في إطار فعاليات صالون الجزائر الدولي للكتاب، احتضنت قاعة «الجزائر» أمس الأربعاء يوما دراسيا حول الأدب الأمازيغي، نظمته المحافظة السامية للأمازيغية ونشطه باحثون ومختصون من مختلف جهات الوطن. وتطرق المشاركون إلى مختلف المشاكل العلمية والميدانية التي تواجه ترقية الكتاب والإبداع بتمازيغت. قبل ذلك، تحدث سي الهاشمي عصاد الأمين العام للمحافظة عن تفعيل توزيع الكتاب الأمازيغي ومرافقة دور النشر، وإعادة بعث صالون الكتاب والملتيميديا بالبويرة. في كلمته التي افتتح بها اليوم الدراسي، قال الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية سي الهاشمي عصاد، إن الأمازيغية اليوم في حاجة إلى دعم كبير لتتألق أكثر على المستويين الوطني والدولي، لذلك «نحتاج إلى سياسة تحفيز ولا يمكن أن نكتفي بالرضا بهذا العدد القليل من الكتب والترجمات الذي أنجزته دور النشر الوطنية وخاصة العمومية منها»، يقول عصاد، مشيرا إلى كثرة الكتّاب الذين اعتمدوا الطبع الذاتي ولم يستفيدوا من أية إعانة «بالرغم من أن المرحلة مواتية والمؤسسات العمومية ملزمة بمواكبة أحكام الدستور الجديد». وثمّن عصّاد التوجيهات الأخيرة للوزير الأول أحمد أويحيى الذي أشار حين افتتاحه صالون الكتاب إلى «إشكالية تسويق الكتاب الأمازيغي والقطيعة نهائيا مع التوزيع المجاني». كما رجع عصاد إلى رسالة رئيس الجمهورية الأخيرة بمناسبة ذكرى اندلاع ثورة نوفمبر، مقتبسا مقطعا منها جاء فيه أن تعديل الدستور «عزز حقوق المواطنين وحقوق المرأة، بصفة خاصة، ومكونات الهوية الوطنية ولا سيما منها اللغة الأمازيغية المشتركة بين جميع الجزائريين والجزائريات». كما قال في مقطع آخر «علينا أيضا بذل المزيد من الجهد من أجل الحفاظ على هويتنا وجزائريتنا في عالم يتميز بالهيمنة الثقافية، عالم يجب أن يتفتح عليه وطننا ويجب على شعبنا كذلك أن يبقى فيه متشبعا، على الدوام، بجميع قيمه ومراجعه». واعتبر عصاد في كلمته أن تأدية المحافظة السامية للأمازيغية لمهمتها «مرتبطة بتوفير الشروط العلمية لترقية الأمازيغية» وتكون وفق علاقة «تكامل وتنسيق بين هذه الهيئة والمجمع الجزائري للغة الأمازيغية». وتحدث عصاد عن خارطة طريق جديدة تستند إلى نتائج الخبراء والعمل البراغماتي التشاوري والتنسيقي مع كل القطاعات بعيدا عن الديماغوجية، مؤكدا على ضرورة العمل من أجل الحفاظ على الأمن الهوياتي. من جهته، قدم بوجمعة أزيري إشكالية اليوم الدراسي، التي تتمحور حول تقديم نظرة شاملة على الأدب الأمازيغي بكل متغيرات اللغة الأمازيغية، كما تتطرق إلى العلاقة الجدلية بين اللغة والأدب، فكلما كان الأدب راقيا يرقى معه الإبداع وتوظيف اللغة، وكلما كانت اللغة راقية سمحت بإنتاج أدب في المستوى المطلوب. وفي المائدة المستديرة الأولى حول «بانوراما الأدب الأمازيغي عبر مختلف المتغيرات الجهوية»، التي ترأسها الدكتور محند زردومي، قدم الكاتب والباحث في اللغة الأمازيغية محمد صالح أونيسي من خنشلة، نظرة عن الأدب الأمازيغي في الأوراس، في الفترة الممتدة من تسعينيات القرن الماضي إلى يومنا هذا. أما طاهر عبو من جامعة أدرار فتطرق إلى الأدب الأمازيغي بالزناتية في منطقة قورارة. من جهته، قال عبد الله صديقي الباحث في مجال اللغة الأمازيغية بتمنراست إن الأدب التارقي ليس مكتوبا ونوه بالأديب الليبي إبراهيم الكوني واعتبره كنزا للثقافة التارقية. فيما نوه بشير عجرود المترجم الأدبي من باتنة بدور ومجهودات مولود معمري. أما الكاتب إبراهيم تازاغارت من بجاية فتحدث عن الأجناس الأدبية في النشر بالأمازيغية. أما المائدة المستديرة الثانية، التي تمحورت حول البحث في الأدب الأمازيغي وتامازيغت، وأدارها الدكتور سعيد شماخ، فقد شهدت مشاركة ثلاث باحثات من جامعة بويرة، هنّ زينة حمومي ونوال معوشي، وعلجية مزواري، هذه الأخيرة تطرقت إلى تاريخ الأدب الأمازيغي، فيما تحدثت تيللي بلال من جامعة بجاية إلى وضع الرواية القبائلية، وكل من محند أورمضان لعراب وجمال لاسب إلى إشكالية توزيع الكتاب الأمازيغي. عصاد: حل إشكالية كتابة الأمازيغية هي مهمة الأكاديمية على هامش اليوم الدراسي، أكد سي الهاشمي عصاد للصحافة الوطنية أن المحافظة السامية للأمازيغية تسجل منذ 2013 حضورا سنويا نوعيا في صالون الكتاب، وقد حضرت السنة الماضية ب34 عنوانا وهذه السنة ب14 عنوانا، كما تحدث عن اعتماد النشر المشترك للتمكن من توزيع الكتاب الأمازيغي، والتعامل أكثر مع الوكالة الوطنية للنشر والإشهار (للنشر الأدبي) والمؤسسة الوطنية للفنون المطبعية (لنشر أعمال الملتقيات) وديوان المطبوعات الجامعية (لنشر الأعمال العلمية والجامعية). «بداية من 2019 يجب توسيع الكتاب الأمازيغي ليشمل كل الأجناس الأدبية والإنتاج العلمي بالأمازيغية»، يقول عصاد، إضافة إلى التعامل مع دور النشر الخاصة اعتمادا على دفتر شروط، كما تحدث عصاد عن اهتمام المحافظة بالترجمة من الأمازيغية وإليها، خاصة وأن إقامات الكتاب والترجمة صارت تظاهرة قارة سنوية منذ 2014: «هذه السنة طلبنا من محافظة صالون الكتابة اقتراح أسماء كتاب للمشاركة في الترجمة مع ضرورة الاتفاق مع دور النشر حول حقوق التأليف، إضافة إلى العمل على نشر الصيغة الرقمية والصوتية للكتاب الأمازيغي». واعتبر عصاد أن الأهم هو إنتاج نصوص بالأمازيغية، كما يجب تشجيع المتغيرات ال13 للأمازيغية عبر التراب الوطني، وهناك خلية اشتغلت منذ سنتين على حروف كتابة تيفيناغ، فيما ستتكفل الأكاديمية بمسألة كتابة الأمازيغية واختيار الكتابة المناسبة. وحسب محدثنا فإن ما لاحظته المحافظة السامية للأمازيغية هو أن الكتاب الأمازيغي لم ينل بعد اهتمام دور النشر، ويجب مرافقة دور النشر التي غامرت ونشرت الكتاب الأمازيغي، ومن سيشتري هذا الكتاب هم المؤسسات التربوية والمكتبات والتظاهرات الثقافية التي يجب أن تخصص حيزا للكتاب بتمازيغت. كما يجب على الكتاب الأمازيغي أن يجد مكانه في سلسلة صناعة الكتاب في الجزائر، ويجب أن يكون في حلة راقية وفي مختلف المتغيرات وطرق الكتابة ومختلف الأجناس الأدبية وكذلك الكتاب العلمي وكتاب الشباب والكتاب بالبراي لفئة المكفوفين، يؤكد الأمين العام للمحافظة. سألنا عصاد عن مدى وجود تعاون مع دول أخرى، فأجاب بأن المحافظة بدأت باتفاقات تعاون مع مراكز بحث بالجزائر، «قبل شهرين وقعنا اتفاقية مع جامعة الواد، إلى جانب جامعة عنابة، والأقسام الأربعة للثقافة الأمازيغية، إلى جانب مراكز خارج الجزائر حيث ينشط مغتربون جزائريون ولكن أيضا مع الدول الجارة، وقد قمنا بخطوة أولى مع المؤسسة الأوروعربية للدراسات العليا بغرناطة». أما عن صالون للكتاب والملتيميديا بالأمازيغية ببويرة فقد كانت المحافظة السامية للأمازيغية تنظمه سنويا منذ 2003، ولكنها توقفت عن ذلك سنة 2009 بمجرد أن أعلنت وزارة الثقافة حينها عن ترسيم صالون للكتاب الأمازيغي، «ولكن منذ ثلاث سنوات لم تنظم أي تظاهرة ببويرة، وواجبنا مرافقة هذه المبادرة لأنها أصلا مبادرتها، وسنعيد بعث هذه التظاهرة من جديد السنة المقبلة 2019»، يؤكد عصاد.