سجلت الجزائر خلال الشهر الجاري وقفة احتجاجية لمجموعة من الفنانين الجزائريين رفعوا خلالها مجموعة من المطالب التي تنادي بضروة احترام الفنان، وتوفير الظروف المناسبة له حتى يتمكن من ابراز عطاءاته الفنية وتقديم الأفضل للانتاج الجزائري عله يتمكن في يوم ما من منافسة الانتاج العربي.. الوقفة الاحتجاجية ما هي إلا دليل على معاناة الفنان الجزائري الذي خرج عن صمته ليصرخ بأعلى صوته “بركات من الحقرة والمعاناة”، حاملا لافتات سيبقى مبنى بشطارزي شاهدا عليها ما لم تأخد مطالبه في الحسبان، سيما في غياب قانون يحمي مسارهم الفني، حيث سئموا من المطالبة بتحريره وبقاءه حبيس أدراج وزارة الثقافة إلى أجل غير مسمى. “لا للتهميش نعم للكفاءات” فنانون جزائريون كانوا في وقتهم المحدد ونفذوا وعيدهم بتنظيم وقفة احتجاجية تزامنا وافتتاح المهرجان الدولي للمسرح المحترف حتى يشهد العالم العربي مأساة الفنان الجزائري، أين شهد مبنى محي الدين بشطارزي تجمهرا لمجموعة من الفنانين أمثال فاطمة حليلو، كمال بوعكاز، فريد الروكر، مصطفى لعريبي وما يقارب ال50 فنانا حملوا لافتات من بينها “120 مهرجان والفنان مازال مهان”، “آن الأوان لمشروع قانون الفنان”، “لا للتهميش نعم للكفاءات”.. وهي الشعارات التي تلخص معاناة الفنان في عقر داره، والتهميش الذي ما زال يعيشه، متخوفين من أن يعيشوا مصير العديد من الفنانين الجزائريين الذي قدموا النفس والنفيس للجزائر وللتلفزيون الجزائري، لكنهم وجدوا أنفسهم بعد أن أكل الدهر وشرب عليهم في طي النسيان، يعانون العزلة، ويواجهون مصيرهم بمفردهم ليغادر أغلبهم الحياة دون التفاتة من السلطات المعنية. “وقفة احتجاجية تعبر عن معاناة الفنان” الفنانون في وقفتهم الاجتاجية لم يطالبو إلا بحقوقهم الشرعية، ورفعوا مجموعة من المطالب التي تحمي حقوقهم، حيث طالبوا بوضع مشروع تمهيدي لقانون الفنان المتواجد حبيس أدراج وزارة الثقافة منذ 20 سنة، داعين إلى إشرك فيه كامل الكفاءات الفنية “بدون إقصاء”، منادين بضرورة تحريره حتى يضمن حقوق الفنان سيما منهم المنسيين، وحماية الفن من المتطفلين الذين لا هم لهم سوى الاسترزاق من أموال الفنانين. كما طالب الفنانون بتحسين أجور مختلف الفنانين من موسيقيين ومطربين وممثلين، وموزعين مؤكدين حسب بيان تلقت الشعب نسخة منه أن هذه الأجور مقارنة بالفنان الأجنبي تمثل إهانة للفنان الجزائري كون متوسط الأجر الذي يتقاضاه لا يتعدى 15 ألف دج. ونادى الفنانون بضرورة إعادة النظر في اختيار الفنانين الأجانب الذين يديرون المشاريع الفنية الكبرى بميزانيات مبالغ فيها، داعين إلى ضرورة فتح الباب أمام الكفاءات وحاملي الشهادات العليا والمتخرجين من المعاهد الفنية. وحمل البيان تنديد الفنانين المحتجين بالوضعية المزرية التي آل إليها أبي الفنون في الجزائر بسب سوء التسيير والرداءة ناهيك عن تبديد المال العام، مشددين أيضا على ضرورة إعادة النظر في كيفية تسيير المسارح الجهوية وتغيير مدرائها، حتى ترقى بدورها إلى المستوى المطلوب. كما دعت حركة الفنانين الجزائريين والمبدعين الأحرار إلى إعادة النظر في طريقة تسيير المهرجانات الكبرى التي أضحت حسب البيان وسيلة للكسب السريع، في غياب لجنة فنية وتقنية تهتم بالجانب الجمالي والفني في اختيار المشاريع. “الفن رسالة وليس وسيلة للترفيه” وتبقى هذه جملة فقط من المطالب التي ينادى بها نخبة من الفنانين الجزائريين علها تجد أذانا صاغية تعيد الاعتبار لهاته الفئة، علهم بدورهم يعيدون الاعتبار للانتاج الجزائري الذي أضحى في الحضيض، إلا من بعض الأعمال التي تعد على أصابع اليد الواحدة، أنقذت الإنتاج الجزائري من المهازل التي أضحت تلاحقه، ليجد المشاهد الجزائري نفسه في رحلة البحث عن البديل في القنوات العربية والأجنبية، عله يجد ما يشفي غليله هروبا من الرداءة المكرسة في قنواتنا. فعلى المعنيين الاهتمام بهاته الفئة التي تلعب بفنها النبيل من التمثيل إلى الفن التشكيلي في حمل رسالة الوطن والنضال، وايصال انشغالات واهتمامات المواطنين، وتحقيق المطالب التي تضمن لهم العمل في ظروف تمكنهم من الابداع وخلف أفكار تسمو بالانتاج الجزائر إلى طليعة الانتاج العربي، حتى يضمن له مكانة في المحافل الدولية، ويعود إلى مستواه الذي عرف به في سنوات الستينيات والسبعينيات زمن محمد لخضر حمينة وجمال فزاز أين تمكنوا بفنهم من إيصال صوت الجزائر إلى ما وراء البحار. فالفن ليس وسيلة للترفيه وقضاء الوقت بل هو وسيلة من وسائل الاتصال ورسالة نبيلة، ونافذة للإطلالة على واقع المجتمعات، والفنان اليوم ليس بحاجة إلى يوم لتذكره فحسب وإنما بحاجة إلى من ينتشله من براثين المعاناة والتهميش.