إن ما يحدث في دولة ليبيا الشقيقة هو نفسه ما حدث من سيناريو في العراق الذي دمرته الحرب الطائفية، نظرا لكون ليبيا هي أيضا عبارة عن قبائل تتصارع فيما بينها بين معارض ومؤيد لنظام القذافي. وبالتالي جعلها لقمة صائغة في أيدي الدول الغربية التي تنتهز النزاعات الداخلية للدول النامية للانقضاض عليها ولا يهنئ لها بال حتى تجزئها إلى قسمين، ليسهل عليها التدخل. مثلما وقع في السودان الذي انقسم إلى السودان الجنوبي والسودان الشمالي بسبب ثرواتها الباطنية التي أسالت لعاب أمريكا وبقية الدول الغربية. والغريب في الأمر أن بعض الدول العربية لم تحفظ الدرس جيدا ولم تقرأ التاريخ الذي يعيد نفسه في كل مرة، كي تتوخى الحذر اتجاه ما يهددها من تكالب الدول العظمى الطامعة في ثرواتها وتسعى بكل الطرق إلى خلق النعرات الطائفية أو الدينية لتستخدمها كحجة للتدخل في شؤون تلك البلدان وتساومها على الحفاظ على الأمن والرضوخ لشروطها أو اختلاق حرب أهلية. هذا الطرح أكده الدكتور مصطفى سايج خلال مداخلته بندوة نقاش التي نظمت أمس بمركز «الشعب» للدراسات الاستراتيجية، قائلا أن «ما يحصل بليبا هو ما حدث بالعراق وان مصير القذافي يتوقف على الدول الغربية إن كان بقاءه فيه مصلحة لها، فتعمل جاهدة على إبقائه أما إن كان يهدد مصالحها فتقوم بتنحيته بطريقة أو بأخرى والضحية دائما تكون برك من دماء الأبرياء، سيما في ظل غياب مؤسسة قوية تضبط غليان الشارع الليبي» . وأوضح في هذا الشأن، الأستاذ الجامعي أن «الانتقال الديمقراطي لدى جارتنا لن يكون سهلا ويتطلب وقتا طويلا، كون هذا الانتقال له خصوصيته ونخبته وان هناك معاهد بالدول الغربية تدرس مفهوم الانتقال الديمقراطي». مشيرا إلى أن مؤيدي النظام القديم لن يتخلوا عن مصالحهم بسهولة حتى ولو رحل القذافي. واستنادا لتقديرات المحاضر فان بعض المؤشرات تؤكد فرضية تقسيم ليبيا إلى ثلاثة أقاليم كما قسمها الغرب في خريطتهم الجيوسياسية، وبالتالي «نكون أمام الدولة الفوضى أو الفاشلة وهذا هو السيناريو الحقيقي» قال د.سايج. وفي ذات المسألة أشار الدكتور الجامعي إلى أن حالة الفوضى بليبيا يمكن ربطها بالمد الإسلامي الجهادي، خاصة في ظل وجود السلاح بأيدي المعارضة ببنغازي مما يجعل الدول الغربية توظفه لزيادة حدة الصراع، ومن تم محاولة إضعاف دول المنطقة وتهديد سيادتها.