وضع بيان السياسة العامة للحكومة حصيلة من الأرقام والمؤشرات المثيرة للانتباه أمام الرأي العام ملوحا بأفق واعد إذا ما التزمت كافة الأطراف المعنية بتطبيق البرنامج التنموي الخماسي الممتد إلى غاية سنة 2014 والذي رصدت له الدولة 21 ألف مليار دينار ما يعادل 286 مليار دولار لانجاز منظومة متكاملة ومندمجة من المشاريع في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية ضمن استكمال المسار التنموي للبلاد نحو بلوغ أهداف اقتصادية في العمق بإرساء اقتصاد بديل للبترول والغاز بما يضع البلاد في مأمن من تقلبات الأسواق العالمية للمحروقات التي تخضع لحسابات القوى المتحكمة بالاقتصاد العالمي خاصة البورصات التي تخلط حسابات البلدان النامية والناشئة. ويمثل الفساد بكل أشكاله من اختلاس وتبديد وتهريب للمال العام وسوء تقدير لتكلفة المشاريع خاصة القاعدية والفاتورة الباهظة لعدم استكمالها في آجالها ورداءة الدراسات الفنية الخاصة بها ولا عقلانية استثمار الأموال العامة وممتلكات المجموعة الوطنية بما فيها الأراضي الزراعية والموارد السياحية إلى جانب التلاعب بالصفقات العمومية والتحايل على قواعدها القانونية احد أوجه تحديات المرحلة القادمة التي تقتضي من كافة الأطراف المتدخلة في هذا الشأن المصيري مضاعفة الجهود ذات الصلة بالجدية في الأداء والاحتراس من محيط اختلط فيه الحابل بالنابل بفعل تسلل متعاملين مزيفين إلى ساحة الاستثمار على غرار ما حصل في المدة الأخيرة من فضائح لا ينبغي أن يستغلها المشككون لتثبيط العزائم وكبح جماح المبادرة الوطنية التي يترصد لها أعداء النهوض بالأوضاع العامة للبلاد بعد أن عرفت كيف تطوي صفحة الماضي وتدفع بالمجموعة الوطنية إلى جبهة التنمية وتحسين وتيرة الأداء للتعامل بندية احترافية مع واقع التنافسية الإقليمية والعالمية. وفي ظل هذا التوجه يقع على عاتق المنظومة البنكية واجب مواكبة التحولات الساسية باتجاه صياغة اقتصاد سوق اجتماعي يرتكز على المبادرة نحو تمويل المشاريع للقطاعين العام والخاص النزيه ولو في الحد الأدنى وإحكام القبضة الرقابية على طرق التمويل واسترجاع القروض من خلال السهر على قوة الضمانات التي ينبغي للمتعاملين المستفيدين تقديمها ومن ثمة تامين البنوك التجارية من مخاطر التعرض للاحتيال واللصوصية وهي مظاهر ألحقت أضرارا جسيمة بالمنظومة المصرفية العمومية مما يدفع إلى إثارة سؤال جوهري بعلامة استفهام كبرى بشان الأدوار الاحترازية التي يفترض أن يقوم بها بنك الجزائر لمراقبة منتظمة لحركة رؤوس الأموال وهو الذي يملك من الصلاحيات والوسائل ما يجعله يؤدي مهامه كاملة ناهيك عن الأدوات التي توفرها السلطات العمومية لذلك. وبموازاة مختلف أشكال اليقظة والحذر حول المال العام وهو رأسمال المجموعة الوطنية يفترض أن تبادر القطاعات الاقتصادية في حركية مندمجة تتوافق مع خارطة الطريق للبرنامج التنموي الخماسي لانجاز الأهداف المسطرة وبالذات تلك التي تتعلق بالتنمية خارج المحروقات لإقحامها في دواليب النظام الاقتصادي حتى تكون بحق موردا للنمو وإنتاج القيمة المضافة التي تضع الإنسان في واجهة التحولات. ومن القطاعات المحورية التي يراهن عليها الفلاحة والسياحة والصيد البحري والصناعة والتكنولوجيات المتقدمة والأدوية والبحث العلمي العقلاني بمعنى الذي يكون له جدوى اقتصادية وهي كلها جذابة ومضمونة الربح ولا تتطلب سوى مبادرة تشاركية محلية وأجنبية وفقا للقوانين السارية التي جاءت لتقطع الطريق على متعاملين تسللوا إلى السوق الجزائرية في ظرف معين ومارسوا تحايلا مفضوحا سرعان ما انكشف مثلما حصل من جانب احد المتعاملين المحسوبين على الاستثمار العربي حينما قام ببيع مصنع للإسمنت بالمسيلة لمتعامل أجنبي بغير وجه حق ناهيك عن التهرب الجبائي قبل أن يسقط عنه القناع.