تعتبر أخلاقيات وأدبيات مهنة الصحافة التي تضمنها مشروع قانون الإعلام العضوي الذي صادق عليه مجلس الوزراء مكسبا هاما سيصب في خانة توفير بيئة مناسبة للتحول إلى إعلام موضوعي ونزيه ومسؤول خال من الإثارة والتهويل والتزييف، بعد أن أظهرت التجربة الإعلامية منذ اطلاق التعددية في 1990 الكثير من الاختلالات والنقائص التي أعادت فكرة وضع هيئة خاصة باخلاقيات وادبيات الصحافة تضبط الممارسة وتضع حدا للتجاوزات خاصة في ظل التزام الدولة بالغاء مواد حبس الصحفي والتي تقتضي بالضرورة تحرك الأوساط الاعلامية لتنظيم نفسهم .ويأتي الإعلان عن تأسيس هيئة اخلاقيات وادبيات مهنة الصحافة بعد التجربة القاسية التي خاضها المجلس الأعلى لاخلاقيات المهنة برئاسة الصحفي القدير زوبير سويسي في ماي 2000 اين وجد صعوبات ومقاومة كبيرة في فرض مبادئ وأسس النزاهة في العمل الصحفي حيث رفضت الكثير من الوسائل الإعلامية الالتزام بقرارات المجلس مدعية بانها لم تشارك في الانتخابات الخاصة بالمجلس، كما ظهر اختلاف كبير بين الصحافة المعربة والمفرنسة والكثير من المشاكل الأخرى التي حالت دون نجاحه، ووصل الأمر في بعض الأحيان الى اتهامه بعرقلة العمل الصحفي والتضييق عليه في ظل انعدام مصادر الأخبار وقلتها وضعف التكوين لدى الصحفيين وانتشار المنافسة غير النزيهة بين العناوين. وعاشت الصحافة الوطنية بعد انشاء المجلس الأعلى لأخلاقيات المهنة ظروفا صعبة فبعد الانحرافات الكبيرة للممارسة المهنية على مستوى الصحافة المكتوبة في التسعينات وفشل المجلس هيئة أخلاقيات المهنة في تصحيح الاختلالات تم سن مواد جديدة في قانون العقوبات في جوان 2001 فرضت عقوبة الحبس في جنح القذف والسب والشتم، وهو ما أجج العلاقات بين الإعلام والسلطة وعرفت اروقة العدالة الكثير من المتابعات القضائية بسبب القذف والسب والشتم غير أنه وبعد 2004 هدأت الأمور نوعا ما وانطلقت الكثير من المبادرات لاطلاق مشاريع قوانين إعلام جديدة ومقترحات بإلغاء عقوبة حبس الصحفيين، من خلال اطلاق سلسلة من إجراءات العفو واطلاق تصريحات ايجابية بخصوص مستقبل حرية التعبير والصحافة في ظل التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي عرفتها بلادنا والتي سمحت للصحافة وخاصة المكتوبة منها من اكتساب وعي ونضج كبيرين، كان لها الأثر الايجابي في اقناع المشرعين باعداد قوانين جديدة تنظم المهنة أكثر. وأصبحت الكرة اليوم في مرمى الإعلاميين المطالبين بتنظيم أنفسهم واختيار الكفاءات المهنية والممثليين الحقيقيين في مجلس ستكون له الكثير من الأعباء خاصة اقناع الصحفيين بتفادي الكتابات غير المسؤولة ونشر أخبار غير مؤكدة وتجنب السب والشتم والقذف وهو الأمر الذي لن ولم يكن يسيرا في ظل تشعب الصحافة المكتوبة وتنوع الاتجاهات واعتماد الكثير من الصحف اليوم على الشائعات والمصادر غير المؤكدة والتي لا يرقى إليها الشك.