا في ظلّ غياب رؤية مرجعية لتطويرها وتفعيل الفضاءات الأثرية والثقافية المتواجدة عبر الوطن لجعلها أقطاب سياحة ثقافية بامتياز، رغم مساعي الدولة لبعث هذا النوع من المشاريع حتى تساهم في تنويع مصادر تمويل الاقتصادي الوطني بعيدا عن الريع النفطي. بالنسبة لمفتش السياحة ورئيس مصلحة السياحة بمديرية السياحة والصناعات التقليدية بورقلة العايش محجوبي، فإن التسويق للسياحة الثقافية وخلق آليات نجاعتها لن يتأتى إلا بتنسيق الجهود بين قطاعي الثقافة والسياحة ويحتاج تدعيم هذا النوع من السياحة الانطلاق في تصنيف المعالم الثقافية وتفعيل آليات إعادة ترميمها والاهتمام بها بالنسبة للقطاع المحفوظ بولاية ورقلة على غرار قصر ورقلة العتيق، قصر تماسين، لأن زيارة المعالم كما هي بدون ترميم لن تساهم في جذب السائح حسبه وإذا زارها مرة ولم تحظى بإعجابه فإنه قد لا يعود وقد يقنع أشخاصا آخرين بالتخلي عن فكرة زيارة هذه المنطقة، كما أن السائح يريد زيارة أماكن تتوفر على كل مرافق وليس أطلالا لمعالم إرث ثقافي أو حضاري لمنطقة ما، خاصة وأن القاعدة العامة في السياحة تحديدا ترتكز على أهمية إرضاء السائح حتى يعود لزيارة المكان مرة أخرى وقد يزداد عدد المرافقين له أيضا، مما يؤكد على صلاحية المكان في الجذب والاستقطاب. أماكن ساحرة بطابعها المعماري التقليدي ومع ذلك، أشار إلى أنه لابد من البحث اليوم عن حلول بديلة لمعالجة الخلل وتدارك العجز عبر دعم مبادرات المجتمع المدني المحلي وتشجيعه على إطلاق مثل هذه الأفكار وعدم انتظار تمويل الدولة لإعادة ترميم هذه المعالم وترسيخ الثقافة السياحية كمسؤولية اجتماعية على غرار ما قامت به جمعيات وشباب من المجتمع المدني لترميم قصور غرداية وتحويلها إلى أماكن ساحرة وصانعة للفرجة بالحفاظ على طابعها المعماري التقليدي المحلي الذي تتميز به هذه القصور، لأنه من المهم كما أوضح، الترويج للسياحة الثقافية المحلية عبر واجهات جاذبة للسواح، معتبرا في نفس الوقت أن ولاية ورقلة تملك كل المقومات الطبيعية واللوجيستية ب 3 مطارات بالإضافة إلى نشاط كبير عبر خطوط النقل البري، ومع ذلك لم تحقّق الرواج المطلوب للمنتوج السياحي المحلي، مؤكدا على نقص دور الإعلام في الترويج للإرث الثقافي الذي تزخر به المنطقة ومشيرا في نفس الوقت إلى أن مديرية السياحة بالولاية من جهتها تسعى إلى القيام بالدور التعريفي لولاية ورقلة السياحية عبر تطبيق إلكتروني سيتم إطلاقه عبر الشبكة خلال الأسابيع القادمة وهو تطبيق سيكون متاحا للتعريف بكل المكنونات السياحية للمنطقة بثلاث لغات، عربية، فرنسية وإنجليزية. الالتفات إلى الكنوز السياحية بمنطقة الواحات ضرورة من جهته يرى المتحدث أنه من المهم الالتفات إلى الكنوز السياحية التي تحتضنها منطقة الواحات والتي هي جميعها تستحق العناية، ومن بين النماذج العديدة التي اعتبرها مفتش السياحة محجوبي من أروع الوجهات السياحية التي إذا تمّ الاعتناء بها من شأنها تحقيق دورها في الترويج للسياحة الثقافية للمناطق هي القصور الصحراوية أو قصور الواحات التي يتجاوز عددها 12 قصرا في ولاية ورقلة، هذا بالإضافة إلى العديد من المساجد العتيقة، بالإضافة إلى الأسواق اليومية والمحيطة بهذه القصور، حيث تعدّ هذه إحدى الفضاءات الإبداعية للفنون المعمارية بالمنطقة التي تكشف عن دقة في التصميم وعبقرية العمارة الطينية وتبقى أحد المرجعيات المعبرة عن تكريس الإنسان لفكره من أجل التكيف مع بيئته الصحراوية وتمثل خزانا حضاريا وتاريخيا كبيرا في المنطقة، كما مازالت العديد منها تحتل جزءا كبيرا من الذاكرة الجماعية والهوية الشخصية للمنطقة والتي طالها الإهمال للأسف وجعل من بعضها جواهر آيلة للزوال تدريجيا، وفضلا عما ذكر، فإن الصناعات التقليدية التي تعرف بها ولاية ورقلة تعدّ أحد الوجهات الثقافية للمنطقة هي الأخرى، فما تجود به أنامل النساء في الطرز التقليدي الخاص بمنطقة تقرت أو الخاص بمنطقة ورقلة وغيرها من الحرف التقليدية حفاظا على إرث الأجداد يعدّ شكلا من أشكال التمسّك ببقايا الذاكرة الجماعية للمنطقة هذا، بالإضافة إلى صناعة السعف، والصناعة الطينية التي عرفت بها المنطقة منذ القدم ولطالما كانت مصدر جذب للسواح الأجانب لسنين مضت، فضلا عن إحياء الأعياد والمناسبات المحلية التي اختفت الكثير منها بفعل تراجع الاهتمام بها والتي تختلف مسمياتها إلا أنها تهدف في مجملها إلى بعث صورة اجتماعية للثقافة المحلية وتختصر من خلال الموسيقى واللوحات الراقصة العديد من العادات والتقاليد المحلية بشكل فني وإبداعي واضح ومميز.