أكد الدكتور محمد قوجيل، أستاذ بقسم علوم التسيير ومدير دار المقاولاتية بجامعة قاصدي مرباح بورقلة، أن مناخ الأعمال والاستثمار في الجزائر عموما في حاجة إلى بذل المزيد من الجهد من أجل تحقيق المستوى المطلوب والرفع من ترتيب الجزائر في تصنيف البنك الدولي السنوي حول ممارسة أنشطة الأعمال «دوينغ بيزنس 2018» الذي وضعها في المرتبة 166 من بين 190 إقتصاد عالمي. أوضح في حديث ل«الشعب» أن هذا التصنيف المتدني قد استند لعدد من المبررات أهمها طول الإجراءات الإدارية الخاصة بإطلاق المشاريع الجديدة، ضعف المنظومة البنكية والمالية وصعوبة الحصول على تمويل المشاريع بسبب ثقل الضمانات المطلوبة وغياب البدائل التمويلية وطول فترة دراسة ملفات القروض، هذا على الرغم من المجهودات الكبيرة التي تبذلها الدولة في مجال تشجيع المقاولاتية وما قدمته الدولة في إطار هيئات الدعم المتخصصة والعديد من التسهيلات الجبائية للمستثمرين في مناطق الجنوب والهضاب العليا. وبرأيه محمد فإن العديد من المؤشرات الواقعية وراء النتائج المحققة والتي كانت بعيدة المستوى عما هو مطلوب لعوامل عديدة أهمها ضعف التوجيه في المقاولاتية وغياب روح المقاولاتية لدى الشباب لعدة أسباب، منها سياسة الدعم الاجتماعي التي جعلت الفرد الجزائري ما زال يفكر بمنطق الاقتصاد الاشتراكي أي أن الدولة هي التي تنشئ المؤسسات وتوفر العمل، مما أدى إلى اتكال الشاب الجزائري على الدولة بشكل كبير، ضف إلى ذلك سياسة التعليم التي لا تكوّن أفرادا قادرين على أخذ المبادرة وتحمّل المسؤولية، وهي جميعها أسباب يشترك في تحمل تبعاتها المواطن الذي لابد أن يأخذ بزمام المبادرة المقاولاتية ويكون على درجة أكبر من الوعي بأهمية مساهمته في الاقتصاد الوطني من جهة، بالإضافة إلى ضرورة اجتهاد ممثلي أجهزة الدولة من أجل دعم مثل هذه المبادرات ومرافقتها عبر السعي والعمل على خلق مناخ ملائم لتشجيع الاستثمار والأعمال في الجزائر. مدير دار المقاولاتية أشار إلى انخفاض مستويات الإقبال على إنشاء المشاريع والمؤسسات الصغيرة في إطار لونساج وكناك في ولاية ورقلة كمثال، والذي رغم دعم معدلات الفائدة فيها ظلت نسبة مشاريع الشباب تسجل انخفاضا فيها خاصة بعد تجميد بعض النشاطات المتشبعة كالنقل وكراء المعدات وأوضح أنه وعلى الرغم من أن ذلك كان نتاج وضع عام، إلا أنه يرجع أيضا إلى الضعف الكبير في التوجية نحو المقاولاتية، بسبب رغبة العديد من الشباب في العمل بالشركات البترولية المتواجدة في منطقة حاسي مسعود بالرغم من وجود آفاق واسعة، بالإضافة إلى العديد من النماذج الناجحة في الاستثمار في القطاع الفلاحي، خاصة في ظل دعم الدولة لهذا القطاع، مشيرا إلى أهمية التركيز على الاستثمار الفلاحي والصناعات الغذائية بالإضافة إلى الحرف والصناعة التقليدية والسياحة في هذه الولاية التي تقدم فرصا كبيرة للاستثمار، بحسبه، كما أن العديد من المجالات فيها مفتوحة، كما يستدعي النهوض باقتصادها المحلي من أجل المساهمة في الرفع من الاقتصاد الوطني وجود استراتيجيات قطاعية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات وإمكانيات كل منطقة. اعتبر الدكتور قوجيل أنه لابد اليوم من التركيز أولا على إصلاح منظومة التعليم وتحسين مناخ الاستثمار وإعادة النظر في سياسة الدعم وتركيز الدولة على تنظيم الأسواق ومراقبتها والتحكم في الأسواق غير الرسمية واهتمام هيئات الدعم على المرافقة والتكوين والمتابعة الصارمة للمشاريع الجديدة، بهدف ترقية المقاولاتية والخروج بعدد أكبر من المشاريع الناجحة، مشيرا إلى أن وزارة التعليم العالي عملت في السنوات الأخيرة على وضع استراتيجيات خاصة بدعم الفكر المقاولاتي في الوسط الجامعي من خلال إدراج مقياس المقاولاتية في برامج التدريس في الجامعة وإنشاء دور المقاولاتية في مختلف جامعات الوطن مهمتها تحسيس الطلبة بأهمية التوجه إلى هذا المجال وتكوين ودعم ومرافقة أصحاب الأفكار المبدعة في إنشاء مشاريعهم بالتعاون مع مختلف هيئات الدعم كالوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب ومشتلة المؤسسات وعبر الشركاء الإقتصاديين من رجال أعمال ومختلف الهيئات الفاعلة.