دعا خبراء ومتعاملون شاركوا في ملتقى حول الضريبة سندا لحوكمة جيدة وأداة انسجام اجتماعي احتضنته أمس المدرسة العليا للضمان الاجتماعي إلى إدراج الإصلاح الضريب ضمن مسار الإصلاحات الاقتصادية تحقيقا لأهداف النمو. وبرز من خلال النقاش الذي تفرّع حول مسألة الضريبة بين الواقع والآفاق أهمية التكفل بمختلف جوانب المسألة حتى تجسّد الضريبة أهدافها الاقتصادية حول أداء ناجع للمؤسسة ومرونة أكثر من جانب المحيط خاصة الإداري منه. الدكتور لعميري عبد الحق الذي نظّم نقاش الندوة المنظمة من طرف المنتدى الجزائري للمواطنة والعصرنة أوضح أنه بالرغم من الجهود الجبارة التي بذلت على صعيد التنمية، فإنه لا تزال تتطلّب الكثير مرتكزا على مؤشرات مقارنة. فالناتج الداخلي الخام للجزائر الذي كان سنة 1963 في حدود 4.2 مليار دولار و3.5 مليار دولار لكوريا الجنوبية بلغ في سنة 2017 160 مليار دولار للجزائر و1500 مليار دولار لجوريا الجنوبية. وأشار إلى أن البلدان التي حقّقت تحولا عميقا مثل الصين وماليزيا وكوريا ارتكزت على عمل هيئة تنسيق تجمع الكفاءات البارزة أو الأدمغة تتولى مهمة تسطير الأهداف وتحديد منهجية تحقيقها. وفي هذا الإطار، تساءل متدخل عن سبب غياب هيئة للتخطيط الاستراتيجي تضع أهدافا لكل المتدخلين في الشأن الاقتصادي وتصغي للمتدخلين فيه بحيث تتضح الرؤية جيدا وفقا للإمكانات الموجودة ومنها المجال الضريبي الذي يحتاج إلى تنمية جهود النهوض به ليس كالتزام صارم وإنما كسلوك تقتدي به كل المؤسسات والمتعاملين وهو ما يتطلّب توسيع مساحة النقاش وتبسيط للإجراءات وفقا لمقاربة عمل جواري يتأكد من خلاله الخاضع للضريبة في مجال المال والأعمال، أن المستفيد الأول هو الفضاء الاقتصادي نفسه. وأضاف أن الدول الناشئة التي تجاوزت منعرج التحوّل هي تلك التي عرفت كيف توظف الكفاءات وتجنيدها حول أهداف ضمن تحرك منسجم ومتكامل للجهاز الاقتصادي، بحيث لا مجال عندها لتفرّد كل قطاع بالعمل وفقا لرؤيته الضيقة ونما بدمج التصورات وتلاقح الأفكار من أجل ابتكار الحلول المطلوبة وخاصة بتعزيز الروابط بين المؤسسة الاقتصادية والجامعة. وقدّم أمثلة ملموسة حول ذلك مثل البرازيل التي أنشأت وزارة لمكافحة البيروقراطية في بداية السبعينات وإخضاع الإدارة لمعايير اقتصادية ترتكز على أهداف، ولذلك يضيف أن التسيير بالأهداف هو الحل للمشاكل القائمة في السياحة الاقتصادية الوطنية والمحلية. وأشار من جانبه الأستاذ المحاضر بالمدرسة الوطنية للإدارة كديد عبد الرحمان وهو وال سابق متقاعد إلى أهمية العمل على صعيد مراجعة عمل المنظومة المصرفية من اجل تجنيد موارد إضافية لتنمية الادخار الوطني من خلال التوظيف الجيد لمعادلة نسب الفائدة، موضحا أنه يمكن تخفيض النسبة على القروض الاستثمارية للمؤسسات المنتجة ورفعها بالنسبة للودائع والمدخرات لتحفيز الإقبال على البنوك في ظلّ شحّ السيولة. وأضاف أن المؤسسة التي لا تستثمر لا تنمو بالضرورة، كما أن المؤسسة العمومية مطالبة بالاستثمار أكثر وعدم الاكتفاء بالعمل في الحد الأدنى قصد إنتاج القيمة المضافة وتحقيق الثروة خاصة وأن المجال مفتوح للمبادرة. من جانبها سجلت حداد ممثلة منتدى رؤساء المؤسسات، أن كل قطاع ينشط بمفرده، مما أحدث ضعفا في المشهد الكلي، خاصة على الصعيد المحلي، حيث لا تزال حسبها ممارسات بيروقراطية تعيق النشاط الاقتصادي. واعتبرت أن العلاج ليس في مزيد من تضخم النصوص وإنما في السهر عل تطبيقها مع الحرص على مكافحة الفساد والبيروقراطية للدفع بالتنمية المحلية بروح اقتصادية حقيقية تنتج الثروة وتوفر فرص العمل خاصة للشباب. وأكد متدخلون في سجل آخر على أهمية تحسين ظروف العاملين في قطاع الضرائب خاصة في ترقية النظام الإعلامي وتوفير الوسائل التي تساعد على تغطية مجال التحصيل الجبائي مع إضفاء الشفافية على الممارسات لتعزي جانب الثقة. ومن شأن مراجعة الضوابط الفنية للضرائب، بحيث كلما تقلصت ازداد الإقبال على تسديدها طوعا أن يعبد بناء المنظومة على أسس اقتصادية.