«لا صوت يعلو فوق صوت الشعب» إنها العبارة البارزة في افتتاحية مجلة «الجيش» لشهر أفريل الجاري، تترجم بحق موقف المؤسسة العسكرية من تطورات الوضع في الجزائر والتداعيات المنجرة عن مسيرات سلمية بدأت يوم 22 فيفري الماضي مطالبة بالتغيير الجذري في النظام السياسي والإصلاحات الشاملة الكفيلة بإعادة الجزائر إلى سابق عهدها من الأنفة والقيمة والقوة والاعتبار مثلما وضع أسسها نوفمبر وأوصى به شهداء الحرية والوطن المفدى. هذا الموقف الذي عبرت عنه قيادة الجيش منذ بدء الحراك الشعبي وحرصت عليه في كل مناسبة وفرصة يؤكد بالدليل القاطع مدى الوفاء للقاعدة المقدسة والعلاقة الراسخة الثابتة التي لن تهتز تحت أي طارئ مهما كانت الظروف والأحوال. بل إنها تزداد متانة رافعة التحدي أمام كل صعوبة تعترض الجزائر.إنها العلامة البارزة في المعادلة الجيش الأمة وما تحمله من دلالة ومعنى. وما تتضمنه من رمزية في جزائر الماضي، الحاضر والمستقبل. وقد شدد عليها الفريق ڤايد صالح قائد الأركان واضعا حدا لكل محاولة لتشويه صورة الجيش وإحداث التناقض في علاقته مع الشعب الذي كان دوما إلى جانبه في السراء والضراء كاشفا أن مهامه الدستورية يؤديها بأقصى درجات المسؤولية والحزم. شدد عليها الفريق بالتأكيد الصريح عبر رسالة غير مشفرة «على الرابطة القوية النابضة بالحياة التي تشد الشعب لجيشه. ويشهد على قوتها ومتانتها التفاعل العاطفي الذي ما فتئ يعبر عن نفسه من خلال صور التضامن بين الشعب وجيشه أثناء المحن والملمات». مذكرا أن هذه الرابطة ستبقى دوما في كافة ربوع الوطن. من هذه الزاوية أعادت قيادة الجيش إلى الأذهان تلك الروابط القوية بين الجيش والشعب وعمق عراها وقوة دلالاتها عبر الأزمنة مستمدة صلابتها من مرجعية نوفمبر والرؤية الاستشرافية في مواجهة المتغيرات والتحديات التي تواجهها الجزائر وتنجح دوما في الخروج منها أكثر عزما على بناء الذات والتطور اعتمادا على استقلالية قرار وسيادية خيار وجبهة قوية ثنائية القطب المتلاحمة المتحدة ممثلة في الجيش والشعب. على هذا الدرب تخوض الجزائر تجربة أخرى في إدارة أزمة سياسية معتمدة على قدسية العلاقة جيش شعب التي ترجمها الحراك السلمي في الميدان بترديد العبارة» جيش شعب» خاوة خاوة. وقد وجدت هذه العبارة والهتافات المدوية طيلة سابع جمعة سلمية تجاوبا من القيادة العليا للجيش التي دعت إلى حل سياسي للأزمة في إطار الدستور بتطبيق المواد 7، 8 و102 للمرور بالجزائر إلى بر الأمان وتجاوز تكرار مآسي وتراجيديا دفعت من أجل تجاوزها تضحيات جسام. نؤكد على هذا بالعودة إلى وقت غير بعيد حيث لا زال اقتراح الفريق ڤايد صالح من الناحية العسكرية الرابعة راسخا في الأذهان بقوله:» يتعين بل يجب تبني حل يكفل الخروج من الأزمة ويستجيب للمطالب المشروعة للشعب الجزائري، وهو الحل الذي يضمن احترام أحكام الدستور واستمرارية سيادة الدولة، حل من شأنه تحقيق توافق رؤى الجميع ويكون مقبولا من كافة الأطراف، وهو الحل المنصوص عليه في الدستور في مادته 102». وأضاف الفريق إلى هذا الحل تفعيل المادتين 7 و8 اللتين تعتبران الشعب مصدر السيادة وأحق بإيجاد من يمثله في أي استحقاق وتغيير. وفي هذا التأكيد التزام آخر يقطعه الجيش على نفسه بتأدية مهامه الدستورية في الحفاظ على أمن واستقرار وطن دفع الغالي والنفيس في سبيل وحدته وسيادته. وفي هذا التأكيد تعهد آخر من الجيش بالحرص على مرافقة المرحلة الانتقالية بسلاسة وأمانة تمهد الأرضية لجمهورية جديدة انتفض الشعب سلميا من أجلها وأقسم أنه لن يتوقف عن مسيرته حتى تحقيقها.