أكد الباحث الياباني ميتسيو يوشيدا المستشار الأول لدى الوكالة اليابانية للتعاون الدولي في مجال البيئة «جيكا»، أن الجزائر تواجه خطر بيئي كبير في وادي الحراش الذي أثبتت التحاليل التي أجريت على مياهه، انه يحوي على تركيز كبير وخطير لمادة الزئبق السامة ذات التأثير على المياه والصحة .مرة ثانية دق الباحث الياباني ميتسيو يوشيدا ناقوس الخطر فيما يتعلق الدرجة الكبيرة للتلوث الذي بلغها وادي الحراش المترامي الأطراف، نتيجة الكميات الهائلة لمادتي الكلور والزئبق التي تلقيها المصانع المتواجدة على مقربة منه، منها فرع من مجمع صيدال، شركة «جيباك» لصناعة الورق... وغيرها، علما انه سبق وأن تعرض إلى التدهور الكبير لنوعية المياه بهذا الواد سنة 2005 خلال ملتقى بنزل «سوفيتال » الذي غطته «الشعب». نفس التحذير ولكن بلغة أكثر شدة، جدد الباحث الياباني أمس خلال تنشيطه للندوة التي نظمت بمركز «الشعب» للدراسات الاستراتيجية انشغاله لتفاقم ظاهرة التلوث التي بلغتها مياه واد الحراش، التي تستقبل يوميا كميات هائلة من السوائل الكيميائية التي تطرحها المصانع المجاورة له، مبرزا بان الجزائر قد أدركت هذا الخطر، وقد وضعت قوانين للحفاظ على البيئة منها إقرار ضريبة على الملوثين من أصحاب المؤسسات، وهو شيء ايجابي إلا أن ما ينقص هو الجانب التطبيقي لهذه القوانين، والدليل تأخر تطبيق المشروع المتعلق بتطهير وادي الحراش الذي سينطلق في غضون السنة الجارية. وذكر المتحدث بان مجال التعاون الجزائري -الياباني في مجال الحفاظ على البيئة، قد شرع فيه منذ سنة 2003، أما فيما يتعلق بإشكالية واد الحراش فان الوكالة التي يعمل فيها بصفته مستشار أول، بدأت العمل في هذا الإطار منذ 2005، مع الديوان الوطني للبيئة والتنمية المستدامة «اونيد». ومن خلال حديثه أكد الباحث ميتسو يوشيدا على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للتقليل من حدة التلوث الذي بلغ ذروته القصوى بواد الحراش، وقد طلب بغلق مصنعين لم يذكر اسميهما، اللذان يعتبران من أهم المساهمين في ارتفاع مادة الزئبق، كما اقترح تحويل مصانع إلى مناطق بعيدة وهذا يكلف اقل بكثير من معالجة المياه التي تتطلب بالإضافة إلى القيمة المالية البحث والخبرة. وبالنسبة للمتحدث فان «جيكا» قامت بتحليل عدة عينات من واد الحراش في مخابر متخصصة باليابان، وقد توصلت إلى نتائج هامة وخطيرة، التي أثبتت أن تركيز الزئبق قد بلغ 100 «بي،بي،ام» وهي أقصى ذروة للتلوث بهذه المادة الخطيرة على الصحة، موضحا بأن هناك ثلاث حالات للزئبق: الزئبق الحديدي، الزئبق غير العضوي والعضوي، ويمثل هذا الأخير اخطر الأنواع، وهو ينتج عن طريق البكتيريا، مشيرا إلى أن الوكالة اليابانية قدمت الوسائل الضرورية للمخبر المختص في تحليل العينات السائلة المتواجد ببن عكنون وهو ما يمثل احد أوجه التعاون. وأضاف المتحدث بان واد الحراش لا يحوي على الزئبق كمادة ملوثة سامة خطيرة وإنما به مواد أخرى كالمعادن الثقيلة الكلور الذي يمثل ثاني اخطر مادة بعد الزئبق من حيث التركيز بواد الحراش. هذه النسبة العالية من التلوث التي سجلت بواد الحراش، جعلت وكالة «جيكا» تجري تحليلات على عينات من مياه البحر على مستوى عدة نقاط من الساحل العاصمي، إلا أن النتائج كانت عادية، وأكدت بان المواد السامة موجودة بكميات مقبولة، ولا تشكل خطورة على الأحياء البحرية، مشيرا أن الزئبق الموجود في البحر ينتقل الى الإنسان عن طريق الأسماك التي يتناولها، وقد تؤدي به إلى الإصابة بأمراض خطيرة على مستوى الدماغ. وقد اعلن المتحدث بان وكالة «جيكا» ستشارك في الملتقى الدولي الذي تنظمه وزارة تهيئة الاقليم والبيئة يومي 19 و20 من الشهر الجاري، لعرض حوصلة ما تم انجازه في مجال تسيير التلوث في الجزائر.