ما يسمى اليوم «بالحركة الديمقراطية والتغيير» التي هي بصدد جمع التوقيعات عبر صحف معينة ما هي الا من بقايا التسعينات الذين يريدون ركوب موجة احداث الشغب والتخريب الأخيرة التي شهدتها البعض من ولايات الوطن. هؤلاء الذين يدعون التحلي «بالعبقرية» في الفهم السياسي.. هم الذين اوصلوا البلاد الى الازمة الأمنية التي عاشتها طيلة عشرية كاملة، عندما اطلقوا العنان لطروحاتهم المتطرفة التي ترفض الجزائري الآخر، وحتى اقصائه كلية من المشاركة في اي مسعى وطني. كل المبادرات السياسية الخيرة التي كانت معروضة في بداية الازمة الامنية رفضوها رفضا مطلقا، ومن كان يتفوه بكلمة «حوار» يصنف في خانة من الخانات التي كانوا يرددونها آنذاك.. وتحفظوا على قانون الرحمة ومنعوا استعمال مصطلح «المأساة الوطنية» حتى اضطر الكثير من السياسيين الى سحبها من مضمون خطاباتهم. بعد حوالي 21 سنة يريد هؤلاء العودة بقوة الى الساحة السياسية، بعد استتباب الامن وانتشار التنمية في ربوع هذا الوطن، لتكسير كل هذه الوثبة الوطنية، ولا يعقل ان يترك المجال مفتوحا لهؤلاء حتى يعيدوا الوطن الى نقطة الصفر، كما لا يقبل احرار هذا البلد الذين اكتووا بنار الارهاب ان يتولى هؤلاء زمام المبادرة في الجزائر من أجل اغراض دنيئة واهداف تافهة لا تتعدى رؤية ضيقة جدا. نحن اليوم لسنا في التسعينات ومن يعتقد ذلك فقد أخطأ في تقديراته، وعليه مراجعة حساباته، فالشعب الجزائري ليس مستعدا للسير في طريق المجهول او يتبنى مبدأ المغامرة الذي تعتمده اوساط معروفة منذ التسعينات كانت تستغل الفرص، وتقتنص المناسبات قصد بث سمومها الهالكة في جسم هذا الوطن. الجزائر اليوم استعادت استقرارها بفضل الشعور العميق والقناعة الراسخة المتواجدة لدى الشرفاء في هذا الوطن الذين رفضوا ان تتواصل هذه الفتنة الى يوم الدين عقب ما حدث طيلة هذه الفترة. والاكثر من هذا احداث تنسيق محكم بين هذا الاستقرار والتنمية الوطنية الشاملة التي تعرفها البلاد منذ امد لتحويل كل هذا الوطن الى ورشة واسعة للبناء والتشييد، وهذا بالفعل ما سجل حتى الآن فقد استدركت البلاد تأخرا لعشرات من السنوات اي منذ ال 80. لا يحق اليوم لهؤلاء ان يلبسوا عبادة الامس التي كلفتنا متاعب كبيرة، ويظهرون بمظهر العارفين بخبايا السياسة، لقد فشلوا فشلا ذريعا في انقاذ الوطن من براثن الارهاب، ولم يقدموا اي حل ملموس ما عدا التفلسف في مجال الديمقراطية، وتناسوا ان الوطن كان يغرق في وقتهم دون ان يساهموا في جره الى بر الأمان. انها حقائق التسعينات لا بد من ذكرها حتى وان كانت قاسية احيانا، لانه لا يسمح بالعودة الى التلاعبات بمصير البلاد من قبل حفنة تدعي ان لها مطالب اجتماعية الا انها مغلفة بالطابع السياسي ، بالاضافة الى انها غير معتمدة لا يحق لها النشاط على الساحة الوطنية. الجزائريون ليسوا اغبياء، ولا يوقعون ابدا معهم، لانهم يعرفون اين هم ذاهبون، من اجل تعطل مصالح المواطنين باسم الديمقراطية ولا ندري ماذا يقصد بتلك الشعارات التي لا اساس لها من الصحة في الواقع بقدر ما هي لايهام الناس بمسعى زائف وبالقاء نظرة اولية على الأسماء التي وقعت على ما يسمى بأرضية المطالب تجدهم ينتمون الى أحزاب مجهرية ليس لها اي صدى شعبي، في كل الانتخابات لفظها الشعب الجزائري بقوة والقى بها الى هامش التاريخ، سيرفضهم هذا الشعب هذه المرة رفضا قاطعا وقويا لاخذ العبرة بأنهم لا يمثلونه ابدا.