عادة جد سيّئة صارت تلازم أغلبية الفنانين العرب سواء أولئك الذين ينشطون على مستوى التمثيل السينمائي أو الغناء بمختلف طبوعه....وهي التوبة لله..مصرحين بذلك عبر عدة تغريدات أو إطلاقهم لِلحى أو لبوسهم للجبب أو الحجاب لدى النساء؟ا والغريب في الأمر أنهم لا يستطيعون بل يعجزوا أيما اعجاز عن الرد على تساؤلات متابيعهم، وهي هل يجوز لهم أن يفعلوا ذلك بكل سهولة وأريحية بعد أن جمعوا الثروة تلوى الأخرى، وشيدوا قصورا وفيلات وحازوا على أجهزة ومعدات ومركبات ما كانوا يحلمون بها..؟ هل كل هذه الوسائل والمعدات ستصبح حلالا ونظيفة المصدر في رمشة عين، أي بمجرد تصريح يتقدم به صاحبه؟ا ولو كان الأمر كذلك لذهب الجميع نفس المذهب، وصارات التوبة غاية بعدية تأتي بعد ارتكاب كل المعاصي وأكبرها على الإطلاق؟ا فأحد الفنانين في الجزائر بعد أن كدّس أموالا ضخمة لعدد من السنين من أوكار الملاهي والكباريهات، وأصبح رقما ماليا مُهما خارج وداخل الوطن، وهو من يحوز على عدة عقارات وسيارة آخر طراز، أعلن بدوره توبته لله، وراح يدعو في صفحته على شبكات التواصل الاجتماعي الجميع من أقرانه ممن لازالوا يعيشون في تيه وضغينة حسب كلامه، راح يدعوهم للكف عن الغناء داخل تلك الأوكار التي تربى هو فيها (وأن الأصح هو الطريق نحو الله، وكل المغريات الأخرى زائلة). والغريب في كل هذا أن أحد الدعاة سامحه الله عندما سأله أحد الشبان عن هذه الحالة قال بأنه على حق؟! ونحن كذلك نعلم بأنه على حق لكن الشاب كان يريد من الشيخ أن يجيبه عن مصير تلك الأموال والثروة التي جمعها من مفاسد إبليس؟ا هل سيواصل بها حياته بشكل عادِ..أم يزكي منها النصف أم ماذا؟ا الداعية ركّز إجابته على أن التوبة لله هي نور رباني يبعثه فيمن أحب سبحانه، وقد بدا هذا الداعية جد فرح بهذه التوبة، لكنه تحاشى إطلاق الأحكام، ربما بدافع خوف أو بدافع جهل. ومن هنا أردنا أن ننطلق من رأس الموضوع، وهو أن بعضا من الدعاة تنقصهم الدقة والتمحيص يوم لا يركزون على جواهر الأمور وجزئياتها، بحيث يناقشون الكليات دون الجوانب الأخرى، وهذا عين الخطأ. وضف الأمر نفسه مع مسائل أخرى مماثلة كقضايا الربا من عدمه حينما يلتجأ المرء نفسه للإستلاف من البنوك، وكذا شراء الأواني والأجهزة الكهرومنزلية بالتقسيط..فأنت ترى الكثير من الأمور الفقهية والنصوص واضحة في هذا الشأن، إلا أنهم يحاولون حتى لا نقول بطرق مراوغة أن يجدوا لها ثغرة أو بندا لجعلها حلالا محلالا، وهذا حسبنا يعود إلى نقص علمي في أرصدة هؤلاء المشايخ العلمية والدينية منها، لأن العالم الفقيه الذي يمكن أن تستند إليه مثل هذه الأمور وجب أن يكون ملما لجميع المذاهب الفقهية أو أن يطلق حكما فقهيا صريحا. والأكيد المؤكد أنه سيجد ذلك، وإن لم يجد فالمشكلة تكمن فيه وليس في تلك الحالة أو هذه ممّا بقينا نسمعه ونراه على أرض الواقع. قد يقول قائل بأن الشجاعة هي الغائب الأكبر عند هؤلاء الدعاة الكلاسيكيين، أي الذين تخرجوا من الزوايا فقط ولم يعملوا على تحسين مداركهم وقدراتهم لأجل توسيع معارفهم في هذه المعارف الملمة بجميع أمورات الحياة، لذلك فأنت تجد دائما وأبدا تضاربا في إطلاق الأحكام، لا لشيء سوى وجود تضارب صارخ في المستويات والتحاصيل العلمية، وصدق الله تعالى في قوله: {وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلا}.