هو ليس عنوانا لاستمالة قرائنا وإثارة فضولهم و الصورة المرفقة بعيدة كل البعد عما قد يعزى للتركيب أو الفبركة، بل هي حقيقة يدركها الكثيرون ممن يعرفون «خولة ظريف» 19 ربيعا، أو «الفتاة المعجزة» القاطنة ببلدية فلفلة بولاية سكيكدة و التي تستخدم فعلا فمها لمسك القلم للكتابة، فأضحت بحق نموذجا يحتدى به ومثلا يضرب في قوة الإرادة والتحدي. تفاصيل قصة بطلتنا الشابة الخلوقة المفعمة بالطموح، تعود إلى أشهر فطامها حين شاءت الأقدار أن تصاب بشلل في أطرافها لم يجد الأطباء وقتها تفسيرا له، رغم محاولات الأهل المتكررة طرق أبواب المستشفيات و الأطباء. لتبدأ رحلة المعاناة التي تكبلت أم خولة القسط الأكبر منها، كيف لا و هي من تطعمها و تغير ملابسها و تتكفل بكل تفاصيل حياتها اليومية حسب ما أعربت عنه «للشعب» كما سعت طيلة عقدين على مواساة ابنتها و تشجيعها و غرس الثقة في نفسها لمواجهة المجتمع و نظراته التي لا ترحم، لتخرج الطفلة خولة في عمر السابعة و تلج معترك الحياة الاجتماعية و المدرسية مبتكرة طريقة لايفقهها أحد على الإطلاق ألا و هي الكتابة بفمها بخط واضح و جميل. في البداية كان الأمر في غاية الغرابة بالنسبة للجميع حسب ما روت والدة «خولة»، سواء في المدرسة أم في الوسط العائلي، لينقلب الوضع 180 درجة مع توالي السنوات، فبعد أن كانت نظرات الشفقة والرأفة ترشق في قلبها تاركة جروحا بليغة، أضحت الأصابع تشير إلى خولة على أنها نموذج للتفوق و النجاح و التحدي بالنظر للنتائج الجد مشرفة التي حققتها طيلة الأطوار التعليمية التي اجتازتها حتى اليوم، فقد انتقلت خولة من الطور الابتدائي إلى المتوسط بمعدل 15,59، وبلغ معدلها في السنة الثانية متوسط على سبيل المثال لا الحصر18,05، لتتصدر الفتاة المعجزة المحافل التكريمية، لكن شغلها الشاغل هي و عائلتها و الحلم الذي يراودها هو تلقي العلاج و الامتثال للشفاء بغية مواصلة حياتها على غرار بقية أترابها، سيما و أن الأطباء أعطوها مؤخرا بشرى سارة مفادها أن خولة يمكنها فعلا الشفاء من مرضها إذا عولجت خارج الوطن، وهنا مربط الفرس حسب والدتها، فكيف لرب عائلة متكونة من سبعة أفراد و بماهية محدودة، أن يقدر على تغطية تكاليف سفر و إقامة و علاج ابنته في الخارج و في ظل غلاء المعيشة و الذي لسنا بصدد مناقشته. لذا تأمل أم خولة من منبر «الشعب» أن يصل صدى ابنتها إلى كل من يحمل في قلبه ذرة إيمان و رحمة لمساعدتها حتى تتمكن من تلقي العلاج، قصد إراحة فكر «الفتاة المعجزة» الذي انشطر هذا العام إلى شطرين، و بات همها همين، هم الباكالوريا و التي لا يفصلها عنها سوى بضعة أيام، و هم العلاج و تكاليفه و الذي أضحى ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى، لاستكمال طموحها و ما بدأته طيلة اثنتي عشرة عاما من الجد و الكد و الجهد الجهيد، فرغبة خولة و أمنيتها بعد نيل شهادة الباكالوريا بإذن المولى، هي ولوج عالم الجامعة و دراسة الصيدلة. وهنا يقع الإشكال الأكبر حسب ذويها، فمن سيعيل خولة إذا التحقت برحاب الجامعة، فوالدتها لا يسعها أن تظل لسيقة بها أو تقيم معها بالحي الجامعي. انشغال يطرح نفسه نحيله إلى الهيئات الوصية و مسؤوليها عساهم يحركون ساكنا و يلتفتون إلى هذه الفتاة المفعمة بالحماس و الطموح، و التي حققت ما عجز عنه أترابها من الأصحاء والمترفين. و على أمل أن يلقى نداؤها صداه و أن لا تظل الوعود التي سمعتها مرارا حبيسة الأفواه، تبقى معجزة روسيكادا تكابد وتصارع المعاناة، تأكل و تكتب بفمها.